الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنوب السودان ومصر علاقات في ظروف استثنائية

كور متيوك انيار

2015 / 5 / 8
السياسة والعلاقات الدولية



الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري الى البلاد في السادس من مايو الجاري امتداد لعلاقات متينة اصبحت تربط البلاد بمصر وتلك العلاقات تاتي في ظروف بالغة التعقيد تمر بها البلدين ، فلقد مر مصر بالعديد من الاحداث ومنها الثورة التي اطاحت بحكم الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك ، وبعدها الثورة التي اعقبتها بعزل مرسي نتيجة للمحاولات الاخوانية للسيطرة على مصر بمحاولة القيام بعمليات الاحلال و الابدال بكوادر اخوانية في مؤسسات الدولة المصرية العريقة وخاصة الجهاز القضائي التي اثبتت طيلة الفوضى السياسية و الامنية التي اعقبت الثورة مدى عراقتها و مؤسسيتها ، و كان دورها مهماً في الكثير من الاحيان للفصل بين الفرقاء السياسيين والسلطة التنفيذية الاخوانية التي تركت مهامها الوطنية والقومية لتخذل ادوارها في خدمة منتسبيها .
عندما تم اقالة الرئيس مرسي في العام 2013م اتخذت الاتحاد الافريقي قراراً بتجميد عضوية مصر ووقتها كانت جنوب السودان من الدول التي طلبت منها مصر مساعدتها لارجاع عضويتها ، كما أن مصر عقب الاطاحة بمرسي واجهت ما يشبه العزلة الدولية لرفض الكثير من الدول خاصة الغربية التعامل مع الحكومة المؤقتة وقتها معتبرين ما حدث في مصر بانها انقلاب على الشرعية رغم أنها ثورة مثل تلك التي اطاحت بحسني مبارك . في نفس الوقت واجهت جنوب السودان منذ العام 2013م ظروفاً صعبة نتيجة للصراع والحرب التي تدور فيها البلاد ولقد وجدت الحكومة نفسها نتيجة لتلك الحرب شبه معزولة ومواجهة بضغوطات دبلوماسية .
لكن للعلاقات الجيدة التي جمعت حكومتي البلدين فلقد قلل تلك العلاقات الضغوطات على الحكومة مستفيدة من الدور المحوري افريقياً ودولياً ، ولقد استمر تلك العلاقات حتى بعد انتخاب الرئيس السيسي ويمكن القول بانها اصبحت افضل بكثير مما كانت في عهد مرسي ؛ وتلك العلاقات تحتاج الى تعزيز ، دون حصرها على المستوى الرسمي فقط ، وتوسيع التواصل لتشمل المستوى الشعبي ، وتبادل الخبرات بين منظمات المجتمع المدني المصرية والجنوبية لما تتمتع بها مصر من منظمات مجتمعية قوية وخبرة طويلة تساعد الحكومة المصرية في خدمة الشعب المصري بالاضافة الى تسهيل التواصل بين الصحفيين الجنوبيين والمصريين للاستفادة من التراكم المعرفي والخبرة الطويلة للصحافة و الاعلام المصري .
للبلدين اهتمامات متبادلة يحاولان تحقيقها من خلال التواصل بين الحكومتين فمصر مهتمة بملف مياه النيل وسد النهضة رغم توقيع اتفاق اطار بين كل من مصر و اثيوبيا والسودان ، غير أن موقف السودان التي اعلنت صراحة دعمها للسد تؤرق مصر لان هذا يشير الى تطور خطير في علاقتها مع السودان بالتالي تريد تعويض خسارتها للدعم والمؤازرة السودانية بالتقرب من جنوب السودان وهذا يدعمها الزيارات المتكررة لوزراء الري المصريين ، كما أن مصر تبذل جهوداً دبلوماسية حثيثة و دؤوبة للحصول على عضوية غير دائمة في مجلس الامن الدولي للعام 2016 – 2017م ، بالاضافة الى كل ذلك لقد شكلت قرار الاتحاد الافريقي عقب الاطاحة بمرسي بتجميد عضويتها في المجلس صدمة للاوساط الرسمية والشعبية ، لما لمصر من اسهام كبير في القارة الافريقية لكن لابد من الاقرار من أن دورها قد تراجعت افريقيا في الاونة الاخيرة .
وهذا يحتاج إعادة تنشيط وتبني استراتيجيات جديدة للتحرك افريقياً ، ولقد اسست مصر العام الماضي الوكالة المصرية للشراكة من اجل التنمية وذلك لتقديم الدعم الفني للكوادر الافريقية في كافة المجالات وتنفيذ مشروعات تنموية وفي كلمة القاها وزير الخارجية المصري في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي لمركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية بالأهرام قال شكري : " على الصعيد الافريقي فان توجه مصر نحو تعميق تواجدها المادي في القارة هو توجه استراتيجي لا بديل عنه لارتباط ذلك بالمصلحة الوطنية ومقتضيات الامن القومي للبلاد والمصير المشترك الذي يربطنا بالاشقاء في القارة " .
في العام 2008م قبل الاستقلال زار الرئيس المصري حسني مبارك جنوب السودان وبمعيته وفداً رفيعاً من المسئولين المصريين ولقد كانت ذلك لفتة بارعة من قبل مصر لشعب جنوب السودان ولقد كانت بالفعل زيارة تاريخية ، رسخت في اذهان الشعب الجنوبي بان استقلال جنوب السودان اصبحت مسالة وقت وليس اكثر ؛ في عهد الرئيس محمد مرسي الذي اطيح به عقب ثورة شعبية عارمة زار رئيس الوزراء هشام قنديل جنوب السودان في العام 2012م ، رغم أن الاخوان كانوا اقرب الى السودان لارتباطهم الايدلوجي والتاريخي لذلك لم يكن الزيارة متوقعة لكنها حصلت بالفعل ، لكن الشيء الذي يثير الحيرة هو أن رغم العلاقات الجيدة التي تجمع جنوب السودان ومصر والرئيسين كير والسيسي .
ظلت الزيارات المصرية محصورة على مستوى الوزراء فقط ، وبما أن مصر تشهد استقراراً وعادت الحياة الى طبيعتها منذ انتخاب الرئيس السيسي ما عدا الاخبار التي تبثها قناة الجزيرة القطرية مما تسميها بالمظاهرات الليلية المطالبة بعودة مرسي ومعروف للقاصي والداني عدم صحة تلك الاخبار والتقارير بل أنها تصب في اطار صراع قطر مع مصر وهذا يشكك في مصداقية ما تبثها قناة الجزيرة من مواد اعلامية ، لقد عادت مصر لتلعب دورها على المستويين الدولي و الاقليمي غير أن الرئيس السيسي لم يتكرم حتى اليوم بزيارة جنوب السودان رغم أنه زار السودان عدة مرات ، فكما قام الرئيس كير بزيارة مصر تلبية لدعوة نظيره المصري العام الماضي فشعب جنوب السودان ينتظر زيارة السيسي ترسيخاً للعلاقات التي تجمع البلدين ، و اعتقد إن الذكرى الرابعة لاستقلال البلاد والذي يصادف التاسع من يوليو 2015م ستكون افضل وقت لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل