الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا ناصريين... ثمة شيء إسمه اليمن...

رضا لاغة

2015 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بدون شك الناصرية نص متجدد ، من يمتلك الجرأة لكتابته بعيدا عن متاهة الاتهام و التملّك التي تتصدّر خطابات اعتدنا على كتابتها في محافلنا( خصوصا ونحن نستعد لعقد المؤتمر القومي العربي) ؛ هو من ينتج وجودا نشطا و فعالا يتجاوز حالة الانتهاك التي تقدّم لنا صورة لأمة منسحقة . في هذا المنحى سنحاول مساءلة المشهد العائلي المتضارب ( المواقف الناصرية ) لما يحدث في اليمن مثلما هو الحال في سوريا و في مصر...
الحكاية ستكون موطنا لتقلّبات استنتجنا منها مواقف و ملفوظات متناقضة لشخوص نفترض أنهم من عائلة واحدة. و بشكل منهجي أنا أتحدث عن لحظة محددة نراجع فيها موقفا ولد ميّتا من مناضل مثل كمال شاتيلا في التغطية التلفزية التي أجراها مؤخرا في قناة الميادين.
المنبت الأصلي للموقف أنه ليس هناك حرب في اليمن و لا أحد يزايد عن دور آل سعود في دعم القضية الفلسطينية.
عندما يصدر موقفا من رمز في النضال القومي بهذه الصورة الملتبسة يصبح المعنى التضامني للناصرية ينطوي على مؤدّيات لا يمكن أن تكون متكافئة للمقام التقدمي للفكر الناصري ذاته.
نحن هنا مضطرّون أن ننقد و بشكل نسقي ناتج هذا الموقف الذي يناقض مكتسبات نعتبرها بديهية في تفكيك بناء الجغرافيا السياسية التي هي بصدد التشكل في منطقتنا العربية. و لأسباب تقدمية يعتبر الفكر الناصري كتعبيرية منتشرة في وجدان المواطن العربي ، قبل أن نتحدث عنها كإيديولوجية سياسية، دليل تاريخي يحمل في ذاته معنى صارما لا يقف عند حدود إعلان شجب التغول الإمبريالي الأمريكي و الاستيطان الصهيوني بل ينخرط في مهمة المواجهة و المقاومة . طبعا الحروب التي خاضها عبد الناصر تمثّل أدلة كافية تظهر عبد الناصر لا فقط كزعيم قومي و إنما بالإضافة إلى ذلك كمقاوم على مقربة مما نسميه اليوم بتكريس المواطنة العالمية المتحررة من كل ضروب الاستعمار و الاستغلال و الاستعباد. من هذا المنظور إذا أردت أن تعرف مكان عبد الناصر أسئل قبل ذلك عن مكان أمريكا و الصهيونية. إن مكانه يتحدد في المقام النقيض.
إذن الفخ الذي تنمحي أمامه كل الذرائع ، ينكشف متى وضع الفكر الناصري في سياق تأويلي يوائم بين متناقضات هي في واقع الحال تتبدّى للناصرية كشكل من أشكال التواطؤ . و لأن الملفوظ من ناصري يشهد له بالوفاء سنتفادى الظن بأن الموقف فيه حوافز محددة، مكتفين بالقول بأن الاجتهاد حول حرب اليمن كان خارج تشابك الفكر الناصري.لذلك قلنا بكونه ولد ميّتا.
إن ما نستطيع التدليل عليه ، أن الناصرية هي ضد كل مسعى لانتزاع الحضور الأصلي لأمة قدّر لها أن تبذل الغالي و النفيس من أبنائها للتخلص من كل سلطة تجثم على إرادتها و تكرهها بطيش سافر أن تمتثل لها.
و بعيدا عن منطق الفرضيات ، هناك طائفة لم تفتر من الاحتجاج ضد الامبريالية رغم كونها ليست متجانسة مذهبيا. من الواضح مثلا أن السواد الأعظم من الأحزاب الناصرية تعتبر حزب الله ، بصرف النظر عن مذهبه، حزبا مقاوما و متعاضدا في ممارسته مع قوى الممانعة ضد مشروع الشرق المتوسط الكبير في نسخته الصهيوــ أمريكية. إنها مهمة مستمرة يتآزر في أدائها كل من يؤمن بثقافة المقاومة بعيدا عن الشكلانية المذهبية المفتعلة التي تنشط من قبل الأعداء و العملاء لإنهاك الجبهة الداخلية للنفس المقاوم. و بموازاة ذلك يسقط البعض من أبناء العائلة في تعضيد هذا المضمون الواهي لفهم ما يجري في اليمن. أجل مفهومية الوحدة الوطنية تظل حاملا لمضمون تسوية مرتقبة و لكن انشطار الفهم و الانصياع القهري للاصطفاف المذهبي هو مقاربة مهمشة تبرز تمظهرات مغايرة لطبيعة الصراع القائم على النفي الإستئصالي لملّة على حساب أخرى وهو ما لم يحدث في التاريخ.
إن رهان الناصريين هنا ضخم لأنه مجاور لإستراتيجيا تؤكد شرعية إشعال فتيل هذا الصراع بدل اخفاته و تجميده. تتابعية الصراع بالنسبة لنا كناصريين هي مع الصهاينة و كل من يكرّس بنائيّة التجزئة و يفجّر الصراع في الداخل القومي.
لذا فإن موقعنا كناصريين و صفته جاهزة: إن التناظر بين أمريكا و الصهاينة و آل سعود و تشريد و قتل أمهاتنا و آبائنا و أطفالنا في اليمن يشكل حدثا ممسرحا يعرّي النظم الخليجية . إنها لا تفعل سوى ما فعلته الدولة عند نيتشه حين تكذب بصفاقة و تقول: أنا الشعب و كل ما تملكه تسرقه و كل شيء فيها زائف. في حربهم ضد اليمن يقولون لأنفسهم : حربنا هي إجراء حذر ضد القوة المنظمة التي تنال من أمننا القومي العربي. الحرب إذن وفق منطقهم المزعوم تسير في وجهة محددة أي باعتبارها حدث يتم تصويره في مصلحة الأمة . و لكن ما الذي فعلوه عندما كانت تقصف غزة و جنين . نحن هنا نتحدث عن عدوان نمطي يرتدّ إلى سنوات غائرة في تاريخنا المؤلم . نتحدث عن دير ياسين و صبرا و شاتيلا و كفر قاسم ... عرفنا من خلال المثال أنه لم يعد ممكنا التلاعب بعقولنا لستر بشاعة ما اقترفه آل سعود ضد شعبنا العربي في اليمن. إن سذاجة بعض من نخبنا متّسمة بالغلو في الدفاع عن آل سعود ، هي نتيجة حتمية تؤدّي و توصل إلى حقيقة محددة تجبر المثقف أن يتحاشى نقد ملوك الخليج . حافزهم الأساسي التذيّل الذي تترعرع على تخومه الزبونية البغيضة التي تجرّنا بعيدا عن الالتزام بقضايا أمتنا.
يبدو الشر طافحا في ما أقترفه ملوك الخليج من جرائم ضد أهلنا في اليمن . والوقوف في وجهه يبدو أيضا ، و من منطلق فهمنا البسيط للناصرية، هو ما يجب غرسه عند عموم شعبنا . من هذا التناقض تتولّد الرؤية الناصعة للناصرية. نتحمّل فيها المخاطرة المذهبية لنقول أن اعتناق هذا الموقف الإثباتي بلا أخلاقية الحرب الغاشمة ضد اليمن يشكّل تماهيا ظافرا مع قوى المقاومة . إننا لا نتورّع ، مثلما المقاومة، لخوض معارك ضد الحرب المنحطّة التي رجم بها اليمن بدعم لا مشروط من القوى الصهيونية و الامبريالية.
يجب أن نكون على قدر من الكمال يا كمال في صياغة رؤية جريئة للقوى الناصرية مما يجري في اليمن. إنها حرب بالوكالة مطمحها تسديد طعنة في خاصرة محور المقاومة . و لم يعد بإمكاننا ألا نستهجن و نواجه هذا العالم المصطنع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج