الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الساكت عن الإرهابي إرهابي أخرس

عبدالله عيسى

2015 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



وكأنهم يخرجون من كهوف بدائية بمِدى ونواطير متعطشةٍ للدم ، ليدخلوا في الفيديوهات المعاصرة المنتشرة ، مثلما في الجسد العربي ، كالسرطان على المنابر والفضائيات الكبيرة ، القريبة منها والبعيدة ، وعلى وسائل التواصل الإجتماعي ، ليمارسوا مهنة القتل على السوريين .
لم يكن يمكن ، قبل هذا ، أن نصدّق أن بين السوريين الذين منحوا العالم فرصة التأمل في جماليات التعايش وقابلية الذهاب الى المستقبل بأطياف نسيج إنساني متعدد قائم على المعنى الروحي الموحِّد والموحَّد في آن منذ قرون طويلات ، من يمتهن القتل أو التحريض على القتل والارهاب على الفضائيات ، وعلى رؤوس الأشهاد ، على أساس طائفي ومذهبي ، كذاك الذي شهدناه ، مثالاً لا حصراً ، وسوف نشهده في الاتجاه المعاكس سيء الصيت .
غريب ومريب هذا الأمر . والأدهى أن من بين هؤلاء والمنابر المفتوحة لهم من يدعو صراحة إلى الإرهاب دون أن تطبق عليه وعلى الوسيلة الإعلامية التي تفتح فضاءها لخطابه الإرهابي أية ملاحقة أو مساءلة قانونية ، في وقت تتقنٌع فيه بلدان وهيئات دولية بأنها تحارب الإرهاب الدولي وخطره .حتى بعد صدور قرار أممي يقضي بقطع موارد الدعم لداعش والنصرة بوصفهما منظمتين إرهابتين .
فالارهاب في سوريا لم يهبط من السماء بالمظلات ، بل عبر حدود دول محاورة هي عضو في الأمم المتحدة ، وثمة دول عضو في مجلس الأمن هي التي دعمت أرتال المسلحين المتطرفين من أكثر من ثمانية وسبعين دولة وفدوا الى سوريا ، ترى ، بعد أن شكلت تحالفها الدولي ضد داعش ، أن الإرهابي في سوريا " إرهابي جيد " فيما هو ارهابي سيء في الغراق ، حسب تعبير رأس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف ، فهي ، أي دول التخالف قريبة ، أقصد عربية جرت الى حظيرة التحالف هذا ، أو بعيدة ، على رأسها الولايات المتحدة لتمرير سياسات إضعاف الدولة والجيش السوري لمصلحة اسرائيل ، تتعامل مع حكومة الغراق في إطار مكافحتها لخطر داعش ، وترفض التنسيق مع الحكومة السورية التي يقع الإرهاب على أراضيها . وهكذا تشكل هذه السياسات غطاء مقنّعاً لانتشار الإرهاب وحماية المبشرين به وداعميه ، بمن في ذلك من المعارضة السورية و دعاة وصحفيي الفضائيات و المنابر ذات الخطاب الداعي للإرهاب على سورية والتحريض عليه على أسس طائفية أو مذهبية أو إثنية أو سواها .
المدهش أكثر حقاً ، أن بعض الشخصيات السورية التي تطلق على نفسها معارضة رفضت ، في جنيف وفي موسكو 1 و 2 ، وضع مكافحة الإرهاب الدولي في سوريا على قائمة أولوية الأولويات كما اقترحت دمشق التي كانت حذرت من أن خطر الارهاب الدولي سوف ينتشر في المنطقة وفي العالم ، وبالفعل غزا عواصم أوربية مثل فرنسا التي كانت تدعم بلا هوادة المسلحين المتطرفين عابري الحدود الى سوريا ، وحتى بعد القرار الأممي وتشكيل التحالف ضد داعش ، خرجت ومن معها ووالاها بخديعة دعم المسلحين المعتدلين ، وكأن هناك آلية لمعرفة الفرق الدقيق بين المتطرف والمعتدل القادم بشهوة القتل والارهاب ليمارسها على السوريين . وكأن ثمة مسلحاً معتدلاً أصلاً من بين من يقتلون ويسبون وينهبون ويعيثون فساداً في سوريا .
وعودة على بدء ، كيف يمكن ، وتحت أي شعار أو خطاب ، التحريض على القتل والإرهاب ؟ وكيف يمكن الصمت على من يمارس الدعوى أو دعم القتل والارهاب بشكل ليس فقط مناقض للقوانين والأعراف بل لكل ما هو أخلاقي وإنساني أيضاً ؟ ودون أي شكل من أشكال ردعه أو ملاحقته قانونياً ؟ وكيف يمكن الوثوق بمن تطلق على نفسها معارضة ، أو معارضات حسب تعبير ممثل سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري ، وهي التي رفضت وضع مكافحة الارهاب أولوية الأولويات ؟
ألا يدعو صمتها على هذا الخطاب الإرهابي الداعم للإرهاب ، والمنادي به ، أن يكون إيذاناً بأن يدرجها في قائمة هؤلاء المنادين بالارهاب والداعمين له ، طالما ظلوا ساكتين عنه أيضاً ؟
لم يعد مبرراً أن يتم الصمت على هذا .
وإن كنا سمعنا ، وفي مؤتمرات أيضاً صحفية ، من شخصيات معارضة ، ربما يكون منها من كان يصمت أو يدعو لتسليح المعارضة ، قدمت إلى موسكو بأن خطر داعش وأخواتها والمسلحين معهما ، يجب أن يوحّد رؤى وجهود السوريين للعمل على إيجاد حل سلمي .
ولعل صمود الجيش السوري ضد الإرهاب بكافة أشكاله ومصادره شكل ضمانة لإسقاط سياسات إضعاف الدولة السورية ، ما جعل أصحاب الخطاب الطائفي والمذهبي والإثني على الفضائيات والمنابر، الداعي للقتل والإرهاب والمحرض عليهما يستكلبون إرضاء لمموليهم ، تماماً مثل هؤلاء الإرهابيين والمسلحين الذين يقومون ببث فيديوهات أشبه ما تكون إرضاء لمموليهم لتسديد فاتورة قتل السوريين وتدمير بناهم التحتية ، أو مثل هؤلاء المعارضين الذين كانوا يخرجون من قاعات الإجتماعات في موسكو ، مثلاً ، لتلقي أوامر من مموليهم ، أو أولئك الذين ارتهنوا بشكل أعمى لسياسات دولية أو إقليمية أصبح واضحاً للعيان بأنها تسعى ، ومنذ البداية ، لإنهاك الدولة وجيشها ، لترتيب أوضاع المنطقة على أساس تقسيم دول ما بعد الاستعمار وتحويلها إلى دويلات لمصلحة دولة الإحتلال الإسرائيلي .
لكن صمود الدولة السورية وجيشها ضرب بكل ذلك عرض الحائط .
ولا شك سيأتي الوقت الذي يوضع فيه كل هؤلاء تحت قائمة الإرهاب . فمن يدعو أو يحرض على القتل والإرهاب فهو قاتل وإرهابي أو شريك بهذا على الأقل .
الأكثر دهشة حقاً ، هو سكوت مثقفي ونخبة الأمة على هذا كله . أما من تحالف منهم مع دعاة القتل والإرهاب فهو منهم . ولن يغفر التاريخ لهم .
والإرهابي الجيد ، أينما حلّ ، هو الإرهابي الميت .
والساكت عن الإرهابي أو القاتل إرهابي أو قاتل أخرس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال