الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازرعوا شتلة الديمقراطية فى عقول ووجدان الشعوب العربية أولا

حمدى السعيد سالم

2015 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الحوثيون ومعهم علي عبد الله صالح باليمن ليس فيلما هنديا....
بل هما فيلم يشبه إلى حد كبير الفيلم الإنجليزي «صيد السلمون في اليمن»....
هذا الفيلم ينتمى إلى نوعية الافلام الكوميدية الرومانسية ....
ويحكى عن مشروع خرافي لشيخ وثري يمني يدعى محمد بن زيدي آل تهام....
هذا الشيخ دفعه خياله الجامح إلى إقامة نهر باليمن يربي فيه أسماك السلمون كما يحدث في اسكوتلندا التي يمتلك فيها الثري اليمني قصرا،.....
ورغم أنه وفر كل المواصفات العلمية التي تساعد أسماك السلمون على الحياة في المياه الاسكوتلندية من درجة حرارة وأجواء وطقس....
الشيخ اليمنى فى الفيلم كان مصرّا على تصدير النموذج الاسكوتلندي للصيد إلى اليمن.... إن إصرار هذا الشيخ يشبه إصرار الحوثي وعصابته على استيراد النظام الإيراني إلى اليمن وإصرارهم على سيطرة أقلية حوثية على أغلبية سنية في اليمن.....
فهذا وهم كوهم صيد السلمون في اليمن....
فيلم اليمن الحوثي بحالته التي نراها، هو من إخراج إيراني وتمثيل عبد الملك الحوثي....
وكذلك فيلم صيد السلمون من إخراج لاس هالستروم، وبطولة إيميلي بلانت وإيوان ماكغريغور وكريستين سكوت توماس وعمرو واكد.....
من وجهة نظرى كمحلل سياسى وإستراتيجى إن سيطرة جماعة الحوثي على اليمن وهم مثل وهم صيد السلمون في اليمن، ولكن الظروف ساعدت الحوثيين مؤقتا....
فى فيلم صيد السلمون نرى أن الحكومة البريطانية المنغمسة في الحرب في أفغانستان وتتكبد خسائر كل يوم، وجدت ضالتها في مشروع الشيخ العبثي الذي رأت فيه الحكومة قصة إيجابية تصدرها للإعلام لإلهاء الرأي العام البريطاني الغاضب بعيدا عن الحرب في أفغانستان وتكلفتها البشرية والمادية......
نفس الفكرة في مشروع الحوثي، كما في الفيلم، رأى كثير من الدول، وبعضها غربية، مثل أمريكا وبريطانيا، في قصة جماعة الحوثي القادمة من أقصى الشمال في صعدة قصة تأخذهم بعيدا عن مسؤولية اليمن كدولة فاشلة، وعن فشلهم في العراق وسوريا أمام تنظيم داعش....
لم يكن بمقدور جماعة الحوثي أن تسيطر على الدولة اليمنية دون مساعدة علي عبد الله صالح وابنه أحمد والجيش الموالي لهما الذي سلم الحوثيين صنعاء من دون قتال ودعم بعض الدول الغربية للحركة الحوثية.....
قصة الحوثي مثلها مثل قصة فيلم صيد السلمون في اليمن والإصرار على تصدير نموذج لا يصلح للمنطقة من السلمون أو سيطرة أقلية زيدية على اليمن، كلاهما له تبعات كبرى على المنطقة......
الحدوتة الحوثية ليست حدوتة إيرانية فقط بل هى حدوتة ليبية -قطرية بإمتياز حيث كانت ليبيا تمول الحوثيين بالتنسيق مع قطر في الفترة من 2009 إلى 2011....
وكان القذافي يفعل هذا نكاية بالسعودية....
فى ذلك الوقت لم تكن حركة الحوثي تحظى بتلك القوة حيث كانت لهم أعداد قليلة في برلمان اليمن في عهد علي عبد الله صالح.....
و دخلت إيران بعد ذلك على خط الحوثيين بعد دخول ليبيا وقطر من إجل المد الشيعى البحرى والسيطرة على المضايق التى تنقل من خلالها الطاقة لتكون ورقة تفاوض فى يد المفاوض الايرانى !!!..
مشكلة حركة الحوثى أنها مثل كل ثورات الربيع العبرى تريد تغيير الأنظمة من أعلى ومن خلال وهم استجلاب النظام الديمقراطي الغربي إلى بلاد العرب....
وهنا تتضح صورة فيلم صيد السلمون فى أنه واحدة من شطحات اللامعقول للشيخ محمد بن يزيد الذي يقوم بدوره عمرو واكد الذي يريد أن يبني أنهارا وسدودا لتربية السلمون على غرار ما عايشه الشيخ في اسكوتلندا....
هذه الفكرة هى نفس فكرة زرع الديمقراطية الغربية في بلادنا كما تربية سمك السلمون في اليمن، فهل ما ينفع في اسكوتلندا يصلح في اليمن أو بلاد العرب ؟....
مما لا شك فيه أن تغيير النظام من فوق، مثل إزالة علي عبد الله صالح أو مبارك أو القذافي أو الأسد، لا يجلب الديمقراطية، فالديمقراطية كما أسماك السلمون تحتاج إلى درجة حرارة معينة للمياه وجو معين، وهذا الجو غير متوفر في اليمن.....
وهذا هو المساوي لحدوث الديمقراطية ليس بتغيير النظام في البلدان العربية من أعلى بل تغيير النظام من أسفل....
الديمقراطية يجب أن تنبع من عقلية الشعب وثقافته في تقبل الآخر المختلف....
اذا اردنا ان تكون لنا تجربة ديمقراطية حقيقية فلابد أن تحدث في عقل المواطن أولا وليس في الشوارع أو بتغيير رأس النظام....
كم مرة غيرنا رؤوس الأنظمة ولم يتغير شيء؟....
تغيير النظام من فوق لا يأتي بديمقراطية، بل يأتي بمزيد من الفوضى، وهذا ما رأيناه في انقلاب العسكر في سوريا، وما رأيناه من تبعات انقلاب عبد الناصر على فاروق، أو القذافي على السنوسي.....
على الشعوب العربية أن تخرج من الفوضى وتعلم أن محاولة تغيير النظام من فوق أثبتت عدم جدواها،.....
وكذلك محاولة زراعة شتلة الديمقراطية هي وهم كوهم اصطياد السلمون في اليمن....
إن عبثية المشروع واضحة لكل من شاهد الفيلم....
لا مكان لصيد السلمون في اليمن إلا بتغير درجة الحرارة وجعلها مثل حرارة مياه اسكوتلندا... وكذلك الديمقراطية لا تنبت إلا بتغيير العقلية والثقافة ....
فالديمقراطية تحدث في الرأس أولا وليس بالمظاهرات في الميادين...
وما ينطبق على اليمن ينطبق على سوريا وليبيا ومصر....
المشروعات الوهمية كزراعة السلمون في اليمن ونقل الديمقراطية إلى العالم العربي تتطلب تغيير البيئة أولا....
وحتى الآن لم تتغير البيئة....
فقط نغير الأنظمة من أعلى....
و الانقلابات في القرن العشرين كله نتيجتها كانت الديكتاتورية لا الديمقراطية....
كلها كانت مشاريع أشبه بفيلم صيد السلمون في اليمن....
ازرعوا شتلة الديمقراطية فى عقول ووجدان الشعوب العربية أولا تتجسد بعد ذلك واقعا على الارض !!!

حمدى السعيد سالم
صحافى ومحلل سياسى واستراتيجى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30