الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة السينما بين : جودار وبريسون و بيرتولوتشي

محمد احمد الغريب عبدربه

2015 / 5 / 7
الادب والفن


1- تعيش حياتها لتموت الفلسفة... جودار علي حافة الفلسفة

يغزل المخرج الفرنسي الكبير جون لوك جودار فيلما عن الوجودية عندما تنهار، عندما تقرر انثي حياتها، وتعبر عن ذلك بمقولات، أنا مسؤولة عن الحياة، مسؤولة عن افعالي، وهكذا، ستجد في فيلم "تعيش حياتها" الذي انتج عام 1962، وجودية جودار بوجوه سارترية متعددة، ستجد عبثية جودار، برؤي عبثية البير كامي، ايضا ستجد نسوية جودار ب نسوية سيمون دي بوفوار، هذا المثلث ينصهر في فيلمية جودار.
هذا التناص الفيلمي الفلسفي، والتناص الادبي الفيلمي، يخلط المشهدية ويجعل هناك اسئلة فلسفية بصبغة سينمائية وبصرية، وتصبح أمام لوحات تشكيلية من الفلسفة والفن والادب.
هذه الثلاثية، الفلسفية والادبية والنسوية، هي خشنة الي اقصي حد، لذا المونتاج جاف وعنيف وحاد بشكل مذهل، وبالمثل الحوار والتصوير وكل شئ، خشن وجاف، وهذا لا يعني أن الفيلم ليس مبهراً أو جميلاً، ولكن هذه الخشونة، ليست الا تجسيداً لفلسفة جودار في انهيار الوجودية الفرنسية والمجمتع الفرنسي بشكل تدريجي وجذري وعنيف الي ابعد حد، هذه الرمزية السياسية تجدها في مشهد اعدام سياسي أمام كافيه، هي رمزية سياسية تعيش سينمائيا في مغارة جودار الفلسفية الفيلمية، فالفيلم هو اشكالية فلسفية بالاساس عن انحدار كل شئ في فرنسا، من مجتمع، وفلسفة، وافراد، وافكار تحرر، وليس بعيداً أن نجد ثورة الطلاب عام 1968، تعبيرا عن انغلاق النموذج النظري والفلسفي في فرنسا، وفشلها في الاقتراب من الواقع والمجتمع.
يبدأ الفيلم كما تبدأ الفلسفة، مثالية رومانسية حالمة، حيث تحلم فتاة عن حلم بأن تكون مميزة عن الأخرين، وهذا حلم مثالي لم يتحقق بعد، حتي تدخل عالم الدعارة، وهنا يبدأ المأزق الانساني لهذه الفتاة، ولا تعبر عن هذا الفشل، وتصبح عقلاً فلسفية سارترياً بامتياز بشخصية جودار الخشنة في كل شئ، لتسأل عن حريتها في الفعل والقول، ثم تفشل هذه الوجودية والحرية التي شعرت بها، لتموت، وهنا نهاية عبثية بامتياز مثل عبثية كامي ولكنها سريعة وغاضبة وخشنة كما رسمها جودار العظيم.
جودار
اخيراً، يمكن القول أن جودار كان مثار للجدل الثقافي في الستينيات في وقت كانت الوجودية في أوجه ازدهارها، وبهذا ينقل جودار السينما الي الفلسفة نقلاً بصريا ومرايا ومشاعر السينما، متبنياً خطاب فلسفيا خاصاً بفكره داخل المشهدية. ويعتبر هذا الفيلم معبرا عن تاريخ الفلسفة، عن نظرة جودار للفلسفة الوجودية والمجتمع الفرنسي، عن انهيار الفلسفة الوجودية السارترية، عن اشياء كثيرة لم اصل الي تفسيرها، انه جودار العظيم الفيلسوف الضخم عندما يصنع فيلماً، لا نجد الا الدهشة وانبهار فكري كبير.

2- بريسون يسبر اعماق النفس البشرية بحيل الكبت واحلام فرويد
الكبت اشكالية دائمة الاستمرار لدي المخرج الفرنسي روبير بريسون، احد آباء السينما في العالم، هذا الرجل خشن العمل الابداعي، فتجد كل شئ حاد وصارم، أنه يصنع علم نفس سينمائي له خصوصيتها خارج الفرويدية أو السلوكية النفسية، او اللاكانية المعاصرة، هو ما يسمي بالعقل السينمائي الخاص، أي العقل النفسي البريسوني في فن السينما، أو في تحليل أخر، تجد بريسون يخلق لوحات بصرية، ولغز لغوية تنتمي الي بعد نفسي حائر لا يعبر عن نفسه في ذاته، ولا يدعو الي تحليل نفسي بشكل مباشر، هو يدعو الي عقل نفسي خارجي، أي أنك تفكر بشخصيتك عبر بصريات بريسونية.

في فيلمه النشال، موشيت، الحصان، الجلسة، رباعية خشنة نفسية حادة، تجمعها اشكالية الكبت النفسي، هنا، يتحرك في عقل حداثي، ما يريد قوله يقوله دون عبث وحياء، لذا هو ضد حداثي حتما، يراوغ فرويد، ولا يلتفت الي التلاعب اللغوي والحلمية النفسية، ينتصر فقط للاوعي كفعل عقلاني بخلاف فرويد الذي يتلاعب بما هو حداثي عقلي وما بعد حداثي لغوي، وهنا تظهر الخصوصية البريسونية بامتياز، وتري النفسية تعبر عن نفسها في فعل عقلاني، ليس لغوي ، وليس احلام وخيالات وليس حتي هذيان.

القسوة والألم وانتصار الشر علي الخير دائما مفتاح الفكرة الفيلمية لديه، والكبت لديه هو كبت عن الخير اذا كانت الشخصية ناضجة، او كبت عن الشر اذا كانت الشخصية مازلت رومانسية حالمة.

الانتقال من الخير الي الشر، والعكس، مراحل انتقالية نفسية يحكمها اشكالية الكبت البريسونية، وتتراوح فيها السرعة والبطء، وكلما زاد سرعة تفريغ الكبت، زادت الخشونة البصرية والحسية لدي المشاهد، فهنا خطافية فعلية للنفسية، فتحدث صدمات متتالية لدي المشاهد، قد لا يفهم، ولكنه يشعر بالرعب من القوة والألم، أنه الألم والشر الخام.

استطاع بريسون أن يصل الي مصادر القيم، أي انه يتفلسف ويحلل نفسيا بشكل عمنق ما يعرضه في افلامه، فهو نظري في الفكرة الي حد كبير، وهذا اذا تجني علي الجانب الجمالي والادبي والفني، فمن قبيل فهم هذه الفكرة، اما اذا كان المشاهد قادر علي التقاط اشكالية الكبت والبعد النفسي البريسونية..
وللحدث باقية حول بريسون


3- بيرتولوتشي رائد تحليل الخطاب الايروتيكي في السينما
يتحرك المخرج الايطالي بيرناردو بيرتولوتشي في مجمل افلامه عبر جنسانية جديدة، ويمتلك نواصي خطابات ايروتيكية مفرطة متناثرة تعبر عن تفاعل الاجساد عبر شبكة التطرف والتشرذم، حيث يكون لكل فعل جسدي او لحظة خطابها الخاص بها، وتتسع اللغة الجسدية الي لسانية ممتدة عبر ذوات فردانية تبحث عن الهروب من العصر الفيكتوري أو الخطاب الديني سواء المسيحية في سلوك الاعتراف او اديان اخري تعبر عن ان الجسد محل للخطيئة.

يرفع بيرتولوتشي من مكانة الجسد الي اعلي مراتبها، ليغضب الجسد عن كل شئ عن الاستهلاكية الرأسمالية، عن الخطابات المضادة لحرية الجسد، عن حفريات الذات المضطربة والخائفة من الجسد.

الرؤية الفوكونية تتجلي في بصريات بيرتولوتشي دائما، خاصة رؤية فوكو حول بيولوجيا الجسد، وثلاثية الذاتوية والمعرفة والسلطة، يفزعنا هذا المخرج عن ذواتنا حرة تفعل ما تريده لكي تشعر بالخلاص،

كل حركة جسدية في فليمية هذا المخرج تصنع خطابها الخاص بها، وتحفر في حفريات الجسد لتحدث قطعيات ايروتيكية مع الخطاب التقليدي للجسد.

نلاحظ علي الاقل أن هناك فرق نظري في المشهدية لدي المخرج حول المتعة والشهوة... حيث يصبح خطاب الشهوة حطاب اعلي يملك ناصية التحرر من الخطابات المضادة للجسد.. وتصبح المتعة واللذة عينية ثانوية تخفي خطاباتها...

اخيرا بيرتولوتشي هو اسطورة تحرر الجسد من كل شئ، والدفاع عنه، باشكال ما بعد حداثية فوضوية متحررة من كل قيد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث