الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة الثورية القضية المركزية لثورة يناير

عدلي محمد احمد

2015 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


هل قدر ثورة يناير الشعبية الكبرى أن تقف عند حدود تحقيق بعض الحريات العامة والخاصة، والحقوق الإقتصادية والإجتماعية ـ كما تدعوا النخب الإنتهازية و كما يريد النظام الحاكم ـ في مجال العمل والأجر والسكن والتعليم والصحة للطبقات الشعبية، دون أن تفكر الثورة في الإستيلاء على السُلطة السياسية، لتقيم نظام إقصادي إجتماعى عادل يحقق مصالح العمال وباقى الكادحين والفقراء؟ ألم يسبقنا في هذا الطريق ثورات كبرى كالثورة الفرنسية والروسية والصينية والفيتنامية والكوبية وغيرها ونجحت فى الإطاحة بالسلطات والطبقات الحاكمة وجاءت بسلطات ثوربة جديدة. فإذا كانت السُلطة والدولة والملكية والحياة المترفة للأغنياء فى النظام الرأسمالى نتيجة لتطور تاريخى للبشرية فهل علينا ان نحوله لقانون طبيعي أبدي، لا يحق للكادحين والفقراء أن يفكروا فى الإنقلاب عليه، والرضى بما قسمه لهم النظام الرأسمالي الإستغلالي من أوضاع بائسة وإلى الأبد. إن من يقنع بذلك أو يدعو ثورة يناير إليه يخون الثورة وضرورة العدالة الإجتماعية من أجل حياة إنسانية للجميع، وبذلك يقدم خدمة جليلة إلى الرأسمالية العالمية والمصرية والدكتاتور الحاكم ودولة العسكر، بضرورة إستمرار السلطة بيد النظام القديم وسياسات التبعبة والتخلف، فلا ينبغي للكادحين والمفقرين أن يخطئوا خطاْهم القاتل ويفكرون فى الاستيلاء على السُلطة. فمن الجرم لدى اليسار الانتهازي مدعي الثورية أن تنظر الجماهير الثائرة إلى الأعلى، إلى قمة النظام، وعليها أن تستمر فى النضال الثورى من أسفل وإلى الأبد، وتغد السير وراء الحُكم القائم في طريق المسار الشرعي المزعوم علها تنال منه بعض الفتات، ولا تفكر مطلقا فى الإستيلاء علي السُلطة. تقول خبرة الثورة الروسية الكبرى “لا ريب في أن قضية سُلطة الدولة هي القضية الرئيسية الكبرى في كل ثورة. فالأمر التالي في يد أي طبقة تكون السُـلطة، هو الذي يُقرر كل شئ” -لينين. أي أن موقف الثورة الشعبية المصرية الصحيح أن تنظر إلى الأعلى إلى سُلطة الدولة، وكيفية الإستيلاء عليها لصالح الطبقات الكادحة، وأن لا تكتفى بالإطاحة برأس النظام فقط كما حدث مع مبارك ومرسى، وعليها أن تتعلم من الدروس القريبة، الإصرارعلى الإطاحة بديكتاتورية السيسي العسكرية ودولته وسياسات التبعية المعبرة عن مصالح الطبقة الرأسمالية السائدة والإستعمار الامريكى و”إسرائيل” وأمراء النفط. ولنرى مايقولة إنجلز بصدد كوميونة باريس عام 1871 وإستيلاء العمال على السلطة “هل رأى هؤلاء السادة ـ أعداء السلطة ـ ثورة في يوم ما؟ إن الثورة دون شك سُلطة ما بعدها سلطة، والثورة هى عمل يفرض به قسم من السكان إرادتة على القسم الأخر بالسلاح، بالحراب، بالمدافع، أى بوسائل لا يعلو سلطانها سلطان، ويتاْتى على الحزب الغالب بالضرورة أن يحافظ على سيادتة عن طريق الخوف الذي توحية أسلحتة للرجعيين. فلو لم تستند كميونة باريس على سلطان الشعب المسلح ضد البرجوازية، فهل كان بإمكانها أن تصمد أكثر من يوم واحد؟ وهل يحق لنا أن نلومها بالعكس لأنها لم تلجاْ لهذا السلطان إلا قليلا”. ولكن اللإنتهازيين اليساريين واللبراليين يخلطون عن عمد بين الديموقراطية كشكل حكم للأقلية الغنية فى النظام الرأسمالى وبين الحريات الشخصية والعامة والحقوق الإقتصادية والإجتماعية للطبقات الشعبية، بقصد إبعاد الطبقات الشعبية عن التفكير فى الإطاحة بسلطة الطبقة الرأسمالية الحاكمة وإقامة سلطة الديموقراطية الثورية مكانها. فالديموقراطية التي تعني فى اللغة اليونانية القديمة حكم الشعب، أصبحت في واقع النظام الراْسمالي، حكم القلة من الطبقة الرأسمالية ومن يعبرون عن مصالحها بفرض سلطتهم من خلال أجهزة الدولة على باقي طبقات المجتمع من عمال وفلاحين وحرفيين ومهنيين والفقراء عموما لإستمرار الإستغلال الرأسمالى. ولا معنى لحكم القلة في أى مجتمع إلا الديكتاتورية ـ أيا كان شكلها ـ على الأغلبية من الطبقات الشعبية، ولا يبقى من كلمة الديموقراطية غير الإسم دون محتوى حقيقي لحكم الشعب، فالبرلمان لم يعد له قيمة تمثيلية ـ بعد أن أصبح الدخول إليه سلعة يتحكم فيها المال السياسي أوامرها، وبذلك تحتكر الطبقة الرأسمالية السائدة وخدمها مراكز القرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي. والديموقراطية في هذه الحالة إن وجدت هى ديموقراطية الأغنياء، وفي نفس الوقت ديكتاتورية على باقى طبقات المجتمع لحصاد الفائض الإقتصادي ورفاهية الأغنياء. ومن ثم ضبط الصراع الطبقى الناجم عن هذا التناقض الدائم لصالح الطبقات السائدة إجتماعيا. فالديمقراطية في العصر الرأسمالي هى في الحقيقة دكتاتورية الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج ولا علاقة لها بالحريات والحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقات الشعبية. وإنما في مجرى الصراع تنتزع الطبقات الشعبية تلك الحقوق والحريات من بين أنياب الديموقراطية البرجوازية! وسرعان ما تلتف ديكتاتورية رأس المال لتصادر ما إنتزعة الفقراء والكادحين من حقوق وحريات، فمن يملك يحكم ويفرض شروط وأدوات حكمه على الطبقات غير المالكة برغم أنها المنتجة للسلع والقيمة، وتمثل غالبية الشعب الساحقة. وهذه الفوارق بين الحقوق والحريات المنقوصة أو المصادرة في أحوال كثيرة، وبين ديموقراطية الرأسمالية المعادية لها هى اللعبة القاتلة للثورة الشعبية كما يريدها أعداء الثورة، في أن السلطة تستمر كما هي في يد الطبقة الرأسمالية، وكل ما على ثورة يناير الشعبية أن تفعلة، هو إنتزاع بعض الحريات والحقوق الإقنصادية والإجتماعية في العمل والأجر والسكن والتعليم والصحة إن أمكن، لأننا ببساطة بلدان عالم ثالث مصاب بلعنة التبعية الإستعمارية، وهذه اللعنة لا تسمح لأى ثورة شعبية أن تفكر في الإستيلاء على السلطة طبقا لقونين الرأسمالية العالمية الصارمة !
إن الحقوق والحريات السياسية والإقتصادية والإجتماعية لم تكن في يوم من الأيام جزء أصيل من ديكتاتورية الرأسمالية، إنما هو نتيجة نضال الطبقات العاملة والكادحة عموما تنتزعها في سياق الثورات الإجتماعية والسياسية على الإقطاع وفي زمن الرأسمالية، وتستمر في إنتزاعها حتى تصل إلى محطة صراعها الأخيرة مع الطبقة الرأسمالية بإنتصار الثورة الشعبية، وإنتزاع السلطة والدولة لتقيم عليها ديموقراطيتها الشعبية حقا وفعلا من أعلى ومن أسفل، لأنها تمثل في هذه الحالة ديموقراطية ودولة الأغلبية الشعبية ضد الأقلية الرأسمالية المطاح بها. إن البشرية والمجتمعات لا تطرح على نفسها من مهمات إلا إاذا كأنت في مقدورها تحقيقها، وتعبيرا عن الضرورة التاريخية في هذه اللحظة المحددة من نضج الصراع الطبقي، ونضج الأزمة الثورية عند طرفي الصراع، أى أزمة حكم لدى النظام القائم، وأزمة ثورية لدى الطبقات الشعبية، الطرف الأخر من الصراع المتمثل في أنه لا يستطيع الإستمرار في الحياة في ظل نظام وصل مداه في الإستغلال الرأسمالي التابع، بفساده وإستبداده وطغيانه وهو ماحدث في وضع ثورتنا. فما الذي يمنع أن تكون قضية السلطة على رأس جدول أعمالها من اليوم الأول من الثورة، برغم المخاطر والتحديات وجسامة التضحيات؟ وقد حاولت ثورة يناير في هذا الطريق، طريق السلطة الثوربة إدارة مدينة بور سعيد على مدى أكثر من شهرين إبان العصيان المدنى العام أوائل عام 2013 كما حاولت مدينة المحلة وغيرها من المدن التي منعت المحافظين الجدد في أواخر أيام مرسي من الدخول إلى مبانى المحافظات وقد أغلقت أبوابها بالجنازير…
إن تحقيق الأهداف الكبرى لثورة يناير في العدالة الإجتماعية والحرية وغيرها لن يتم إلا بالإطاحة بالنظام القائم وإقامة سلطة ثورية تقوم على إستعادة كل الثروات المنهوبة على مدى عقود وتأميم وسائل الإنتاج الرئيسية، وتحديث الصناعة والزراعة والتعليم والبحث العلمي، وخلق فرص عمل وأجر عادل للجميع في ظل إقتصاد يخضع لإدارة وتخطيط المنتجين، هدفه تلبيه الإحتياجات الإساسية في السكن والغذاء والتعليم والصحة والمواصلات والثقافة والمتعة لكل السكأن، وليس الربح كما في النظام الرأسمالى. ساعتها يمكن الحديث عن المساواة الحقيقية والأخاء والكرامة الإنسأنية، والحقوق والحريات العامة والخاصة على أرض صلبة من المساواة الإجتماعية، فيتراجع دور أدوات العنف الرسمي للدولة، الشرطة والجيش والقانون، ويحل محلها اللجان الثورية لإدارة الدولة والرقابة وحفظ الأمن في الأحياء والمصانع والجامعات والقرى والمدن وعلى مستوى الجمهورية بقيادة حكومة ثورية في شكل من أشكال الديموقراطية المباشرة التي تقوم على مشاركة عموم السكأن في إدارة شئون حياتهم وحماية أنفسهم ضد كل أشكال عنف قوى الثورة المضادة من خلال اللجان الثورية في الأحياء والقرى والمصانع والشركات والجامعات، والتنسيق بين الأحياء والقرى المختلفة لإدارة التعليم والصحة وشبكات المواصلات والإتصالإت والكهرباء والغاز والمياة والصرف والرى وغيرها، وتحديد سياسات اسعار وتوزيع السلع والخدمات المختلفة، ومن يقوم بحفظ الأمن من أهل الحى وبالتناوب حتى لا تتحول إلى سلطة للعنف الرسمي كما حال الشرطة في عالمنا المعاصر، وذلك بالإعتماد على أساليب عمل حديثة أساسها المعرفة وحل مشاكل الناس المختلفة قبل العقوبة. ولا جيش دائم بل الشعب المسلح. والمشاركة في وضع السياسات الإقتصادية والإجتماعية على مستوى المدن والمراكز والمحافظات ومستوى عموم البلاد من خلال لجان ثورية عامة تنتخبها اللجان الثورية القاعدية ويمثل عموم السكأن جمعياتها العمومية، دائمة الإنعقاد وهى مصدر كل السلطات، والأصل في إتخاذ القرارات وتحديد السياسات العامة وأجور أعضائها في حدود متوسط أجر العمال المهرة، ولهم حق مراقبتها والحق في عزل المسئولين طالما أخلوا بالمهام المنوطة بهم على أن يتم تنفيذ جميع مهام الإدارة بالتناوب. وتقوم اللجنة الثورية العامة بإنتخاب الحكومة الثورية وتحديد مهامها ولها حق عزلها .
هذا موقفنا فى البديل الثورى من قضية السلطة ومن رؤيتنا لثورة 25 يناير المجيدة وهو مطروح للنقاش فى اطار تطوير واثراء النقاش واسهامات من يرون ان الثورة لم تنتهى بعد ولم تهزم وانها مستمرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرفاق في هيئه التحرير
يوسف شكري الحفار ( 2015 / 5 / 6 - 18:11 )
نفس المقال منشور بتوقيع اخر الى جانب هذا المقال ،في واجهه العدد.الرجاء التاكد من اسم الكاتب و اتخاذ الخطوات اللازمه.

اخر الافلام

.. حرب أوكرانيا.. معركة خاركيف وتقهقر الجيش الأوكراني |#غرفة_ال


.. حماس تفتح جبهة جباليا مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعمليته في ر




.. قوات فاغنر على الحدود المالية الموريتانية . |#غرفة_الأخبار


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في




.. غزة.. ماذا بعد؟| خلافات بين المستويين العسكري والسياسي واتها