الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرس بسورية و المؤتمر بالرياض

خالد قنوت

2015 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


(السياسة ليست مملكة النوايا بل هي عالم العلاقات الموضوعية) بديهية علمية, قد يفيد أن نقف عندها مع الخبر المتداول عن الدعوة لمؤتمر للمعارضات السورية في مدينة الرياض السعودية لبحث الوضع في سورية و مستقبلها بعد إسقاط نظام الأسد حيث هو الاحتمال الاكبر حدوثاً في سياق الاحداث الحالية و لنتوقف قليلاً عند لقاء قناة الحدث السعودية البارحة مع النائب السابق للطاغية حافظ الأسد السيد عبد الحليم خدام.
لنفترض جدلاً أن الشقيقة العربية السعودية لها سياسة مستقلة و أنها صادقة نحو سورية في تخليصها من نظام الأسد و تحريرها من التبعية الايرانية و اقامة نظام مدني ديمقراطي بعد فترة انتقالية واضحة المعالم و الاهداف, لنتسائل عن سبب استدعاء احد اقطاب النظام الأسدي السابقين ؟؟ و لنقرأ هنا جملة من الوقائع من هذا اللقاء كنوع من التسويق السياسي للسيد خدام رغم تاريخه الحافل بالفساد في سورية و لبنان:
1- السيد عبد الحليم خدام رجل من رجالات الدولة الأسدي و له باع طويل في مؤسسات الدولة فضلاً عن علاقات جيدة و حميمية مع الكثير من سياسي العالم و الخليجيين و السعوديين تحديداً حتى في حالته الصحية الحالية.
2- في لقائه يتحدث السيد عبد الحليم خدام كلاماً يتصف بالعقلانية السياسية حيث يتحدث عن انعدام نصر سياسي أو عسكري للثورة السورية بدون قيادة سياسية تتبعها قيادة عسكرية و أيضاً يتحدث عن الفترة الانتقالية بعد سقوط الأسد للحفاظ و حماية مؤسسات الدولة السورية و التي تعني في حال زوالها, تحلل الدولة السورية و هذا كلام صحيح و منطقي يخرج عن رجل يعرف ما تعنيه الدولة, طبعاً مع اختلافنا على ماهية مؤسسات الدولة الأسدية التي صادرتها اجهزته الأمنية و العسكرية و تسلط حزب البعث و قادته و السيد خدام واحد منهم و أكثرهم رديكالية ظهرت في ربيع دمشق 2000-2001.
3- في ظل الوضع المزري الذي وصلت له الامور في سورية نتيجة اجرام النظام و تقصده تصفية كوادر سياسية و ثورية منذ بداية الثورة و الحصار الدولي للقوى الثورية و العسكرية الوطنية و تسطح و تبعية المعارضات السورية و تصدر المشهد الاسلامي المتطرف, لا تجد القيادة السياسية السعودية بداً من استدعاء بعض رجال الدولة السورية السابقين حتى و لو كانوا نتاج حكم التسلط الأسدي حيث و بعد اربع سنوات لم يظهر بشكل عام على الواجهة السياسية السورية أو العسكرية أي من الشخصيات التي تتحدث بصفة رجالات دولة يؤمنون و يعملون من أجل وطنهم دون مصالح خاصة حزبية كانت أم شخصية رغم أن بلداً كسورية لن تصل إلى حد العقم في انتاج رجالات سياسة و رجالات دولة (كلمة رجالات تضم الرجال و النساء هنا).
4- إن القيادة السعودية تعرف كل المعرفة أن معظم المعارضيين السوريين اللذين يتصدرون المشهد حاضراً, هم تجار كلام و تجار حروب لو اتيحت لهم الفرصة و مشاريع أمراء حرب أو أمراء طائفيون أو امراء سياسيون, ينظرون للسعودية كنظرة الرئيس السيسي (فلوس زي الرز) لذلك لم و لن تعول عليهم في أي مشروع لحل القضية السورية و إنما تريدهم كجمهور ينساق لما يمليه عليهم سياستها.

الواقعة الأخيرة تفرض علينا العودة للسياسة كعلم و كعلاقات موضوعية, فلن نسلم ببراءة السياسة السعودية منذ قيام الثورة السورية في الدعم المادي لبعض القوى المتطرفة على حساب القوى الوطنية الثورة و حتى دعمها لامير حرب سلفي هو الشيخ زهران علوش الذي يحارب الثورة شكلاً و مضموناً و يعتقل ناشطيهاو يحضر بالتهديد و الوعيد ليقيم دولته الاسلامية السلفية على ارض الشام التي رفضت تاريخياً اعتدال الحركات الاسلامية كحركة الاخوان المسلمين فكيف بدولة سلفية, حيث لا يمكن أن تكون سورية إلا دولة لكل السوريين على اختلافهم و لنتسائل هل هدف السياسة السعودية هو قيام دولة اسلامية سلفية أو دولة محاصصات طائفية على غرار الطائف اللبناني السيء الصيت فتكون بالنتيجة سياسة معادية لحلم السوريين و طموحاتهم و تضحياتهم؟ أم أنها تسعى لحل وطني في سورية, يعمل السعوديون فيها كأشقاء يؤمنون أن سلامة و حرية و استقرار سورية بعد الأسدية هو من سلامتهم و استقراراهم و يساهمون في استثمارات مربحة سياسياً و اقتصادياً من إعادة بناء سورية؟؟
بالمطلق, إن المؤتمر المزمع عقده في السعودية من أجل المعارضات السورية قد يكون خطوة ايجابية للخروج برؤية وطنية مشتركة دون فرض أو املاءات من احد كما حدث في السابق و لكنه قد يكون طريقاً لتحلل الشخصية الوطنية السورية إذا كان هدف المؤتمر باتجاه دولة خلافة اسلامية أو مؤتمر طائف سوري يفضي لدولة محاصصات مليشياوية. هنا قد من المفيد أن نضع كسوريين شروطاً على هذا المؤتمر و على المشاركين به من خلال رؤيتنا الوطنية و مصيرنا في وطن يضمنا جميعاً بعد أن يضع الصراع اوزاره و هذه دعوة للمشاركة في صياغة شروط وطنية تجاه أي مؤتمر يخص سورية التي مازالت فيها الثورة مستمرة رغم ما يسود من تدمير و خراب:
1- أن ينعقد المؤتمر تحت راية الثورة السورية دون أي راية اخرى.
2- أن يكون هدف المؤتمر واضح هو قيام دولة وطنية مدنية تعددية لجميع ابناء سورية على كامل تراب الدولة السورية بحدودها المعترف عليها دولياً.
3- أن تكون وثائق القاهرة التي اتفقت عليها معظم المعارضات السورية بتاريخ 3 تموز 2012 اساساً يبنى عليه أي نتائج عن المؤتمر.
4- أن يفرض على كافة الاعضاء المشاركين في المؤتمر أن يكونوا خارج العمل السياسي خلال الفترة الانتقالية و يحق لهم العودة للعمل السياسي بعد أول انتخابات رئاسية و تشريعية و أن تكون مهمتهم الآن وضع استراتيجية سياسية و عسكرية لإسقاط نظام الأسد و تحديد الأسس التشريعية (دستور 1950 أم دستور انتقالي) لحكم سورية (من قبل حكومة وطنية تكنوقراط) خلال الفترة الانتقالية المحدودة الفترة الزمنية و المهام و أهمها التحضير و الدعوة لانتخاب هئية صياغة الدستور الوطني لسورية الحديثة.
5- أن يكون مصير اركان النظام الأسدي هو محاكم وطنية أو محاكم وطنية دولية مشتركة تحاكمهم على جرائمهم و تقتص منهم على ارض سورية, دون أي تطمينات أو استثناءات لأحد و أن تبدأ عملية المصالحة الوطنية بعدها.
6- أن يكون دور راعي المؤتمر يقتصر على تهيئة الظروف لنجاح المؤتمر دون التدخل في قرارات تخص السيادة الوطنية لسورية و أهداف الثورة في أي فترة زمنية و أن لا تقدم أي تقديمات مالية أو عينية لأي مشارك تحت طائلة محاكمته في أي زمان حيث لا يسقط جرم الرشوة بالتقادم.
7- أن يتعهد أي مشارك بتقديم كشف حساباته المصرفية عبر العالم و لأفراد عائلته قبل المؤتمر.
8- أن يتقدم أي مشارك كان قد تبوء منصب في نظام الأسد بكشف حساب له و لعائلته و عن حجم الاموال التي قد تطالها الملاحقات القانونية و المالية في أي وقت و تقديم ضمان له بالمشاركة السياسية في سورية بعد الفترة الانتقالية بعد أن يتعهد بإعادة تلك الاموال لخزينة الدولة السورية الجديدة.

الاحداث الجارية في منطقتنا تتجه نحو التعقيد و التشعب و ربما نحو حروب طائفية لا ناقة للشعب السوري فيها و لا جمل رغم كل الضخ و الهيجان الطائفي الذي يخفي حقيقة راسخة أن الثورة السورية هي ثورة وطنية شعبية ضد نظام مستبد لا هوية له سوى خيانته للأمانة الوطنية و الانسانية و الاخلاقية و أن السوريين و إن تقاتلوا اليوم فأنهم سيجلسون غداً على طاولة التصالح و التسامح و تحت سقف دولة القانون و العدل ليبنوا وطنهم على اسس التعايش و المستقبل الواحد.
إن الايمان الوحيد هو بقدرة السوريين الأحرار على الصمود و التضحية لتحقيق اهدافهم التي نادوا بها صراحة في مظاهراتهم السلمية الأولى أما خارج هذا الايمان فعلينا أن نضع كل الاحتمالات على الطاولة و أن لا نسلم مصيرنا لأحد في هذا العالم لأن هذا العالم لا يفهم سوى سياسة المصالح و لغة موازين القوى على الأرض و إلا فإننا نطبق بالقياس المثل الشعبي (العرس بدوما و الطبل بحرستا).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا قررت مصر الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا في هذا التوقيت؟ |


.. بيسان ومحمود.. أجوبة صريحة في فقرة نعم أم لا ??????




.. دول أوروبية ستعترف بالدولة الفلسطينية في 21 مايو/أيار


.. -مطبخ مريم-.. مطعم مجاني ومفتوح للجميع في العاصمة اللبنانية




.. فيديو مرعب يظهر لحظة اجتياح فيضانات مدمرة شمال أفغانستان