الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مابين داعش والتحالف السعودي الأميركي

بدر الدين شنن

2015 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


مع أن إسقاط الطائرة الملكية المغربية ، أثناء هجومها على مدينة يمنية ، هو حدث عابر في سياق الحرب ، وقد يحدث مع طائرات التحالف السعودي الأميركي الأخرى المهاجمة لليمن ، إلاّ أنه يحمل دلالات سياسية ، مغربية ، وعربية ن ودولية ، لابد من قراءتها ، والتعامل معها ، وفقاً لمصلحة الشعوب العربية ، في المشرق العربي ، وفي شمال إفريقيا .
فما حدث مع الطائرة المغربية ، لم يكشف أن المغرب منخرط عملياً في التحالف السعودي الأميركي ، وفي برنامج التحالف في اليمن .. وأبعد من اليمن ، وحسب . وإنما كشف أيضاً ، أن التحالف الملكي ضمن النظام العربي يسير قدماً ، ليفرض على البلدان العربية المسماة جمهورية أنماط حكم تتماثل في بنيتها وإدارتها وعقليتها مع أساسيات الملكيات العربية القائمة ، وليحتل مركز القطب المهيمن على كل مستويات الحياة في البلدان العربية ، السياسية ، والاقتصادية و الاجتماعية والحقوقية ، والتعليمية ، والثقافية ، والموروثات المذهبية الدينية .
وقد عمل الملك عبد الله آل سعود قبل وفاته ، على أن يضم كلاً ، من المملكة الأردنية ، والمملكة المغربية ، إلى مجلس التعاون الخليجي ، بحيث يصبح " مجلس التعاون الملكي العربي " ، الذي يسيطر على جامعة الدول العربية ، وعلى معظم مصادر الطاقة عالمياً ، وعلى قدر هائل من الرصيد المالي ، ومتماه بالتحالفية الدولية الغربية . ربما كان الملك عبد الله يحلم ، أن يكون آل سعود سادة هذا المجلس .. وهو كتحصيل حاصل ، يصير ملك الملوك .. أو أمير المؤمنين .
ولذا لم يكن لحدث الطائرة المغربية ، أن يأخذ حقه في حجمه وخلفياته ، لو أن تناوله جرى كحدث قتالي عابر ، أو تناوله بمعزل عن خلفيته الملكية المغربية ، والتحالفية الملكية العربية ، ودور المملكة المغربية في التحالف السعودي الأميركي ، الذي انطلق بإعلان الحرب على اليمن .

إذ أن الطائرة الملكية المغربية ، لم تكن تقوم بمهمة وطنية دفاعية عن المغرب ، ضد عدوان يمني . فالواقع الجغرافي للبلدين ، لا يسمح بمثل هذا العدوان ، ولا لأي خلاف حدودي يتصاعد إلى مستوى عمليات عسكرية بين اليمن والمغرب .
ويطبق الذهول على النفوس الشريفة ، عند قراءة خارطة الوطن العربي ، التي تبين أن اليمن تقع في نهاية الجنوب العربي وشبه الجزيرة العربية في آسيا ، وتقع المغرب في أقصى الغرب العربي في شمال إفريقيا . ما يثير السؤال ، حول دور المملكة المغربية ، في التحالف السعودي الأميركي ، الذي أعلن الحرب على اليمن ، وحول فوائد الدولة المغربية من تدمير اليمن المفقر وشبه الأعزل ، ويلفت إلى التزاماتها الدولية لصالح احتكارات صناعة الأسلحة ، والاحتكارات البترولية خاصة ، والاحتكارات الرأسمالية بعامة ، التي تريد استدامة السيطرة على الجغرافيا السياسية لليمن وخاصة باب المندب ، ذي الأهمية الاستراتيجية لمواصلاتها التجارية والعسكرية .

وإذا استبعدنا " الأخوة العربية " التي من المفترض أن تحول دون التصادم المسلح بين بلدين عربيين شقيقين ، واعتمدنا الواقعة المجردة ، في التعاطي مع إشهار المغرب الحرب على اليمن ، دون أن تقوم اليمن بأي عدوان على المغرب أو تهدد وجوده بشيء ، فإن ما قام به النظام المغربي ، بالتحالف مع دول أخرى ، إزاء اليمن ، هو عدوان صريح ، يتعارض مع الدستور المغربي ، ومبادئ جامعة الدول العربية ، واتفاقية الدفاع العربي المشرك ، وميثاق الأمم المتحدة . ولا يسوغه أخلاقياً ، قرار ، أو أمر عمليات ، من غرفة عمليات التحاف السعودي الأميركي ، للعدوان على اليمن ، بذريعة إعادة الشرعية ، لرئيس اليمن السابق المستقيل " عبد ربه منصور هادي " الذي هرب من استحقاق استقالته ، ومن الحل الدستوري اليمني ، ومن احترام قرار تجمع القوى السياسية اليمنية بشأن مؤسسة الرئاسة اليمنية ، بل هو عدوان تفوح منه رائحة الدولار ، وتمتد خيوط تحريكه إلى " حلف الناتو " والاحتكارات الرأسمالية العابرة للقارات .

لقد كشف العدوان الجوي الملكي المغربي على اليمن ، حقيقة بنية النظام المغربي الملكي " الدستورية ، التي مفتاحها الرئيس ، ملك يعين الملك الذي سيأتي بعده ، كما بقين الأنظمة الملكية العربية الأخرى ، التي تتعارض جوهرياً مع الديمقراطية التي يختار الشعب عبر آلياتها قائده وحاكمه . وأظهر أن الملك الملقب " بأمير المؤمنين " هو سيد البلاد ، وآمر قوى السلطة كافة ، وخاصة القوات المسلحة والأمنية ، وجميع هذه القوى تتكنى بالملك وليس بالدولة أو الشعب ، مثل .. القوات البحرية الملكية .. والقوى الجوية الملكية .. ألخ .. وجميع المحاكم تصدر أحكامها باسم الملك وليس باسم الشعب .
ولذا فإن الشعب المغربي بريء من آثام ومسؤوليات العدوان على الشعب اليمني ، سيما أن إشهار الحرب على اليمن ، كما بينت الوقائع ، لم يجر حسب أحكام المادة 49 من الدستور المغربي ، مثل براءة باقي شعوب بلدان التحالف السعودي الأميركي من جريمة العدوان على اليمن .

وكشف هذا الحدث أيضاً النفاق الأميركي الأوربي ، الذي يسكت عن ، ويشارك في ، تحالف رجعي فاشي فاقد لأبسط الشرائع الدستورية الإنسانية والديمقراطية ، موجه ضد اليمن ، وفي برنامجه العدوان على بلدان أخرى ، ومعظم دوله لعبت دوراً كبيراً ، في إنشاء وتمويل وانتشار جيوش الإرهاب الدولي الحامل أسماء متعددة لكنه يتجمع ويتبلور كما تدل كل المعطيات بتنظيم واحد هو " داعش " .
وكشف ما هو أسوأ في النظام العربي ، الذي حول جامعة الدول العربية ، إلى عصبة دول ذات مضمون اجتماعي متعدد الدرجات في المظالم الاجتماعية ، وفي الاستبداد المقنع بشرعية ولي الأمر الإلهية ، وأداة لتغطية الاعتداءات الأجنبية على البلدان العربية ، كما حدث في العراق وليبيا وسوريا .

إنه لمنظر غي غاية البشاعة ، أن تقوم أ سراب من الطائرات الحربية العربية ، من المغرب ، والإمارات المتحدة ، والمملكة الأردنية ، والمملكة السعودية ، وقطر ، والبحرين ، والكويت ، بالهجوم على اليمن العربي العريق الشقيق ، وترميه بقذائف وصواريخ جهنمية مدمرة ، فيما المطلوب منها ، قومياً ، ووطنياً ، وأخلاقياً ، أن تتحد ، وتقاتل ، من أجل تحرير فلسطين ، والجولان السوري ، ومزارع شبعا اللبنانية ، وجزر تيران السعودية " المنسية " في خليج العقبة ، من الاحتلال الصهيوني ، وتحرير " سبتة .. ومليليا " المغربية من الاحتلال الإسباني . بل وتتجنب هذه الأسراب استهداف جيوش الإرهاب الدولي " الداعشي " المتوحش ، الذي يفتك منذ سنوات باليمن وشعب اليمن .

وبناء على ما تقدم ، ليس سؤالاً سياسياً ساذجاً ، في غمرة الأحداث العربية الكارثية ، السؤال : ـــ لماذا تتفق وتتحالف دول عربية ملكية رجعية ، لاختطاف جامعة الدول العربية ، وتسخرها في إجراء تغييرات في أنظمة عربية غير ملكية ـ وتتعاون عسكرياً مع " حلف الناتو " ، وتجند جيوش الإرهاب وتمولها وتسلحها ، للعدوان على بلدان عربية أخرى ، وأخيراً تشكل تحالفاً عسكرياً عصبوياً علنياً ـ قياساً على عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى ـ ، للقيام بحروب ، حسب خرائط الهيمنة الإمبريالية على العالم ، وتلقي خلف الظهر بمسؤولياتها القومية المصيرية في الصراع العربي الإسرائيلي ، وتغمض عيونها ، وتغلق آذانها ، إزاء الجرائم الصهيونية في فلسطين وجوارها العربي ، بل إن بعضها يقيم العلاقات الدبلوماسية ، والحسنة مع إسرائيل ، وصارت عندها الأخوة " اليهودية " أكثر قداسة .. وواجباً .. ولزوماً .. من الأخوة العربية ، وخاصة في سوريا واليمن ولبنان وليبيا .

من طرف آخر ، لفت اشتراك النظام الملكي المغربي بالحرب على اليمن ، مع دول عربية ملكية تقع في أقصى الجنوب والشرق العربي ، ، إلى عصبوية الملكيات والأنظمة والقوى الرجعية ، لسحق تطلعات وتحركات الشعوب العربية من أجل تحررها وكرامتها وتقرير مصيرها . وهذه العصبوية تابعة ومتممة للمجالات الحيوية ل " حلف الناتو " الذي يعمل للسيطرة على العالم كله ، بواسطة قوى رجعية وإرهابية ، تمثل فاشية المرحلة الراهنة .

وعلى ذلك اكتملت شروط ضرورة نهوض المشروع القومي العربي التحرري الديمقراطي ، لمواجهة العصبوية الملكية الرجعية الإرهابية المتوحشة . وصار أي عمل مقاوم للإرهاب الدولي والرجعية العربية ، أو رأي يفضح العلاقة العضوية بين " داعش " والتحالف السعودي الأميركي ، لابد من أن يؤطر ، ويتحرك قومياً . إي الانفتاح والتحالف مع كل القوى القومية التحررية ، والتقدمية ، التي استوعبت دروس التجارب السابقة ، لبناء جبهة قومية تحررية ديمقراطية تقدمية ، في مواجهة الجبهة الملكية والإرهاب الدولي ، والفوات والتخلف ، جبهة تعتمد برنامجاً يعيد للإنسان في البلدان العربية .. حقوقه في تقرير المصير .. والكرامة .. والحياة الاجتماعية المتمدنة العادلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً