الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغزى ذكرى اﻹنتصار على النازية

نعيم الأشهب

2015 / 5 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


تصادف هذه اﻷ-;-يام الذكرى السبعون للإنتصار على النازية في مناخ دولي تتفاقم فيه مظاهر التوتر ونذر حرب باردة جديدة. ومردّ ذلك ، في اﻷ-;-ساس ، إصرار واشنطن على تكريس هيمنتها على العالم ، متجاهلة مجمل التطورات العاصفة في العقود اﻷ-;-خيرة التي تؤكد افول عصر القطب الواحد ، الذي نشأ عقب انهيار اﻹ-;-تحاد السوفياتي.
وعلى خلفية هذا المناخ المسموم ، كانت الظاهرة البارزة التي طغت على اﻹ-;-علام الغربي بمناسبة هذه الذكرى المجيدة هذا العام ، التزييف الفاضح ، حتى حدود الوقاحة ، لوقائع التاريخ ؛ ولعلّ أكثرها تحديا للحقيقة الزعم بأن تدخل الجيش اﻷ-;-ميركي شكّل العامل الحاسم في هزيمة ألمانيا النازية! .
من المعروف أن الوﻻ-;-يات المتحدة وبريطانيا تشرشل تعمدتا ، عن وعي وتصميم ، عدم فتح الجبهة الغربية إﻻ-;-ّ في صيف 1944، حين جرى اﻹ-;-نزال في نورماندي الفرنسية. ولم يكن هذا التأخير صدفة أو ﻷ-;-سباب فنية ، وإنما لترك الجبهة الشرقية مع اﻹ-;-تحاد السوفياتي تستقطب معظم قوات هتلر ، وذلك لمنح هتلر الفرصة الكافية للقضاء على اﻹ-;-تحاد السوفياتي إن أمكنه أو، في أضعف اﻹ-;-يمان ، انهاك الطرفين ، السوفياتي واﻷ-;-لماني ، واستنزاف قوتهما ، بحيث تغدو طريقهم - أي الوﻻ-;-يات المتحدة وبريطانيا - للسيطرة على العالم ممهّدة. وحين فتحوا، أخيرا، الجبهة الغربية كان الجيش اﻷ-;-حمر السوفياتي قد حرر ليس فقط أراضيه بل وبعض بلدان أوروبا الشرقية. ويمكن اﻹ-;-عتقاد بأن أحد الدوافع لفتح هذه الجبهة كان الخشية من أن تصل عمليات الجيش اﻷ-;-حمرالى دول في غرب أوروبا وليس شرقها فقط.
لقد كلفت الحرب العالمية الثانية البشرية خمسين مليون ضحية ، وهي اﻷ-;-فدح في تاريخ البشرية كله، كان نصيب الشعب السوفياتي وحده منها ستة وعشرين مليون ضحية ، أي أكثر من نصف كل ضحايا تلك الحرب الوحشية . أما الوﻻ-;-يات المتحدة فكانت الرابح اﻷ-;-كبر من تلك الحرب . فعدا أنها لم تصبها رصاصة واحدة من تلك الحرب ، فقد تضاعف اقتصادها حوالي أربع مرات بسبب تلك الحرب ، حيث غدت مصنع العالم ، بعد تدمير مراكزه اﻷ-;-ساسية اﻷ-;-خرى . وحين انتهت تلك الحرب كان اﻹ-;-قتصاد اﻷ-;-ميركي يعادل نصف إقتصاد العالم كله. ومع ذلك ، فاﻹ-;-تحاد السوفياتي الذي دمرت الحرب أكثر من سبعين ألف مدينة وقرية فيه ، والذي من المشكوك فيه أن أية دولة سواه كانت قادرة أن تنهض من هذا الدمار الشامل والمريع ، تغلب في زمن قياسي على اثار تلك الكارثة ، وكان اﻷ-;-ول في إطلاق قمر صناعي الى الفضاء أواسط خمسينات القرن الماضي، ثم اﻷ-;-ول ﻹ-;-رسال إنسان خارج اﻷ-;-رض.
لقد انهيار اﻹ-;-تحاد السوفياتي من داخله ، نتيجة أخطاء وخطايا ذاتية ، ووجدت الوﻻ-;-يات المتحدة نفسها القطب العالمي الوحيد .لكن منذ اللحظة اﻷ-;-ولى لهذا اﻹ-;-نهيارانهمكت واشنطن في العمل على تحويل كل الجموريات التي انفصلت عن اﻹ-;-تحاد السوفياتي وكذلك بلدان شرقي أوروبا الى معاداة روسيا وعزلها؛ ولم تكتف بذلك بل راحت تكثف جهودها لتفتيت روسيا نفسها، ونشطت في تمويل وتحريض العصابات اﻹ-;-رهابية، الشيشانية وغيرها. وفي العقد اﻷ-;-خير أقدمت على مغامرتين استراتيجيتين ضخمتين ضد روسيا وبغرض عزلها وتطويقها ، اﻷ-;-ولى في جورجيا ، عام 2008، والثانية في أوكرايينا قبل أكثر من عام. أما النتائج فلم تكن مجرد الفشل ، بل والخسارة الخالصة لواشنطن ومن راهنوا عليها في البلدين.
إن محنة واشنطن تكمن في تجاهلها حركة التاريخ التي ﻻ-;- تعرف التوقف، وتصوّرها بأن التاريخ تجمد لحظة انهيار اﻹ-;-تحاد السوفياتي عام 1991، حين وجدت نفسها القطب العالمي الوحيد . لكن الواقع يقول
أنها فقدت منذ انهيار اﻹ-;-تحاد السوفياتي الكثير من قوتها النسبية وتراجعت إمكانياتها للعدوان المباشر. وجاء هذا حصيلة للعاملين التاليين : اﻷ-;-ول - آثارالمغامرات الفاشلة التي خاضتها ، مباشرة أو بالوكالة -علاوة على جورجيا واوكرايينا - في أفغانستا، والعراق ، وما تخوضه ، اليوم، بالوكالة ، عبر العصابات السلفية واتباعها في الخليج واسرائيل ، ضد شعوب الشرق اﻷ-;-وسط ، هذه الحروب المحكومة بالفشل المؤكد ، رغم ما تسببه من خسائر ودمار.. أما العامل الثاني ، فهو مفاعيل أزمة النظام الرأسمالي نفسه في الوﻻ-;-يات المتحدة ، والتي اندلعت آخر موجاتها عام 2008، وما تزال مفاعيلها تتدحرج . فالدين العام على الخزينة اﻷ-;-ميركية وصل الى ثمانية عشر تريليون دوﻻ-;-ر، متجاوزا إجمالي الناتج القومي اﻷ-;-ميركي ، واﻹ-;-قتصاد اﻷ-;-ميركي مقدم على انكماش جديد، كما توحي مؤشرات تباطئه في الربع اﻷ-;-ول من العام الجاري.
ولعل اﻹ-;-ستعراض العسكري الذي جرى في موسكو بمناسبة اﻹ-;-نتصار على النازية ، وهو اﻷ-;-ضخم في تاريخ روسيا وتضمن الكثير من اﻷ-;-سلحة العصرية والمتفوقة ، يذكّر صقور واشنطن ، مع الحقائق اﻷ-;-خرى المتسارعة من أمريكا اللاتينية الى الشرق اﻷ-;-قصى وغيرها من بقاع اﻷ-;-رض ، أن زمن الهيمنة اﻹ-;-مبراطورية في طريقه الى زوال ، وأن عصر الشعوب التي تتسارع حركتها هو البديل المؤكد ، وأن التزييف الرخيص لوقائع التاريخ لن يغيّر شيئا في هذا المسار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال وجواب
فؤاد النمري ( 2015 / 5 / 12 - 04:46 )
هل كان السوفييت سينتصرون في الحرب بدون ستالين ؟
نعيم الأشهب لن يجيب على هذا السؤال
هل كانت الشعوب السوفياتية لتقدم 26 مليون إنسان كشهداء دون أن تتراجع قبل سحق النازية في عقر دارها مع أن فرتسا استسلمت قبل أن تضحي بمائة ألف إنسان
ما الفرق !؟
ليس هناك من يشغله الاستقطاب إلا البورجوازية الوضيعة الروسية التي كانت انقلبت على الاشتراكية وتستحي من أنها البوم من دول العالم الثالث
تعيش اليوم روسيا على تصدير الواد الخام كما كانت تفعل دول العالم الثالث قبل التحرر ومع ذلك تتواقح في الحديث عن الاستقطاب

السؤال الذي يكشف على أن الأشهب لم يعد شيوعياً هو ,,,
كيف يجوز للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي أن تلغي الخطة الخمسية الخامسة التي أقرها مؤتمر الحزب في نوفمبر 1952 في اجتماعها في ايلول 1953 ؟


2 - سؤال وجواب
فؤاد النمري ( 2015 / 5 / 12 - 04:46 )
هل كان السوفييت سينتصرون في الحرب بدون ستالين ؟
نعيم الأشهب لن يجيب على هذا السؤال
هل كانت الشعوب السوفياتية لتقدم 26 مليون إنسان كشهداء دون أن تتراجع قبل سحق النازية في عقر دارها مع أن فرتسا استسلمت قبل أن تضحي بمائة ألف إنسان
ما الفرق !؟
ليس هناك من يشغله الاستقطاب إلا البورجوازية الوضيعة الروسية التي كانت انقلبت على الاشتراكية وتستحي من أنها البوم من دول العالم الثالث
تعيش اليوم روسيا على تصدير الواد الخام كما كانت تفعل دول العالم الثالث قبل التحرر ومع ذلك تتواقح في الحديث عن الاستقطاب

السؤال الذي يكشف على أن الأشهب لم يعد شيوعياً هو ,,,
كيف يجوز للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي أن تلغي الخطة الخمسية الخامسة التي أقرها مؤتمر الحزب في نوفمبر 1952 في اجتماعها في ايلول 1953 ؟

اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟