الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية وحقوق الانسان في كردستان العراق

سمير عادل

2015 / 5 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بغض النظر ان كردستان العراق جزء من العراق او منفصلة عنه، لكن لسنوات طويلة تفتخر الاحزاب القومية الكردية الحاكمة بأنها قدمت تجربة نموذجية عن الديمقراطية وحقوق الانسان ليس في العراق وحده فحسب بل على صعيد المنطقة برمتها. الا ان الادعاءات دائما تمتحن في الواقع. فبعد سقوط الموصل في 10 حزيران من العام الفائت وتمدد دولة الخلافة الاسلامية الى مساحات واسعة في العراق، هرب الاف المؤلفة من المحافظات والمناطق التي سيطر عليها داعش الى مدن كردستان بحثا عن ملاذ آمن.
تعامل الاحزب القومية الكردية الحاكمة مع النازحين في الاعلام شيء وفي مجريات الحياة اليومية الواقعية شيء اخر. ففي تصريحات اعلامية للمسؤولين في تلك الاحزاب، يدعون بأنهم يأوون الاف من النازحين وانهم قاموا بحمايتهم ووفروا لهم مكان ومتطلبات الحياة اليومية، لكنهم من الناحية الواقعية افسحوا المجال لاجواء شوفينية ضد النازحين، والابعد من ذلك اخرجت برامج تتهجم على النازحين وتطلب منهم بدل الجلوس في كردستان عليهم الذهاب الى قتال داعش، ناهيك على تنظيم سلسلة من التظاهرات ضد النازحين او التحرش بهم في الاماكن العامة والاسواق والمتنزهات دون ان تتخذ السلطات اجراءات صارمة ضد ما يواجهه النازحين.
ان تلك الممارسات العنصرية ليست حالات فردية، وليست مرتبطة بمزاج اشخاص معينين، بل انها مرتبطة بالاجواء التي توفرها سياسة الاحزاب القومية الحاكمة. ان الدول المتقدمة في مجال حقوق الانسان مثل البلدان الاسكندافية والمانيا وهولندا ...الخ لا تسمح احزابها الحاكمة بنشر السياسات الشوفينية ضد المهاجرين واللاجئين الذين قدموا من مختلف بقاع العالم والاكثر من ذلك ان ممارسة اية سياسة عنصرية من قبل اي شخص او حزب ، يساق الى المحاكمة القضائية. لانه ببساطة حق الاقامة وحق السكن وحق الهروب من المخاطر والعيش في ظروف آمنه هي من الحقوق البديهية ومثبته في اللاوائح العالمية لحقوق الانسان.
لنتذكر قليلا كيف تعاملت السلطة البعثية مع المصريين الذين قدموا للعمل في العراق ابان السبعينات والثمانينات، فمع انتهاء الحرب العراقية-الايرانية انتفت الحاجة الى العمالة المصرية وبدء الجنود يعودون من جبهات القتال لممارسة حياتهم الطبيعية والبحث عن العمل لـتأمين لقمة معيشتهم. وكي تتخلص تلك السلطة من مسؤوليتها في توفير فرص العمل لمئات الاولف من العائدين لجبهات القتال، بدأت تشحن الاجواء الشوفينية بشكل مستتر، والاظهار بأن العمال المصريين هم من اخذوا مواقعهم، حتى كنا نسمع كل يوم الاعتداءات على العمال المصريين في كل مكان من العراق الى جانب الاهانة والتحقير وصولا في بعض الحالات الى القتل، في حين كان النظام البعثي حامي حماة الامة العربية يتفرج بدم بارد على الافعال العنصرية التي كانت تمارس ضد المصريين.
اي بعبارة اخرى ان العنصرية لها هوية واحدة وهي معاداة الماهية الانسانية والحط من كل القيم والمعايير الانسانية ولا تنحصر بقومية دون الاخرى، انها سياسة تستخدمها احزاب سياسية لتحقيق اهداف معينة، واهمها تحريف اعين الجماهير عن سبب البطالة وفقرها بدل من ان ترى حقيقة الاوضاع السياسية القائمة. ففي اوربا، فعلى سبيل المثال لا الحصر تحاول الاحزاب اليمينة القومية تحميل الازمة الاقتصادية على كاهل المهاجرين واللاجئين والدعوة الى طردهم بدل من كشف حقيقة النظام الرأسمالي الذي لا يمكن ان يستمر دون ازمات دورية ويدفع ثمنها دائما العمال ومحرومي المجتمع.
ان ايواء النازحين فقط دون توفير الاجواء المناسبة بأن يعاملوا كبشر من الدرجة الاولى اسوة بمواطنين تلك المنطقة التي يسكنوا فيها، هي التنصل من المسؤولية اتجاه الحد الادنى من المعايير الانسانية. وفي نفس الوقت تسوق وتروج العشرات من الاشاعات والدعايات العنصرية وتبث للنيل من حقوق النازحين وطردهم من مناطق كردستان، وهي بأنه كل "عرب السنة" هم دواعش. وفي نفس الوقت نقرأ ونسمع الكثير في المجالس العامة وعبر شبكات التواصل الاجتماعي وعدد من وسائل الاعلام بأن بغداد نفسها اقفلت الابواب على النازحين من محافظة الانبار ومنعت دخولهم الا عبر الكفيل. والرد هي ان من يحكم في بغداد هي حكومة طائفية بأمتياز وملف حقوق الانسان فيها ملطخ بأنتهاكات فاضحة ومثبتة في المنظمات الدولية مثل العفود الدولية وهيومان رايتس ووتش ولجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة. وهي اي بغداد تنصلت منذ زمن بعيد عن مسؤوليتها اتجاه النازحين، وهي لا تفتخر لا بحقوق الانسان ولا بالديمقراطية ولا تقارن لا من قريب ولا من بعيد مع ما موجود في كردستان العراق.
ان هذا الكلام المغرض لا يصب الا في تقوية الاجواء الشوفينية والعنصرية في كردستان في الوقت الذي يجب ان نناضل من اجل ان تكون كردستان نموذج فريد للحقوق الانسان ويفتخر فيه كل انسان، بأن كردستان العراق ايضا تستقبل المهاجرين واللاجئين اسوة بالدول الغربية المتقدمة ويعامل كل البشر فيها بشكل متساوي. ان هذه المهمة مرتبطة بالقوى الشيوعية والتحررية في كردستان العراق بتعرية السياسات العنصرية والشوفينية ضد النازحين وفضح المساعي والغايات التي تقف ورائها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ