الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد السياسي للإرهاب في الشرق الأوسط

جاك جوزيف أوسي

2015 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


أن قول المؤرخ اليوناني ثوسايدايدس: "إن الحرب لم تعد تتعلق بالأسلحة بقدر ارتباطها بوجود التمويل"، قد يختصر الحل المناسب للأزمة الأمنية التي أصابت منطقة الشرق الأوسط منذ نهاية عام 2010، التي أدت إلى زيادة التهديدات التي تتعرض لها دول المنطقة بتأثير الإرهاب العابر للحدود نتيجة دعم بعض القوى الإقليمية للمجوعات المسلحة التي تعمل على الأرض بهدف تحقيق مكاسب سياسية. الأمر الذي أدى إلى ظهور ما يسمى "ظاهرة الحدود السائبة" انتشرت على أطرافها التنظيمات الإرهابية والجماعات الخارجة عن القانون.
ورغم أن هذه الحالات السابقة كانت موجودة في المنطقة إلا أن التدهور الأمني الذي أصاب دول المنطقة بعد هبوب عواصف "الربيع العربي" أدى إلى بروز هذه الظاهر بشكل واضح للعيان وبدأ بتهديد الدولة الوطنية ذاتها لما خلفته على جسد الدولة من تداعيات اقتصادية واجتماعية وخيمة بسبب القدرة الفائقة لهذه الجماعات الإجرامية على استغلال الوهن الحاصل في الحالة الأمنية للمنطقة لتعظيم مكاسبها الاقتصادية وزيادة أرباحها المادية. الأمر الذي أدى إلى خلق دورة اقتصادية أصبح إيقافها صعب للغاية نظراً للعلاقات العابر للدولة التي أقامتها.
زاد في تفاقم هذه المشكلة حتى أصبحت كالورم الخبيث في جسد المنطقة، تمركز هذه الجماعات في المناطق الحدودية الرخوة، ما جعلها لا تشكل تهديدًا للدولة فقط، بل لجوارها أيضاً. ليغدو الانتشار المكثف للجماعات الإرهابية والإجرامية على الحدود الإقليمية أمراً طبيعياً، أسهم في تفاقمه واشتداد حدة تداعياته الحاضنات الشعبية التي تشكلت في الأطراف وكانت الملاذ الآمن لهذه التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى مجموعات من رجال الأعمال التي ظهرت واستفادت مما يمكن أن يطلق عليه "اقتصاد الحرب". بل إن دولاً ومنظمات غير حكومية وجماعات أيديولوجية وشركات وأفرادًا قد استفادوا من هذه الحالة، وأجَّجوها في الوقت ذاته، فيما يمكن اعتباره أدواراً ازدواجية وتفاعلات تبادلية.
ترتب على ذلك أن انتشرت أنماط من تجارة بدت من حيث كثافتها وطبيعتها أمراً غير معتاد، كتجارة السلاح والبترول والغاز، وتهريب المخدرات والبشر، والإتجار بالأعضاء البشرية والآثار والمواد الكيميائية والسلع والبضائع المنهوبة. فيما كان التطور الأبرز في هذا المجال و الجديد كلياً هو ظهور ما يسمى "اقتصاد الجهاد"، حيث لعبت العوامل المادية أدوارًا أساسية في تنامي هذه الظاهرة العابرة للحدود على مستوى دول المنطقة، وارتباطها بعضها مع بعض، ونسجها لعلاقات مع قوى عشائرية وقبلية ووسطاء محليين قدموا الدعم اللوجستي لهذه الجماعات، إضافة إلى مدهم بمعلومات أمنية وعسكرية ساعدتهم على تنفيذ الكثير من عملياتهم الإرهابية، و كانت مناطق تواجدهم الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية.
هذا الأمر يعد السبب الأول لاعتبار قضية تمويل ودعم وخلق البيئة المناسبة لممارسة نشاطات اقتصاديات العنف المسلح في المنطقة العربية، إحدى القضايا المركزية لفهم أبعاد تشابك عناصر هذه الظواهر الإجرامية والإرهابية، التي انتشرت في العديد من الدول العربية، سواء كانت مُصدِّرة للظاهرة أو مُستقبِلة لها. وفيما تتعدد أوجه الظاهرة وأبعادها الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية، فإن التركيز على الأبعاد الاقتصادية لا يعني إغفال مجمل الدوافع المحركة لها، بل هي خطوة أولى إلى سبر أغوار إحدى أهم الأسباب الأساسية التي باتت تشكل الدافع لانتشارها ومضاعفة آثارها في الوقت نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نداءات لتدخل دولي لحماية الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية | #


.. غارات إسرائيلية استهدفت بلدة إيعات في البقاع شرقي لبنان




.. عقوبات أوروبية منتظرة على إيران بعد الهجوم على إسرائيل.. وال


.. شاهد| لحظة الإفراج عن أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرا




.. مسؤول أمريكي: الإسرائيليون يبحثون جميع الخيارات بما فيها الر