الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احياء مسار جنيف من جديد

منذر خدام

2015 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



طيلة أربع سنوات من عمر الأزمة السورية كان الجهد الدولي منصبا على تحمية النار تحت قدرها، وفي الوقت ذاته إدارتها بطريقة لا تسمح لها بالاندلاق على الجوانب. لكن منذ مطلع عامها الخامس بدأت الدبلوماسية الدولية بصور علنية أحياناً، وغير علنية غالبا، تنشط لإطفاء النار تحت القدر، والبحث عن تسوية سياسية لها. وبالفعل حصلت مجموعة من المتغيرات على الأرض تشير جميعها إلى وضع الأزمة السورية على طريق الحل من خلال مسار جنيف وبيانه العتيد، بعد إعادة قراءته من جديد.
بداية؛ فقد تحقق الهدف الاستراتيجي من الأزمة، وهو تدمير سورية، وهذا مطلب إسرائيلي وغربي عموماً. وبالفعل فإن سورية ، لعقود من السنين قادمة، لا يمكنها أن تقوم بأي دور سياسي مهم في المنطقة، عداك عن أن تكاليف الإعمار لن تكون بلا أثمان سياسية.
وثانياً؛ فإن إدارة الأزمة تكاد تنهار، فاندلقت محتوياتها إرهابا وتطرفاً في المنطقة برمتها.
وثالثاً؛ فإن انجاز الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية ( مجموعة 5+1)، سوف يفقد سورية الأهمية الإستراتيجية بالنسبة لإيران، كورقة ضغط، دون أن يخرجها كليا من دائرة النفوذ الإيراني في المدى المنظور على الأقل، مع أن سورية صارت عبئاً ثقيلا ومكلفاً على إيران.
ورابعاً؛ ثمة خشية حقيقية لدى جميع دول المنطقة بما فيهم إسرائيل، من احتمال انهيار الدولة السورية في حال استمرت الحرب سنة أخرى،
وخامساً؛ فقد تحقق نوع من التوازن في القوى على الأرض، وهو مطلب غربي وإقليمي من أجل البدء بالتسوية السياسية.
وسادساً؛ فقد حملت "عاصفة الحزم" السعودية رسائل سياسية لإيران وغيرها من أن صاحبة العاصفة لديها أنياب أيضا، وأن عضتها مؤلمة.
لهذه الأسباب، وغيرها بدأت تنشط الدبلوماسية الدولية للبحث عن مخرج سياسي للأزمة السورية.
من المعلوم أن روسيا خلال الأشهر القليلة الماضية، حاولت أن تقوم بجهد دبلوماسي لجمع بعض المعارضين، خصوصا من الداخل، مع وفد يمثل النظام في لقاءات تشاورية في موسكو بحثا عن مخارج سياسية محتملة للأزمة السورية تكون مقبولة من المعارضة والموالاة، وقد نجحت موسكو بعض النجاح. لقد صار بالإمكان، على الأٌقل، جلوس المعارضة مع النظام على طاولة واحدة وجها لوجه وتبادل وجهات النظر . وأكثر من ذلك فقد تم التوصل إلى إعلان مبادئ مشترك للتسوية السياسية في اللقاء التشاوري الثاني، لا يلغيه تنصل بعض أطراف المعارضة منه لاحقاً بذريعة أن وفد النظام تراجع عن مناقشة المسائل الإنسانية. لقد قامت روسيا بهذا الجهد الدبلوماسي بموافقة أمريكا وغيرها من الدول الفاعلة في الأزمة السورية، إضافة إلى الأمم المتحدة رغم أنها لم تشارك في رعايتها.
وفي المعلومات أن اللقاء التشاوري الثالث سوف يعقد في جنيف أوائل شهر أيار القادم، وقد أكد على صحتها تصريح وزير الخارجية الروسي مؤخراً، كما أعلن عنها أيضا الموفد الأممي إلى ىسورية السيد ديمستورا. وعلى منهاج لقاءات موسكو سوف تتم المشاورات أولا بين وفود المعارضة، يلي ذلك مشاورات مع وفد النظام قبل أن يجمعهما لاحقاً على طاولة واحدة وجها لوجه.
وكما في لقاء جنيف الثاني، كذلك في لقاءي موسكو التشاوريين كان تمثيل المعارضة مشكلة حقيقية لذلك يجري العمل على حل هذه المشكلة. لقد بدأت مساعي الحل من خلال ممارسة ضغوط على الائتلاف الوطني السوري المعارض في الخارج من قبل أهم الدول الداعمة له وخصوصا من قبل أمريكا وفرنسا وبريطانيا، من أجل ملاقاة هيئة التنسيق سياسيا، وعلى أساس خطها السياسي ورؤيتها للحل. كما أن هذه الدول بدأت تنفتح على هيئة التنسيق وترسل لها رسائل ودية وتطلب اللقاء مع قادتها، وقد تحققت عدة لقاءات خلال الفترة القريبة الماضية وعلى الطريق لقاءات قريبة مهمة. يمكن القول اليوم أن إمكانية المشاركة بين الائتلاف والهيئة في وفد معارض مشترك خلال المفاوضات القادمة لم تعد مشكلة. إضافة إلى ذلك سوف ينعقد مطلع شهر أيار القادم مؤتمرا للمعارضة السورية في القاهرة، سوف تشارك فيه قوى وشخصيات كثيرة من أجل توحيد رؤيتها السياسية، وتصوراتها للخروج من الأزمة.
مهما يكن الأمر سواء توحدت المعارضة تنظيميا وهذا أمر صعب المنال، أو اتفقت على تشكيل وفد معارض مشترك وهذا أمر ليس سهلا، إلا أنها جميعها وافقت على تبني "خارطة الطريق لتنفيذ بيان جنيف1" التي أعدتها هيئة التنسيق الوطنية، مع بعض التحفظات الشكلية، أو غير الجوهرية، التي أبدتها بعض قوى المعارضة على بعض ما جاء فيها. تأسيسا على ذلك وتذليلا للصعوبات التي لا تزال تحول دون تشكيل وفد معارض مشترك لمفاوضة النظام، ثمة مساع دولية لتجاوز الكيانات السياسية المعارضة القائمة، والاكتفاء فقط بالتشاور معها،من أجل تولي مهمة تشكيل هذا الوفد من شخصيات معارضة تتمتع بالمصداقية، ومن شخصيات من المجتمع المدني السوري، للجلوس مع وفد النظام على طاولة المفاوضات في جنيف3. ربما تتولى السعودية هذا الدور مدعومة من تركيا وقطر ومصر، وبغطاء أمريكي وأوربي وروسي. لقد أكدت صحة هذه المعلومات بعض أوساط المعارضة السورية نقلا عن لسان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي لاقته مؤخراً في واشنطن. وفي السياق ذاته ثمة دعوات من قبل المسؤولين عن الملف السوري في وزارات الخارجية لبعض الدول الغربية الفاعلة والمؤثرة في الأزمة السورية للالتقاء مع قيادة هيئة التنسيق الوطنية في باريس نهاية الشهر الجاري للتشاور حول الأزمة السورية، وإمكانية إحياء مسار جنيف التفاوضي، بل البحث في تشكيل وفد معارض موحد لمفاوضة النظام. إضافة إلى كل ذلك فقد بدأت السعودية بالفعل بإجراء اتصالات مع فصائل معارضة كثيرة ومنها هيئة التنسيق الوطنية لحثها على المشاركة في لقاء تشاوري يعقد في الرياض قريباً لهذا الغرض. يتركز الحديث اليوم في الأوساط الدولية الفاعلة في المنطقة، حول مخاطر الإرهاب، وعن ضرورة القضاء عليه، واستعادة الاستقرار إلى المنطقة، وليس عن حقوق الشعوب في التغيير، وهذا مؤشر على اتجاه الحركة الدبلوماسية الدولية خلال الأسابيع القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم