الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقلبات وإرباكات المشهد السوري

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2015 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



يتسم المشهد السوري، بانكشاف واسع، تتبدى فيه هشاشة الأطراف المختلفة داخل المعارضة، أو في بنية النظام التي تشهد حالة من انعدام التوازن، لم يسبق وأن شهدتها الثورة السورية منذ انطلاقتها، مع ركود في الحراك السياسي الى حدّ ما نتيجة لانشغال الأطراف الدولية والاقليمية، كلٌ بقضاياه الاستراتيجية.
كان من المفترض أن يتم استثمار تطورات الوضع السوري، لارغام النظام على الانخراط في تفاوض جدي على مرحلة انتقالية، فالتطورات الميدانية في عدة مناطق من الشمال والجنوب السوري، والتي يخسر فيها الجيش النظامي مزيداً من المناطق التي كان يسيطر عليها، في مواجهة قوى المعارضة المسلحة، بمختلف تلويناتها، المثيرة للإشكاليات داخل الثورة السورية، قد أحدث اهتزازاً حقيقياً في قلب دمشق، وضعت نظام الأسد وحلفائه أمام مؤشرات جديدة، وبأن تغيرات مؤثرة في المعادلات التي ظلّت قائمة على الأرض طوال عامين مضيا.
السقوط الدراماتيكي لمدن والبلدات، ومعسكرات الجيش السوري، يكشف الغطاء كاملاً على مسألتين مهمتين، أولاها أن النظام قد وصل الى درجة كبيرة من العجز في المحافظة على مواقعه، والتي ظلت عصية على مختلف الفصائل، بما تشكله من بؤر إسناد وتموين، وقيادة عمليات لمنطقة الغاب باكملها، إضافة لريف حلب واللاذقية. والمسألة الثانية انكشاف مناطق الساحل السوري وجباله، أمام القوى التي تشكل تهديداً عقائدياً وسياسياً مباشراً لها، ولسكانها، وبالتالي مزيداً من تضييق الحلقة على نظام الأسد وحلفائه.
فتحت هذه التطورات، الطريق أمام مواجهة مفتوحة مع حزب الله مرة أخرى في القلمون، مع استهداف متكرر للطيران الإسرائيلي لمواقع النظام وحلفائه، في العمق السوري، في جملة ما يعنيه ذلك استمرار تقليم أظافر الأسد، بعد تسليمه السلاح الكيمياوي، ومن ثم تدمير ترسانته الصاروخية، ومخازن الأسلحة النوعية، ليس فقط بما يضمن استخدامها من قبل النظام ضد اسرائيل، في أي مواجهة محتملة، لتصدير الأزمة الى الخارج، في سياق توتر قائم في المنطقة. لكنه أيضاً سعي استباقي لحرمان المعارضة السورية، بما فيها التنظيمات الإرهابية، وحزب الله، من السيطرة على هذه الأسلحة والقواعد. في ذلك استشعارٌ وإلماحٌ واضحٌ بأن النظام يفقد قدراته تدريجياً وأن سقوطه، قد يكون قريباً إن لم تكن هناك تسوية سياسية تنقذه من سقوط الدرجة الأخيرة.
أدت ارتدادات عاصفة الحزم، إلى خلخلة بيّنة في مسار المشروع الإيراني في سورية، أشغلت أطرافه بحشدٍ مناهضٍ لما أسمته التدخل الخارجي في اليمن، في الوقت الذي كانت تتلقى فيه ضربات موجعة، تجبرها على التراجع.
الأطراف الدولية التي أوكلت مهمة تأسيس أرضية للتفاوض في الوقت المستقطع، تعمل بهدوء على عكس نتائج العمل السعودي الخليجي في اليمن، ومشروع الاتفاق النووي الايراني، على الأحداث في سوريا، فأضحت طهران اليوم مابين المطرقة والسندان، فيما فشلت موسكو في انقاذ منتدى الحوار.
ثمة تساؤل اليوم، عما إذا كانت واشنطن وحلفائها قد أنضجت رؤية ما لحل الوضع في سورية، أو بعبارة اكثر دقة، إن كانت ظروف وأسباب إسقاط الأسد ونظامه، قد توافرت.
ليس من الواضح أن هناك توجه امريكي/غربي لدعم تقدم قوى المعارضة المسلحة، في سوريا، سواء على المستوى السياسي، ومن ثم العسكري، فلا تزال القوى المكونة لجيش الفتح في نظر المجتمع الدولي هي تنظيمات وتشكيلات إسلامية غير معترف بها، وبالتالي فإن شراكتها لجبهة النصرة، تجعل منها " إرهابية ". وهذا الأمر واضح حتى الآن في التعتيم الإعلامي الواسع، إضافة إلى الحديث المتواصل عن التهديد الذي تشكله هذه القوى، على الأقليات، والعمل المدني، وبالتالي الآمال بإقامة مجتمع ديمقراطي عادل، ستصبح مجرد حلم يتبخر مع تعاظم سلطة الاسلاميين الجهاديين.
هذه المخاوف محقة، لاتزال كثير من ممارساتها غير مطمئنة، غير أن ما يتعرض له نظام الأسد من هزائم حقيقية، على يديها، ستؤثر بلا شك في تكوين المشهد القادم، باستمرار الزحف في سهل الغاب، وربما العودة الى معركة الساحل، وبالتالي الاستحواذ على جملة أوراق قوية سوف تستخدم لاحقاً في أي عملية تفاوض مع النظام.
لكن المعطيات الجديدة، المتصلة بإرباكات المعارضة السورية، وانشغالاتها بقضايا لا تصب في مصلحة الثورة والاستفادة من النتائج على الأرض، يجعل من مخاوف الغرب تقترب كثيراً من رؤى النظام التي ما انفك يسوقها أمام المجتمع الدولي، ولاشك في أن تراجع فرص إطلاق برنامج التدريب العسكري للمعارضة السورية، يحمل دلالات واضحة، بشأن استمرار الفوضى الى مابعد الانتخابات الامريكة، وبالطبع انجاز الاتفاق النووي الايراني الشهر المقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية