الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشتراكية وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الثاني)

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2015 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الاشتراكية وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي
(الجزء الثاني)
الدكتور جاسم الصفار
بغداد 13/05/2015
كما ذكرت في مقدمة الجزء الاول من المقالة، أني لست بصدد الدخول في سجالات لا طائل منها مع المسوقين لفكرة انفصال اقليم كردستان عن الوطن الام - العراق، والمطبلين لهم. وهدفي من الكتابة يبقى هو الكشف عن هشاشة وزيف ما يدعونه من مرجعية فكرية وسياسية اشتراكية لطروحاتهم. وان ما يستندون اليه من افكار انسانية ما هي الا قناع لمغامرة قومية ستكون نتائجها كارثية على الشعبين العربي والكردي ان كانت القوة والاستقواء بالتحالفات الاقليمية، من الطرفين، هي الوسيلة لتنفيذ مشروع الانفصال.
انها مقالة لا تسعى للانتقاص من حقوق شعبنا الكردي القومية ومكاسبه التي حصل عليها نتيجة نضال طويل ومعاناة تاريخية. وما الفيدرالية الا ثمرة لكفاح الشعب الكردي والتضامن الوطني معه من قبل كل العراقيين المتجاوزين للمشاريع القومية والطائفية وعلى رأسهم الشيوعيون العراقيون. وقد كان املنا ان تعزز الفيدرالية اخوة شعبنا بعربه وكرده واقلياته، لا ان تكون قاعدة لازدهار الفكر القومي المتآمر على وحدة العراق ومصدرا لانتشار مشاعر الكراهية والفرقة بين مكونات شعبنا العراقي.
كتب لينين بعد وفاة المفكر الماركسي بليخانوف "لا يصبح المرء ماركسيا ما لم يدرس كل ما كتبه بليخانوف". ولم يكن لينين صادقا في كلماته حينها، بل كان يحسب حسابا سياسيا يستفيد منه في كسب ود انصار بليخانوف المفجوعين بفقده. وبنفس الدهاء السياسي يتصرف بعض من المحسوبين على اليسار، عند تسويقهم افكار الانفصال مغلفة بصياغات ماركسية ولينينية، ومتعكزين على تجربة البلاشفة ودولتهم السوفيتية. لذا فاني في هذا الجزء من المقال سأناقش بالذات هذه التجربة مستندا الى وثائقها واحداثها التاريخية.
فعلى ألرغم من أن البلاشفة كانوا قد أدخلوا في برنامجهم ألحزبي منذ عام 1903 اعترافا صريحا بحق الأمم في تقرير مصيرها، من منطلقات قائمة على حسابات سياسية تفرضها خصوصيات التركيبة القومية لروسيا القيصرية وحاجة البلاشفة الى مساندة القوميات المضطهدة في روسيا آنذاك لهم، إلا أنهم لم يبتعدوا كثيرا عن أفكار ماركس وإنجلز في هذا الشأن. ففي كتابه ألمعروف (عن حق الأمم في تقرير مصيرها) ألصادر عام 1914، ذكر لينين " إن إقرارنا بهذا ألحق لا يعني التشجيع على الانفصال وإنما لتعزيز انتصارنا في مسار نضالي ضد التوجهات ألقومية عند هذه الأمم....وفي سبيل وحدتها ألأممية ألمتراصة بالضد من محاولات ألبرجوازية لجرها إلى الانكفاء على قضاياها ألقومية"، وفي تذييله لملاحظاته في نفس الكتاب أوضح لينين "...الاعتراف بحق الأمم في الانفصال لا يعفي ألماركسيين من دعوة الأمم ألمضطهدة إلى ألتخلي عن فكرة الانفصال، إنه كحق الطلاق ألذي لا يمنع من الدعوة إلى نبذ الطلاق"

وبعيد ثورة أكتوبر(19-21 أكتوبر عام 1917) عاد لينين مرة أخرى إلى مسألة حق الأمم في تقرير مصيرها وإمكانية انفصال أجزاء من الإمبراطورية ألروسية ألسابقة عن روسيا السوفيتية، ليؤكد هذه ألمرة بوضوح " نحن لا نريد الانفصال. إننا نسعى لدولة كبرى بالقدر ألممكن، إلى اتحاد متماسك، فيه أكثر ما يمكن من ألتنوع ألقومي ألمتجاور مع ألقومية ألروسية ألعظيمة. إننا نسعى إلى ذلك لمصلحة ألديمقراطية والاشتراكية...."

وفي ألعام 1920 أعلن ألمسئول السوفيتي ألمكلف بشؤون ألقوميات يوسف ستالين، بصورة حازمة أن الانفصال عن روسيا ألجديدة غير مقبول على الأطلاق. وجرى توصيف ألعمليات ألحربية ألتي كانت تدور رحاها على الأراضي ألأوكرانية والقوقاز وآسيا ألوسطى، على أنها حرب أهلية وليست حرب ضد انفصاليين مع أن التوجهات ألانفصالية كانت حاضرة عند بعض القوى المعادية للنظام السوفيتي ألجديد في تلك المناطق آنذاك. ثم أجرى ستالين وبعد أن أصبح الشخص ألأول في الحزب والدولة تغييرا مبدئيا في الدستور السوفيتي ليكون فيه تقرير المصير من حق ألجمهوريات ألمتحدة في إطار دولة الاتحاد السوفيتي وليس من حق ألقوميات أو الشعوب ألمتعايشة في إطار الدولة السوفيتية.

وتبعا لذلك فان ألاشتراكيين، بما فيهم البلاشفة، كانوا يدركون ما ينطوي عليه مبدأ حق تقرير المصير بالانفصال عن الدولة ألتاريخية وإنشاء دول قومية مستقلة من مخاطر ومطبات قد تهدد مسيرة ألتطور ألاقتصادي والاجتماعي والتاريخي، من آثاره ألسلبية نشر الفرقة وروح ألعداء ألقومي وتمزيق ألنسيج ألاجتماعي. وقد ذكر لينين بأن ألتنوع ألثقافي والاجتماعي في الدول ألمتعددة ألقوميات يساهم بفعالية في تطورها ويجعلها أكثر قدرة على الأبداع مقارنة بدولة ألقومية الواحدة.

هذه الرؤيا ألمتعددة الأبعاد لمبدأ حق الأمم في تقرير مصيرها، جعلت ألاشتراكيين ومنهم البلاشفة أكثر حذرا وروية في تعاملهم مع مشروع بناء الدولة ألاشتراكية ألجديدة. ففي ألوقت ألذي كانوا فيه يؤمنون ويأملون بأن النظام ألفيدرالي هو البديل ألأفضل لحل مشاكل ألقوميات على امتداد المساحة ألجغرافية لروسيا القيصرية، إلا أنهم في نفس ألوقت كانوا حذرين من أن يستغل الانفصاليون القوميون تباين ألنضج في مفاصل هذا النظام وضعف الخبرة في إدارته، لتحويله إلى منصة انطلاق نحو الانفصال. فالبلاشفة كانوا يرون في ألفيدرالية نظام توحيدي لدولة متنوعة الأجناس والقوميات، وليس لتفكيك الدولة ألروسية وتمزيق أوصالها. وفي هذا السياق كتب لينين في موضوعات إلى ألمؤتمر ألثاني للكومنتيرن عام 1920 " من ألضروري أن نسعى لنظام اتحادي فيدرالي أكثر تماسكا".
ارجو متابعتي لطفا في الجزء الثالث من هذه المقالة.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر