الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا-رواية-17-

خالد الصلعي

2015 / 5 / 12
الادب والفن


مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية- 17-
******************************
صار حي أرض الدولة وكرا لبائعي وتجار المخدرات الصلبة في زمن قياسي ، تناسل بائعوها من بين براعم الطفولة البريئة وأصبحوا يتبرعمون كزهر الخشخاش . يتضخم عددهم يوما عن يوم ، توارى الأشقياء الكبار ليتركوا الطريق ممهدا للأطفال .
انقلبت الصورة خلال ايام معدودات ، في البداية كان البائعون من ذوي السوابق الجنائية ، يخيفون الناس اذا نظروا اليهم . فهم رواد سجون ويستوي لديهم السجن بالحرية ، كما تستوي لديهم وجوه مشوهةةبسكين او بشفرة حلاقة ووجوه طبيعية . ثم انتقلت العدوى الى الشباب الذي وجد نفسه بلا أفق ، ولا مستقبل ، عاطل عن العمل . دخلوا التجربة . وكيف لا يدخلونها وهي تجارة تبيض ذهبا ؟. يفكرون في العواقب ويدركون أنهم اذا تم القبض عليهم فسوف يقضون ما تيسر من عمرهم وراء قضبان زنازن المملكة ، لكن الربح السريع له اغراء لا يقاوم . والحياة المعاشة لها غوايتها التي تحجب حياة مفترضة . يقول المقبل على بيع المخدرات الصلبة في نفسه ، سوف أتاجر لبضعة أيام وأجمع مبلغا محترما قبل أن يتعرف علي رجال الشرطة ، ثم أتوقف . ولا يدري انه بمجرد ما يضع يده فيها ويبدأ في تجارة الموت سيكون اول من يسقط فس شباك السلطة المثقوبة ، والمعدة أساسا للأبرياء والسذج امثاله .
يمارس بيعه لأيام ، يقارن مدخوله اليومي أو الأسبوعي فيجده مدخولا خياليا ، ففي أسبوع واحد امتلآت جيوبه بالمال ، واستطاع شراء آخر تقليعة من حذاء رياضي يحمل علامة نايك ، لقد دخل عالم الرفاهية ، يذهب مع أصدقائه لأفخر المطاعم ، يأكل أغلى المأكولات ، يتعرف على فتيات مراهقات قاصرات جميلات ولذيذات ، انه عالم كان محروما منه . تتلوى عليه يوط العنكبوت ، تأسره ولا يستطيع منها فكاكا . يقبضون عليه ، يزجونه في السجن بعد الضرب واللطم والركل والرفس ، والكلمات النابية ، يصبح هو الممون الرئيسي للمخدرات ، ويتحول الى محترف في خمسة أيام أو أسبوع . يملأون له ملفه ويرسلونه الى السجن بخمس سنوات ثقيلة .
لم يترك لأسرته ثمن القفة . أمه تبكي ، تنتحب ، تولول ، تصرخ : ابني بريء . لقد غرروا به وقدموه كبشا للفداء يا صديقتي ، يا جارتي ، يا حبيبتي . لا ابني بريئ لم يتاجر في هذه المخدرات الملعونة تصرخ في وجههن جميعهن . محت من ذاكرتها علامات النعمة/النقمة التي برزت على ابنها في الاونة الأخيرة . هيجان الكبد وحرقته وحدها ما يوجهها ويؤثر على نزعات الأمومة لديها .
أبناء طنجة مشهورون بحبهم للألبسة المستوردة ، سرعان ما يقعون ضحية الغيرة اذا ما شاهدوا صديقا لهم بلباس جديد لشركة عالية ك"أديداس" و"بوما "و"لا كوست "قبل صعود نجم" نايك" . يريد الجميع أن يلبس الألبسة الغالية ، يتنافسون فيما بينهم لدرجة ينخدع معها الكثيرون من ابناء الداخل وهم يشاهدون مواطنين يلبسون على أجسادهم ملابس يقدر ثمنها بأجرة شهرين من العمل . لكنهم لا يعرفون أن أغلبهم لا يملك درهما واحدا في جيبه .
بدأ الأطفال يتطفلون على من يكبرهم سنا من بائعي المخدرات يغبطونهم على الأموال التي يستدرونها من هذه التجارة القذرة ، وينبهرون لنوعية ألبستهم ، وخاصة الألبسة الرياضية . ووجد فيهم الشباب البالغ فرصة ذهبية لاستغلالهم في بيع المخدرات ، وصار البائعون جيش من القاصرين . يحملون السكاكين والسيوف والكريموجين ويتجمهرون حول بعضهم يلعبون ويقهقهون كأن الأمر عادي جدا .
لا أحد يفكر في العواقب ، وهم يجهلون تماما قواعد اللعبة . ما يعنيهم الآن هو الدخول الى عالم المظاهر ، واكتساب المال ، السجن لا يهم . فكثير منهم يعتبر نفسه سجينا في سجن كبير لا أسوار له .
البطالة موروثة ، والعوز والفقر موروثان ، فماذا سيخسرون ؟ .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو