الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقع البيوض في فضائل البعوض

محمد عبدالجواد قاسم

2015 / 5 / 7
كتابات ساخرة


بينما أنا نائم إذ لسعتني بعوضة غيطانية شرسة في قفاي المستسلم، أوتوماتيكيا أخذت الدفتر ودونت رقم اللسعة "عدد اللسعات المباركة"، ثم غططت في النوم، السبب يعود إلى هذه الزيارة القديمة لمكتبة بلدتنا المشيدة بالطوب الطفلي على شاطيء النهر، صدقة جارية على روح صاحبها الشيخ المحدث الفقيه العلامة فلان بن فلان، تخرج في الأزهر وسرعان ما سافر إلى السعودية وكون ثورة هائلة من المؤلفات والنساء والعمائر والفتاوى، داخل مكتبته الفسيحة أطنان من كتب التفسير والفرق الإسلامية والفقه بمذاهبه الكثيرة سيما الأربعة المشهورة، وفي الحديث واللغة والأصول والأحكام، وأطنان مضاعفة من التراب عليها وخيام العنكبوت، ليست هناك أية مؤلفات في العلم والطب والصناعة والتمدن والفنون والحضارات، ثمة مؤلفات ثمينة متتالية وهيكل فأر متيبس في رف واحد شديد الاتساخ:
كشف المعمى فى فضائل الحمى" السيوطى"
بذل الماعون فى فضل الطاعون "ابن حجر العسقلانى "
الخبر المبثوث فى فضل البرغوث " السيوطى"
استعرت أحدها وسهرت عليه ليلة كاملة في معركة ضارية مع ما فيه ومع زن البعوض الصيفي ولسعاته المباغتة المفزعة، تأملت قوله تعالى {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} وبحثت في فوائد البعوضة: لها مائة عين وثلاثة قلوب، ثلاثة أجنحة في كل طرف، ستة سكاكين في خرطومها، مزودة بجهاز إشعاعي ترى به الجلد في الظلام وجهاز شم للعرق من مسافات بعيدة، مزودة بجهاز تخدير موضعي، مزودة بجهاز تحليل الدم لأنها لا تستسيغ كل الدماء، مزودة بــ .. إلخ، وهنا تتضح عظمة الخالق في ضربه المثل بهذا الكائن الضعيف والمخلوق الصغير في حجمه العظيم في خلقه؛ فقررت مندهشا أن أؤلف كتابا مفصلا عن فضائل البعوض ومعجزاته وأثره الخلاق على الأسرة والمجتمع، احترت في اختيار العنوان وبعد طول تفكيرٍ وتردد انفقعت بيوضي واندلق الحبر على الورق:
ويجمع البيض على بيوض، "على قفرة طارت فراخا بيوضها"، كما في لسان العرب لابن منظور، "تضع الأنثى البالغة في كل موسم للتزاوج عددا لا حصر له من البيوض اللزجة" كما يتردد صوت المدبلجة الشامية الرنان إلى آذاننا في إحدى برامج ناشونال جيوجرافيك عن الحشرات، والفقع في اللغة المعيشة معروف بالتجربة؛ فمن من الناس لم تفقع مرارته مذ أبصر العالم الثالث أو لم تقل له زوجته "فقعتني يا راجل"؟! ومن منهم لم تفقع بيوضه كلما حاول انتقاد الواقع وتغييره؟! علماءٌ وأمة تمتدح المرض والحشرات الناقلة للأمراض وتبشر المبتلى بها بالجنة!! وهناك أمة أخرى وعلماء غيروا مجرى الحياة في القرون الثلاثة الأخيرة، في الطب وعلوم الفضاء والعسكرية والتكنولوجيا والقوانين والنظم ......
فصلتني عن الكتابة زنة بعوضة بالقرب من طبلة الأذن، أخشى لو أتمتت هذا الفقع المبين أن يبتليني الله بها وتدخل أذني فلا يهدأ زنها الفتاك إلا عند ضرب رأسي بالنعال، كما حدث مع النمرود في قصته مع إبراهيم، ضحكت ضحكة عارف بالله وأكملت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟