الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة الفلسطينية المتعثرة

عماد صلاح الدين

2015 / 5 / 14
القضية الفلسطينية


المصالحة الفلسطينية المتعثرة

عماد صلاح الدين

يعزو المراقبون للساحة الفلسطينية فشل المصالحة الفلسطينية، إلى هذا التباين الهائل في برنامجي حركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، علما انه لعقود خلت جرت محاولات حثيثة وعديدة، لصياغة برنامج موحد يجمع الطرفين على ما سمي بالحد الأدنى لحقوق الشعب الفلسطيني؛ في إقامة دولته، وضمان حق العودة، بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 الشهير لسنة 1948.

هذه المحاولات بدأت في لقاء الخرطوم عام 1992، الذي دعا إليه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والذي شمل عددا من الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس، لكن هذا اللقاء لم يتمخض عنه شيء، وتبين بعدها انه كان يراد منه التمهيد للمفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في حينها. وهي أي هذه المحاولات لم تنته حتى هذه اللحظة، على الرغم، ومن الناحية النظرية على الأقل، ماتم توليفه من صيغة للتوفيق بين برنامجي الحركتين الكبريين في وثيقة الأسرى عام 2006 (وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني الذي وضعته الحركة الأسيرة عبر ممثليها وقتذاك)، وعلى رغم أيضا ما تمخض عنه اتفاق إعلان الشاطئ في غزة عام 2014.

إذا، أين تكمن المشكلة؟ ولماذا تتعثر المصالحة الفلسطينية والاتفاق الفلسطيني، رغم عديد المحاولات سواء في القاهرة بداية عام 2005، أو اتفاق مكة عام 2007، أو تفاهمات قطر والقاهرة لاحقا ؟
تتبادل الحركتان الاتهامات بخصوص إفشال المصالحة، وتحقيق اتفاق الوحدة الوطنية على ارض الواقع؛ فحماس تتهم فتح بالتفريط بالحقوق والثوابت الوطنية، وما أدى ذلك عمليا إلى اتفاقات أوسلو وشرعنة التنسيق الأمني مع إسرائيل، وبالتالي ملاحقة عناصر المقاومة الفلسطينية. وتعتقد حماس أن سبب ذلك هو النزعة العلمانية لدى فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي وافقت من الأساس على العملية التفاوضية مع الاحتلال. بينما تكيل فتح الاتهام لحماس بكونها حركة غير واقعية، وتتخذ من الدين غطاء لأهدافها وتحركاتها، لأجل السيطرة والاستفراد بالمشهد الفلسطيني.
هذا هو المشهد الطافي على السطح كأساس للخلاف والانقسام ما بين الحركتين، لكن المشكلة لها جذور تاريخية ممارسة في إطار الصراع مع المشروع الصهيوني، وهي غلبة العقلية القبلية والفئوية في الساحة الفلسطينية ليس من اليوم، وإنما جذورها كانت قائمة ما قبل عام 1948؛ حيث كانت الصراعات العائلية على أشدها في القدس مثلا بين عائلة الحسيني والنشاشيبي، وكانت التشكيلات الحزبية وحتى المؤسسية تتخذ غطاء لهذه الصراعات، بل وتجري تحالفات مع الانتداب البريطاني نفسه في مواجهة الطرف الآخر، على حساب حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، مما كان له الأثر الفاعل في عدم عرقلة إقامة المشروع الصهيوني و دولته إسرائيل .

واعتقد أن نفس البنية القبلية والعائلية موجودة في الحالة الفلسطينية اليوم، لكن ترجماتها هي حزبية، بسبب المعايير الظرفية الحالية عنها في السابق، فعقلية الاستفراد والاستحواذ والاستقواء بالأجنبي لا زالت قائمة، ولو على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

إن المشروع الوطني الفلسطيني الجامع كيما يتحقق إستراتيجية وفعلا، بحاجة إلى كينونة بنيوية إنسانية صالحة وفاعلة، تقوم على أسس من الهوية والتراث الفلسطيني والعربي الإسلامي؛ خال من الأساطير والخزعبلات وانحرافاتها الشخصانية والأنانية والانغلاقية، وأيضا التفريطية، وعدم تحمل المسؤولية، بحيث يؤدي إلى:

1- موقف أكثر تماسكا بالنسبة للجهة أو الجهات، التي تحصر الوطنية الفلسطينية بمفاهيم استعمارية معولمة، تنكر منظومة القيم والتراث، وتقدس البراغماتية قوة وضعفا، دون اعتبار لمقومات النهوض الوطني سواء في السلم أو الحرب.
2- موقف أكثر انفتاحا ضمن الدائرة الإنسانية الواسعة، التي تتعاطى مع المعطيات والوقائع والحوادث، بحيث تنظر إلى ما هو كائن وسيكون، خصوصا فيما يتعلق بالتحرر الوطني وتقرير المصير، مع حضور واستمرار فكرة القضاء على الظلم والاستعمار والتمييز وغيرها كبنية ومشروع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ