الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في العام ال67 للتطهير العرقي في فلسطين

عماد صلاح الدين

2015 / 5 / 11
القضية الفلسطينية


في العام ال67 للتطهير العرقي في فلسطين
عماد صلاح الدين
في هذا العام لن العن إسرائيل ولا بريطانيا، ولا الراعية والداعمة الأولى لإسرائيل اليوم الولايات المتحدة الأمريكية ؛ لكنني سأتحدث في زاويتين وهما:

1- لماذا بقي الشعب الفلسطيني في سياق الهوية المفاهيمية الكلية للوطنية الفلسطينية، رغم فداحة التطهير العرقي الشامل على أرضه على يد العصابات الصهيونية؟
2- أين الخلل المانع دون القدرة على العودة و تقرير المصير ؟

للإجابة على هذين السؤالين، أرى من الناحية التاريخية، وبواقع التجربة الإنسانية في مسألة التطهير العرقي للشعوب، أن معظم الشعوب التي تعرضت له، والتي كانت تعد بعشرات الملايين، قد تم بالفعل إبادتها نهائيا، وتحقق عليها مسألة الترانسفير الاعدامي الناقل من دار الدنيا إلى القبور أو إلى الآخرة، مع وجود بقايا نادرة جدا في نفس الأرض التي استهدفت، أو إلى مناطق جوارية أو بعيدة أخرى.

حدث ذلك في أمريكا الشمالية؛ حيث أبيد قرابة أل 120 مليون هندي، على يد المهاجرين الغربيين في انجلترا واسكتلندا، وغيرها. وحدث ذلك أيضا في بعض مناطق أمريكا اللاتينية، وفي كندا وفي الاستراليتين، وفي بعض المناطق في أفريقيا. ونتج عن هذه الإبادات الفقدان الكلي لتلك الشعوب في مادتها وهويتها.

لكن في الحالة الفلسطينية، لم تجر الإبادة الصهيونية للشعب الفلسطيني إلى نهايتها، من ناحية تحقق الهدف منها، برسم شعار: ارض بلا شعب لشعب بلا ارض؛ على رغم أن مشروع الإبادة كان مخططا له وعلى مراحل تؤدي إلى الإبادة الكلية، ضمن ما عرف وقتها بمشروع دالت، الذي كان يقوده ديفيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل الأول عام 1948، بعد قيام دولة المشروع الصهيوني إسرائيل وقتها.

وبرأيي، أن سبب عدم تحقق مشروع التطهير الصهيوني حتى نهاياته، يعود في الأساس إلى بنية الحضور ألهوياتي والثقافي والإنساني العربي الإسلامي، ضمن بنية تراث فكري وعقيدي مستمد من مشروع القيم والأخلاق والممارسة الإسلامية؛ القائمة على التسامح والتواصل والتراحم والانتماء الوطني والعروبي لقرون طويلة، جمع من خلالها جميع مكونات الناس في المحيط العربي والحزام الإسلامي، وفي بلدان أخرى وصل إليها الإسلام الحضاري.
وحين يتم الحديث عن الجمع ما بين المكونات داخل إطار نفس الثقافة والحضارة الجامعة، على رغم اختلاف وتنوع الدين والمذهب والأقلية وحتى الاثنية، فهذا يدل على مستوى من الإنسانية راق، يكون تأثيره قويا ولقرون متطاولة، تظهر الحاجة إليها في أوقات الأزمات والكوارث والحروب، وحتى في حقب التراجعات العامة المصبوغة بالجهل والمرض والتخلف، بسبب كمون الحالة الحضارية والثقافية، والتي تكون عندها الحاجة كامنة فقط في البعث والإحياء، وبلغة العصر لتراث الثقافة والفكر، مع ضرورة التطهير لما حل على المرجعية الدينية والمنظومة القيمية، من أفكار حلولية ووثنية مبتدعة.
طبعا، بالإضافة إلى هذا البعد في الهوية وبنية المشترك الثقافي، الذي استطاع تعطيل إنفاذ مشروع التطهير العرقي الصهيوني حتى نهاياته بحق الشعب الفلسطيني، هناك أيضا مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني في انتفاضاته المتتالية وأعماله المقاومة، في غير جانب ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومشروعه في التطهير والتوسع الاستيطاني.

أما بخصوص وجود الخلل المانع دون العودة وتقرير المصير، فهذه برغم ما لدى الشعب الفلسطيني من إمكانيات هوياتية وثقافية، يتشارك فيها مع محيطه العربي والإسلامي، ساعدت على بقائه وعدم فنائه. إلا انه ينبغي القول، وعلى وجه العموم، أن المجتمعات الإنسانية حين يصيبها الضعف والتراجع، وبالتالي غياب الممارسة النظرية؛ بوعي الهوية والثقافة، وشبه الانعدام للممارسة الأخلاقية العملية، في التطبيق والتنفيذ لمجموعات القيم والثقافة، والتراث المخلص من الشوائب والمعيقات، فإننا نكون بإزاء ما يلي:
1- تصبح الممارسة الدينية شكلا يتدانى إلى حد الطقوسية الوثنية.
2- لا يوجد انسجام حقيقي حد الاتحاد بين الشعيرة الدينية والممارسة الأخلاقية.
3- تحقق الغيبوبة الاجتماعية وسيطرة الفرد أو مجموعة لا تعد على أصابع اليد الواحدة على عموم مصائر الناس.
4- تفشي الاعتذارية والتبريرية المتبادلة بين القيادة وبين المحكومين حول الإخفاق والفشل.
5- غياب العقل والمنطق الأبجدي حول قضايا سياسية واجتماعية وأخلاقية وغيرها، حتى يصبح مثلا البديل عن التفاوض هو التفاوض أو التنسيق الأمني مقدس، أو فرض الرسوم والضرائب الباهظة على الناس، أو مس حقوقهم في المال والاجتماع، دون تشريع أو قاعدة مادية اجتماعية تأسيسية، ودون تصاعدية معقولة، تراعي ما هو قائم من أوضاع المجتمع.

إن مشكلة الفلسطينيين كما هي مشكلة عموم العرب، هي في غياب صناعة منظومة الإنسان وفق أسس أخلاقية ومعرفية علمية، تركز على المضامين والأولويات، ليتحقق بعد ذلك انسجام شكليات الحضور الفاعل ككل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟