الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد السياسي الغائم في تونس

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


أبالإمكان إيجاد أفضل مما كان؟ هل يـروق للبعـض السخرية من الآخرين مثـلما تـلوح سخـرية الأقـدار من الجميع؟ المشهد في غاياته الـقـصوى يحيل إلى رقصة بلهاء على حبال السياسة في تونس. الحبال التي تهترئ يـوما فيـوما أمام أنـظار الجميع. البلد فاقـد للبوصلة و النظام السياسي بما هو عامل استـقـرار و تـنمية و توافـق أدنى لازال محط اهتـزاز جراء الاحتجاجات المتلاحقة، التي يروق للبعض تحويـلها إلى حزم سياسية يضارب بها في بورصة السياسة. كل ذلك وسط نيران الأعـداء من الإرهابـيـيـن الـذيـن يتـصدرون مشهـد الأحـداث كلما تمكنوا من ذلك..
و خارج دائرة الإرهاب يروق للبعض تـسمية الأشياء بغير مسمياتها و ما من يسار أو يمين و إنما جوقة من المجانين. دائرة الأوهام السياسية تـتـقـلص حينا لوقع الضربات و لكن ما أن تراقب إحداثياته في السر حتى لا ترى إلا نـفـس الأوهام تـطن كالذباب في العـقـول المنـتهية الصلاحية تـفكريا. فجميع الأحزاب السياسية في تونس خارج دائرة المعارف الحالية أي للتسعينات و ما بعدها، فـكلها خارج إحداثيات الثورة روحيا و فكريا، و هي ما هي إلا كائنات سياسية تجر خيـبات الماضي ورائها بوهم انجازها في الحاضر.
من الدولة الإسلامية إلى الدولة العـربية فالـدولة الستالينية فالبورقيبية. و لعلنا اليوم قـد حسمنا مسألة الدولة الإسلامية و الدولة البورقيـبية تـتهافت بدورها لأنها ليست بورقيـبة في الستينات. صفعة الواقع المباشرة مدوية تجعل أصحاب الأوهام يترنحون و لكن بما أنهم في دائرة الحكم فالبلد كله يترنح بترنحهم. لكن هناك فارق بين الأمس القـريب و اليوم. فالإيديولوجية الاسلاموية آليتها هي الفوضى و تخريب الدولة لذلك انقض عليها المجتمع مدافعا عن كيانه الذي هو الدولة، فالثورة في نهاية الأمر كانت على نظام تحول إلى عصابة مافيوزية تهدد الأغنياء و الفقراء و الموظفين و العمال و المتميـزين و العاديـين من الناس لذلك ثارت عـليه الملابس الـرثة و الأنيقة و مؤسسات الدولة. أما نداء تونس فآليته هي التدرج و النظام و هو ما سيكـفل له النجاح النسبي الذي سيكون نجاح إيصال السفينة إلى بر الأمان، لكن بناء مدينة جـديدة منيعة و قـوية تـقـدم نموذجا للعالم في دولة الحـرية و العـدالة الاجتماعية فهذا أمر مستبعـد عند جميع الأطياف السياسية الآن.
الدولة العـربية و الستالينية التي تعمل في الخـفاء كمكونات إيديولوجية لازالت مستمتعة بأوهامها هي بدورها و تـقـوم بفعل تـدمير كيانها السياسي المتمثل في الجبهة الشعبية. الجبهة التي كان من المفترض ان تكون في وضع مريح خاصة بعـد تآلف النداء و النهضة و رميهما بعرض الحائط ناخبـيهما، حتى ان البعض ذهب إلى ان الجبهة عملت إلى هذا التآلف كي تـظهر بميزان الصدق وحدها أمام ناخبـيها و عدم خداعهم، فأصبح العنوان التجاري للجبهة هو الصدق مثل الإسلام للنهضة و بورقيـبة لنداء تونس. لكن هذا الأمر مستبعـد لأن الجبهة لم تـتحرك قيد أنملة منذ الانتخابات. غـرقـت في تـناحراتها الداخلية فهذا يهدد بالخروج و ذاك يسب ذاك و أجواء غائمة جدا أبعـدتها فعـليا عن مسرح الإعلام و الأحـداث. ربما لان الجبهة لم تكن إلا وليدة منطق رد الفعل تجاه الخطر الاسلاموي و جميع تحـركاتها كانت بمنطق رد الفعل و عرفت زهـوها الجماهيري باغتيال قائـديـن منها هما من الوزن الثـقـيل على مستوى الصعيد الوطني.. فالجبهة تـدور حول نـفـسها و كأنها كوكب الزهراء بعـيدا عن الأرض و يضرب بعـضها بعضا من داخلها و خارجها ، و قياداتها تخاف قواعـدها و تكاد تخيط جميع أثوابها على مقاس قواعـدها حتى أنها نجحت ربما في أحيان كثيرة في إيجاد قياس موحد و لباس موحد، أما مناط عملها فيكاد لا يخرج عن عمل حزب العمال الناشط فيها و المتوقـف بدوره في زمانية ما بعـد ثورة 1905 في روسيا مهيـئا نـفـسه لثورة 1917 في تونس..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني. هل اشترت سيارة بوغاتي


.. بعد -المرحلة الأخيرة في غزة.. هل تجتاح إسرائيل لبنان؟ | #غرف




.. غارات إسرائيلية على خان يونس.. وموجة نزوح جديدة | #مراسلو_سك


.. معاناة مستمرة للنازحين في مخيم جباليا وشمالي قطاع غزة




.. احتجاج طلاب جامعة كاليفورنيا لفسخ التعاقد مع شركات داعمة للإ