الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


1ماي: بين خطر الاحتواء و الاصرار على الصمود و النضال .

الديمقراطية الجديدة( النشرة الشهرية)

2015 / 5 / 7
الحركة العمالية والنقابية


1ماي: بين خطر الاحتواء و الاصرار على الصمود و النضال .

في تونس - العاصمة - لم يكن الاحتفال بعيد العمال العالمي كغيره من السنوات السابقة التي تلت الانتفاضة اذ غابت جل الاحزاب السياسية عن الشارع الرئيسي وبدا حضور المتظاهرين محتشما للغاية عدا بعض الاطراف اليسارية التي تعد على اصابع اليد الواحدة.فلماذا غابت التعبئة واصبح "عيد العمال " دون عمال ؟ ومن يقف وراء افشال ذكرى غرة ماي؟
1- الاحتفال الرسمي
في اطار "الاحتفال الرسمي " تجدر الاشارة الى الحضور المكثف للبوليس الذي طوّق كل المنافذ المؤدية الى بطحاء محمد علي وشارع الحبيب بورقيبة وفي اطار الاحتفال الرسمي لم تكن ساحة محمد علي مكتظة على غرار السنوات الماضية واكتفى العباسي امين عام الاتحاد بإلقاء كلمته والهرولة الى قصر المؤتمرات لحضور الاحتفال الرسمي مع الرؤساء الثلاثة و اتحاد الاعراف واتحاد الفلاحين وانفض التجمع دون النزول الى الشارع طبقا لتوصيات النظام .(ولمن لا يعرف العباسي نقول : انه كان في الشعبة الدستورية عندما كان قيما في نصرالله و معهد المنصورة بالقيروان)
احتفل النظام باليوم العالمي للعمال تحت شعار "تونس تحتفل بعيد الشغل " وكرم العمال "المثاليين " ( المرضيّ عنهم ) ولم يقدم سوى الوعود للشغالين الى جانب زيادة لا تغطي تدهور المقدرة الشرائية التي بلغت 40 بالمائة حسب الاحصاء الرسمي وأعلن عن بعض الاجراءات التعسّفية مثل مراجعة سن التقاعد وتحميل الاجراء فاتورة الازمة .
ان الحكومة تشارف على المائة يوما منذ تكوينها وهي لا تزال تتستر على برنامجها القاضي ببيع البلاد ورهن العباد . انها تواصل مثل سابقاتها في انتهاج نفس السياسة وتتملص من دورها الاقتصادي والاجتماعي بدعمها للخيارات الليبرالية المتوحشة وتهمل بفعل خياراتها هذه مشاغل الشغالين وطموحاتهم فلا تشغيل ولا تنمية جهوية ولا مراجعة المنظومة التربوية بما ينفع ابناء الشعب ولا تحسين اوضاع المستشفيات العمومية ولا مراقبة التجارة الموازية والتهرب الجبائي الخ...
يهدف اذا هذا الاحتفال الرسمي الذي دأبت الحكومات السابقة على تنظيمه الى :
- احتواء اليوم العالمي للعمال وسلب الشغالين عيدهم المجيد الذي ضحى من اجله آلاف المناضلين وافراغه من محتواه النضالي .
- التظاهر بان الدولة هي دولة الجميع والتنويه بالوفاق الطبقي والوحدة الوطنية الذي يكرسها الرباعي الراعي للحوار بحيث يقدم التوافق والمصالحة -رغم تبادل الاتهامات - بين اتحاد الشغل واتحاد الاعراف . وباسم "مصلحة تونس " يقع هضم حقوق اغلب الشغالين وتقديم المزيد من الامتيازات للسماسرة ويحاول الائتلاف الطبقي الحاكم اخفاء طابعه الرجعي العميل بتقديم نفسه كممثل للجميع في حين انه منتخب بمليوني صوتا تقريبا (النداء والنهضة اساسا)
- التأكيد على ان الاتحاد العام التونسي للشغل جزء من النظام القائم رغم بعض الخلافات الجزئية وان البيروقراطية النقابية منخرطة في الوحدة الوطنية بالمتاجرة بنضالات الشغالين فالحكومة تتاجر بالانتقال الديمقراطي والاخوان يتاجرون بالدين وبكل ما هو رائج والانتهازية تتاجر بالثورة وجميعهم يتاجر بمصالح الشعب .
2-البيروقراطية النقابية وواقع الشغالين

اثبت الواقع ان البيروقراطية النقابية تمثل دائما جزءا من النظام القائم فهي قد ساهمت في ترميم النظام ابان الانتفاضة وحضنت لجان حماية الثورة وشاركت في كل مراحل "الانتقال الديمقراطي " فهي ماكينة بيروقراطية تتاجر بنضالات الشغيلة و تصرف المليارات لإرشاء النقابيين وترويضهم بحيث ابتلعت العديد من رفاق الامس الذين رغم المزايدات اللفظية يخضعون للخط العام الذي تقره البيروقراطية النقابية ألا وهو النقابة المساهمة التي تزكي جوهر السياسات الرسمية لأنها في الحقيقة تتمعش من الاموال الطائلة التي تغدقها عليها الدولة والنقابات العالمية والأعراف هذا فضلا عن المشاريع التي يشرف عليها الاتحاد. لذلك و نظرا لتعاملها المباشر مع الطبقات الحاكمة فإنها انخرطت في تحويل احياء ذكرى 1 ماي الى تظاهرة رسمية تقتصر على خطاب الامين العام من اعلى شرفة مقر الاتحاد واعطاء التوصيات للمليشيات والمرتزقة لمعارضة الشعارات الوطنية عامة المنددة بتواطئ القيادة النقابية والتهكم من كلمة بروليتاريا وطبقة عاملة والتصريح بان عهد الأيديولوجيا والحديث عن الدور الثوري للبروليتاريا قد ولى.. ونعت المناضلين بالتطرف .
ان الاتحاد يضم ما يقارب 700 الف منخرطا اغلبهم من الوظيفة العمومية ويظل العمال خارج نفوذه علما وان عدد الناشطين يبلغ حوالي الثلاثة ملايين وهو بالفعل اكبر تجمع للأجراء مقارنة بالاتحادات الاخرى(قيزة - السحباني) وتستغل القيادة النقابية هذا الوضع للمزايدة والمتاجرة بحقوق العمال بهدف ضمان نفوذها وامتيازاتها.وهي قادرة على تحريك بعض القطاعات وتجنيد بعض القواعد عند الحاجة في صراع ضد بعض مكونات السلطة من اجل دعم وجودها لكنها لم تفعل ذلك في 1ماي لأنها على اتفاق تام مع النظام حول ضرورة الهدنة الاجتماعية و افراغ الشارع من ظاهرة الاحتجاجات و إيهام الأجراء بان الحكومة ماضية في التسوية الاجتماعية .
غير ان واقع الشغيلة وطموحاتها يختلف كليا عن ارادة البيروقراطية النقابية بالرغم من عدم مشاركة الشغيلة في احياء 1ماي بكثافة نظرا لمحدودية التقاليد وضعف التشبع بالفكر الثوري فإنها تقف عفويا ضد قيادة الاتحاد ولا تثق فيها بل ترفضها جملة وتفصيلا وتواجد نسبة العمال من مجموع المنخرطين في الاتحاد تثبت ذلك.

3- القوى اليسارية و 1 ماي

كشفت تظاهرة 1ماي محدودية القوى اليسارية عامة بحيث كانت التعبئة هزيلة للغاية لا تتجاوز المائة عنصر في الشارع الرئيسي كما كشفت تشتت هذه القوى ورفضها التنسيق حتى في مثل هذه المناسبات الهامة بحيث تشبث كل طرف بالتظاهر تحت يافطته الخاصة ضاربا عرض الحائط بالشعارات المشتركة التي يمكن ان تكون ارضية تجميع ومتناسيا ان الذكرى هي ذكرى نضالات الطبقة العاملة اساسا وليست ذكرى لاستعراض العضلات العشائرية او الفئوية الضيقة .
فقد كان حضور الجبهة الشعبية الممثلة في البرلمان حضورا ضعيفا للغاية وهي التي اصبحت تمثل المعارضة الكرتونية كما ان الجبهة الثورية المتشكلة بالمناسبة لا يتجاوز عناصرها بالشارع العشرين نفرا اما دعاة "الوحدة التنظيمية للوطنيين الديمقراطيين " فلا وجود لهم بل توزعوا هنا وهناك مع من فيهم من مخبرين وبوليس سياسي مندسّ في هذه المجموعة او تلك .
ان مشكلة اليسار هي مشكلة خط قبل كل شيء ومشكلة برنامج وخطط عملية لكن هذا اليسار اصلاحيا كان ام ثوريا يتبنى أطروحات اشتراكية ديمقراطية ويلهث وراء وهم التواجد في مؤسسات النظام فهناك من يدافع عن شافيز و سيريزا ويعتبر نفسه من اليسار الثوري وهناك من ينوه بسوريا بكداش ويزعم انه وطني ديمقراطي وهناك من يعادي الطرح الوطني الديمقراطي جملة وتفصيلا ويعتبر نفسه رجل المرحلة...ان هذا اليسار المتحول بفعل الاوضاع و الأوهام التي يحملها وتركيبته الطبقية وانعزاله اساسا عن واقع الشغالين و الجماهير عموما ، ان هذا اليسار لن تكتب له الوحدة و لا الخروج من ازمته طالما ظل يتأرجح بين اليمين واليسار . فالمسألة ليست مسألة تنظيمية كما يدعي البعض بل انها سياسية بالأساس متعلقة بخط سياسي واضح المعالم : هل ندافع عن طموحات الشعب نحو التحرر ام نساهم في اطار الانتقال الديمقراطي في تقنين النظام الاستعماري الجديد؟
الديمقراطية الجديدة (النشرة الشهرية)
ماي 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العاملون في شبكة الجزيرة ينظمون وقفة بمناسبة اليوم العالمي ل


.. مع ولادة كل طفل.. حياة الأمهات العاملات في ألمانيا تتغير، كي




.. اتحاد نقابات عمال مصر يهدي الرئيس السيسي درعا تذكاريا


.. الرئيس السيسي يوجه بسرعة الانتهاء من مناقشة مشروع قانون العم




.. بين تعديل نظام الكفالة وتحديات المناخ.. ما وضع العمالة الأجن