الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر : معارضة حكم الاعدام لا تفتح الباب على تبييض اي من الرجعيتين

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2015 / 5 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



لما نتناول مسألة قرار الحكم بالاعدام على محمد مرسي "الرئيس المصري السابق " وقيادات نظامه وقيادات تنظيم الاخوان بمصر ، علينا أن نبحث فيها من جوانبها المُختلفة ، مُتقاطعة كانت او متعارضة ، حتى نتمكّن من بناء موقف سياسي سليم ، ينطلق من رؤية مبدئية ويحقِّقُ البراغماتية السياسية ، في آن واحد .
فمن الزاوية الحقوقية والانسانية البحتة ، يجب رفضُ حكم الاعدام بشكل عام بوصفه عقابٌ رجعي ، انتقامي لا طائل منه يُشَرِّعُ مثل العديد من القوانين الرجعية والانتقامية الاخرى ، لِمَأسسة إهانة النفس البشريّة وحَقّها المُقدّسِ في الحياة ، واذا أضفنا لهذا موضوعة الصّراع/التنافس السياسي والفكري في قَضِيّة الحال ، الى جانب الصّراع المحموم حول إنتزاع السّلطة وثباتها بين الرجعيتين المُسيطرتين على المشهد السياسي المصري ، على النُّخب المصريّة ان لا تتوقف عند حدود رفض حكم الاعدام فقط ، أو أن تطلب وقف تتفيذه ، بل أن تُوَسّعَ معركتها وسقف مطالبها الى حدود فرض منظومة قانونية وقضائية ، عادلة ومُستقلّة ، تنطلق من الادنى الانساني المتضمّن في الاعلان العالمي لحقوق الانسان . وتفرض على النّظام الرجعي العسكري القائم في مصر أن يخضع لآليات الديمقراطية المدنيّة شكلا (صناديق ، إنتخابات ...إلخ ) ومضمونا (حرية التعبير ، حق الاختلاف الفكري والايديولوجي ...الخ ) بما يعنيه ذلك من الالتزام بالتنافس المدني المواطني دون سواه في التداول على السُّلطة أو الظّفر بها من قبل هذا الفريق أو ذاك .
لا يُمكن أن نتجاهل مدى خطورة المشروع الشوفيني الرجعي لحركة الاخوان المُسلمين على الشعب المصري وعلى مُختلف شعوب المِنطقة ، ولا يُِنكن أن ننكر أنّ هذه الخطورة تُرْجِمت عمليا على الواقع السياسي المصري من خلال مُمارسة نظام مرسي من خلال التركيز على خطاب التفرقة الدينية ، و السعي الى السيطرة المُطلقة على مفاصل الدولة (الاعلان الدستور الاحادي فكريا وايديولوجيا ) و عسكرة الشّارع والتوجُّه السياسي ، أفليس السيسي جليبة نظام مرسي وصنيعته ؟! بعد أن قدّموه بوصف العسكري المُتديّن والوفي لنظام الثورة و شرعية صناديقها !! .
ولا يُمكن لنا أيضا ، بل ليس علينا ، أن نتجاهل خطورة إعادة تركيز حُكم عسكري صرف ، تكتيكيا ، إداريا وحتى في توجُّهِ إستراتيجياته التنموية والاقتصاديّة ، فنفس الآلية "الصناديقية" المُتسَرَّة ،التعبويّة المحضة و المُفرغة من كلِّ مضمون مدني ومواطني ، ومن مشروع وطني حضاري (ثوري/تحديثي) يقطع مع النمط المجتني السّابق وأشكال حُكمه الديكتاتورية ، نفس هذه الآلية الاي أوصلت مرسي للرئاسة مكّنت السيسي منها خلفا له ، لِيكونا في النّهاية مشروعا متكاملا للانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي بمصر ، وعلى بارقة التحرُّرِ والانعتاق وإمكانية قلب النّظام الاجتماعي والاقتصادي القائم لصالح السّواد الأعظم من فئات الشعب المُفقّرة والمظطهدة سياسيا وإجتماعيا على حدِّ السّواء ، ذلك المسار الذي فتحت عليه انتفاضة جانفي (يناير) /فيفري (فبراير) 2011 والتي تُوّجت بإستقالة حسني مبارك ، والتي كان يُمْكِن أن تُؤسّس لمسار يُفضي لحكم مدني مواطني يقطع مع النّظام القائم بكُلِّيته ، لولا تسليم البلاد للمجلس العسكري (برئاسة طنطاوي ) ليديرها ويُرَتّب أمور المؤسّسة العسكريّة وتحالفاتها لتكون المُحصّلة ما نشهده الآن من إستباب للأمر للمنظومة السياسية والاجتماعية السّابقة ، ذات الحكم الرئاسوي المُطلق والفكر الشُّمولي ، القائم على أحادية المرجع والخيارات وفرض نسق من الاستقطاب الثنائي شديد الحدّة بِمُبرّرات "دينية" أو "وطنيّة" واهية ، بائدة ومغلوطة .
هذا الصّراع ، إن لم نَقُل التّناحُر ، الهُووي المُصطنع الذي يشتعل سعيره في كل فضاءات الممارسة السياسية والفكرية في الساحة المصريّة بدفع من القوى المعادية للتغيير والتحديث ، لا يشذُّ كثيرا عما عايشته تونس أو أي من دول المنطقة الأخرى رُغم أنَّ تمظهُراته المؤسّساتية (الدولاتية ) تتجلّى بشكل أكبر في الخيارات الرسمية للدولة المصرية في شكليها (الاخواني أو العسكري ) ، أغرق الحركة وقواها الحيّة وطلائعها في اللّهاث خلف معارك الاستقرار السياسي ووحدة جهاز الدولة في شكله وبآلياته القديمة ، عوض توحيد جهود الجماهير الناهضة وتوجيهها في معارك حاسمة من أجل الحريّات السياسية والعدالة الاجتماعية ، حيث توحّدت مسارات كلُّ القوى الرجعية لِتقبر محاولة تثوير النِّظام السياسي والاجتماعي المصري وجرّت معها في هذا طيفا واسعا من القوى الليبرالية المُتذبذبة لِفرضوا في النهاية تحويلا لوجهة مطالب النُّخب الثورية الشّابة وعموم الجماهير الشعبية المُنتفضة .
فأمّا من حيث وطنيّة الخيارات الاستراتيجيّة ، السياسيّة والاقتصاديّة وإستقلالية القرار الداخلي ، فلم يتغيّر الشيئ الكثير سابقا وحاليا ومابينهما ، فلاتزال التوَجُّهات الكبرى للاقتصاد المصري قائمة على التبعيّة الاستهلاكيّة والارتباط السلبي بالدول المانحة ، خاصّة منها دول البترودولار في الخليج ،وما يُمليه ذلك من تهديد لسياديّة القرار الوطني ، وأمّا في حقل السياسة وإدارة الدولة فقد تضاعف تغوُّل المؤسّسات العسكريّة بدعم ومُباركة أمريكية تكاد تكون مباشرة ... الخ .
من هذه الزاوية التاريخيّة فإنّ القرارات الانتقامية المتتالية من قبل النّظام المصري بذراعه القضائي ، والتي تستهدف بشكل خاص وقُصووي (قرارات إعدام ) مجموعة الاخوان الى جانب قرارات قمعية أخرى استهدفت في محطات أخرى ناشطين حقوقيين ومدنيين "من شباب الثورة" ومهما كانت مُبرّراتها العقدية ، الايديولوجية والسياسية (مُكافحة الاراهاب ، حماية المُقدّس ، حماية الوطن ... الخ ) ، لا تتعدى كونها مُمارسات قمعيّة ناتجة عن صراع بين قُوّتين رجعيتين إنقلابيتين يُمثّلان في الجوهر نفس المصالح الطبقيّة الإقليميّة والدوليّة المُعاديّة لمصالح الشّعب المِصري وطموحاته في الحريّة والعدالة والمُساواة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين لفلسطين في أورلاندو


.. فيديو: ابنة كاسترو ترتدي الكوفية الفلسطينية وتتقدم مسيرة لمج




.. Vietnamese Liberation - To Your Left: Palestine | تحرر الفيت


.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ




.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط