الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولوز وعلف هيجل

أحمد سواركة

2015 / 5 / 18
الادب والفن


دولوز وعلف هيجل

قال صديقي أنّه حضر محاضرة لجيل دولوز ، وكان يتكلّم عن هيجل
أردف : كان ضد هيجل .
فبمجرد أن تتكلّم عن ديكارت أو هيجل أنت تتكلم عن الفلسفة .
ومجرد أن تتكلّم عن رأس المال أنت تتكلم عن الماركسية .
العالم لم يذهب بعيداً كما يدّعي مُحدثي النعمة ، وجماعة الكتشب وماكدونالدز ، لا ، فقط نُظم الأستهلاك خلقت نوعاً جديداً من التخلّف الأنساني ، تجده ينشط في محاولات الإنسلاخ عن الحداثة وتقديم مايتفوق على المفهوم ، وهذا ينجلي على مايحدث لمابعد الحداثة من تذييل وجرّها لتقرّ بالتاريخي والقومي أيضاً متحرّرة من التسلسل الطبيعي .
إفراز بازارت على هوامش الفلسفة ، لايعني فلسفة ، بقدر مايعني تفكيراً ، فليس هنالك فيلسوفاً في الأديان ، ولافيلسوفا في فلسفة
هيجل .
مازال العالم يتعامل مع قوانين مندل ، ومازالوا يستخدمون جدول مندليف ويقرأون هيجل ، ويقتلون بعضهم البعض على الديانة .
في معرض حديثه عن الفن قال : الثروة التي جمعتها العائلة من تجارة المواد الغذائية ، انتقلت بهم لمستوى معيشي أفضل ، فبنوا بيتاً واسعا وراحوا يزينونه بلوحات ثمينة لفنانين معروفين . هذا البيت أصبح معرضاً حقيقياً لمابعد الحداثة . فهندسة البيت نيوكلاسيك والديكور مودرن ، واللوحات تجمع مابين القديم والجديد ، تجريد ، مودرن آرت ، بورتريهات ، لاندسكيب ، انطباع ، تعبير ، سيرياليزم . كلّ هذا ليس ذوقاً بقدر ماهو امتلاك وتحصين للأنا كي لاتتشابه مع نفسها .
الأم أميّة ، والأب لديه شهادة في الحقوق لايعمل بها ، ومحافظ بعضه ، وبعضه منفتح . الأبناء بلا شخصيات ، يبحثون في السينما ومواقع التواصل الأجتماعي عن مفقودات ، منهم متخرج من جامعة خاصة ، ومنهم اكتفى بمساعدة والده في التجارة وتزوج مبكراً . هذه العائلة حريصة على عادات قديمة في الصيف ، وأيام العطلات والأعياد وحريصة أيضاً على الظهور في المناسبات بطريقة دفاعية ، بحيث تجدهم بخلاء في البيت كرماء في المناسبات .
لهم إبنة وحيدة مصرّين لتزويجها من رجل مهم ، ونحن لانعلم من هو هذا الرجل المهم . تميل للسمنة قليلاً ولاتشتري غير الملابس المستوردة والبراند .
أحد الأبناء يأخذ كورسات لغة ، ولايحب تجارة أبيه ، ويريد أن يهاجر ويكون بمفرده وله علاقة بالمخدرات والبيرة . لكنّ العائلة حريصة على أن تظهر من الخارج كما لو كانت عائلة سليلة أسرة ثرية تعيش أيام العصور الأقطاعية في القرن الثامن عشر .
الأب حريص على رسم شجرة عائلة يقترب نسبها من نسب النبي ، وحريص على مدح السلطة الموجودة وإظهار الولاء لها حتى في جلساته الخاصّة وحتى والسلطة تتغير من اليمن لليسار أو المنتصف أو العكس .

خبطة الحاضر بمنجزات الماضي ، تبعة من تبعات الرأسمالية في صورتها التنافسية بقصد التفوق ، فالعائلة التي تضيع في مشروعها الشخصي هي وجبة لدولوز وهو يأكل معلّبات هيجل .
كيف ؟
فجأة ، يدفع الشاب مالاً كثيراً للعثور على والديه ، فهو بعد أن بلغ الواحد والعشرين عاماً لم يقتنع بوالديه بالتبني . استغل مال الأسرة التي اشترته من الملجأ للبحث عن اسم ابيه وأمّه . بعدها بعامين ترك والديه بالتبني ، وحصل على عمل وسكن بمفرده .هذا الشاب يجلس كل يوم في الحديقة يراقب المشردين والمتسولين ، ويبكي .
يبكي الشاب كل يوم ، رغم أن والديه بالتبنيّ عرضا عليه كل مايريد ، ورغم ذلك ، لم يرجع إلى البيت الذي ربوه فيه ، بل بالعكس نشأ نوع من الحياد العاطفي سرعان ماتحوّل إلى كراهية .
هذا الشاب ، ورب الأسرة الذي يرسم شجرة الأنساب على الحائط ، مع الشخص المُهم ، الذي تنتظره العائلة ليتزوج ابنتهم ، يتحركون ببطء في رأس دولوز وهو يفكر كيف لايجب أن تقدم السينما شيئاً عن هيجل ، ثم يستطرد : اترك الأنسان في القضيّة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟