الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابتعدوا عمن يشبهكم ..

محمد هشام فؤاد

2015 / 5 / 15
حقوق الانسان


إحدى أهم السمات المشتركة التي يجب وأن تلاحظها لدي المجتمعات الازدواجية الشمولية التشدق دوماً بالديمقراطية وبمبادئ حقوق الإنسان، وتراها تعلن دوماً –أي تلك المجتمعات-عن تمسكها بكافة أشكال الحرية التي يجب وأن يتمتع بها أفرادها دون انتقاصٍ أو تمييز، وفي نفس الوقت تجد تلك المجتمعات أكثر بعداً عن حقوق الإنسان وتنتهك دوماً حقوق الإنسان والحيوان على حد سواء، فتراها تُقصي المعارضين إقصاءاً وتُنَكِل بالمخالفين تنكيلاً، وتري حُكامَها يحرضون نخبتهم ومثقفيهم وجوقتهم الإعلامية وسدنتهم؛ ليسبغوا علي هذا من الوطنية والولاء والانتماء، وليسحبزا من آخرٍ في نفس الوقت صكوك الوطنية ليُتَهَم بالعمالة وتنفيذ مخططات الغرب!!



ما أسهل الإقصاء دون ترسيخ قيم النقاشوالحوار؟! ما أسهل التكفير دون التفكير؟! ما أسهل الاعتقال والسجن والجلد والقمعدون الجدل والاختلاف والشك والنقد؟! فما أسهل غض الطرف عن تناقضات المجتمع وأفراده والبقاء في منطقة الأمان التي تعفينا من فضيلة وعبء التفكير من جهة والانضواء تحتلواء العقائد والأفكار والتيارات التي يعتنقها غالبية أفراده من جهةٍ أخري؟!فالبُعد عن الحوار والنقاش والجدل هي أكثر النكبات التي تأتي دوماً بالوبال عليعقول أفراد هذه المجتمعات. وقد دللت الكاتبة السورية وفاءسُلطان في مؤلفها "نبيك هو أنت" علي طريقة التفكير تلك بذكاء عندما شبهتأفراد تلك المجتمعات بالرجُل الذي لا يعرف إلا العربية ولا يعرف الانجليزية؛فعندما تعطيه كتاباً انجليزياً فمن الطبيعي أن يفتح الكتاب من اليمين إلي اليسار،وينظر إلي الأمر نظرة أحادية دون قبول أية فروضات أخري أو تأويلات خلاف ما عرفه وتربي ونشأ وجُبِل عليه!



ولذلك عدم مناقشة الأفكار وعدم استبعادالتناقضات من الأديان وعدم تنقية الموروثات هي التي أدت إلي انتشارها، ومن هناتستمد تلك التُراثات قوتها لا بسبب ما تحويها من تعاليم وقيم ومبادئ؛ وإنما لأنالأموج التي لا يعترضها حاجز أو يحجبها حاجب لا تتعثر وتسير دوماً للأمام لتضربالأحجار بقوة وتنحت في العقول بدلاً من صقلها ويجد المختلف نفسه يسبح في نهرالجنون الذي تحدث عنه توفيق الحكيم في إحدي مسرحياته؛ حيث وجد رجُلاً عاقلاً نفسهمخالفاً لكل أبناء البلدة الذين يتسمون بالجنون، ولم يستطع هذا العاقل أن يتعاملمع هؤلاء المجانين لأنه لم يُصَب بهذا الجنون؛ فهو الوحيد الذي لم يسبح في النهرالذين سبحوا فيه، وفي النهاية ألقي بنفسه في النهر ليستطيع التعايُش وأفكارالجمهور والعامة.



وفي كتابه الهام "سيكولوجية الجماهير" يري المفكر الفرنسي جوستاف لوبون أن كل فرد مُصابٌ بذكاءٍ فطري غريزي والذي يتلاشي ويأخذ في الاضمحلال عندما ينتمي الفرد إلي الحلقات الصغيرة ثم الجماعة ثم المجتمع ككل؛ فالعقل بمفرده عقلٌ واعي ويتحول هذا العقل إلي التفكير اللاواعي عندما يتنازل عن فرديته ويقرر الانضمام إلي المجموع. ومن المُتعارَف عليه في هذه المجتمعات أ نالجماعة لا يبرر سلوكها ومواقفها كل فرد فيها، إذ إن تلك المهام أنيطت بالنُخَب ورجال الدين –إذا كان هناك للدين رجال- والأجهزة التنفيذية التي تساعد الحاكم فيقمعه وفي إحكام قبضته علي العقول قبل الأجساد. فما يهُم المؤسسات الدينية وأجهزة الحُكْم وطواغيت الإعلام ومثقفو السبوبة أن يتشابه الأفراد في كلشئ: في طريقة التفكير، في المعتقدات، في التقليعات والموضات، في الموقف من المرأة والطفل، في معاملة الحيوان، في كيفية جلد ذوي المعتقدات الأخري ..إلخ ومن هُنا تذهب قيم الاستقلال والفردية والبُعد عن التشابهات أدراج الرياح ويصبح المجتمع أشبه بالسفينة الصغيرة التي يحركها رُبانُهاكيفم ووقتما وأينما يشاء، وقد جاء مجموعة من الشباب إلي أديب فرنسا العظيم أندرية جيد يسألونه النصيحة، فقال لهم: ابتعدوا عمن يشبهكم!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم عدد المعتقلين في احتجاجات الجامعات الأميركية؟


.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين




.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في


.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال




.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال