الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهذه مبادرتك الوطنية لتنمية البشر يا ملك؟

أيوب المزين

2005 / 10 / 2
كتابات ساخرة


عجيب هو أمرنا، مضحك كذلك... شعب يموت ويتقطع أجزاءً وتراه واقفاً على الزقاق الطويل الممتد من ساحة أبي الجنود حتى درج الضريح الإدريسي، ينتظر فرجاً غير عادي، فرج على الطريقة العربية المتخلفة.
كان من اللازم أن أرى تلك المئات من البشر أمام البرلمان تسب وتلعن الحكومة الخائنة وتطالب بالحقوق المدنية المسلوبة، لكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، شعبنا غائص في بحر من الظلمات وأكنه ينتظر نبياً جديداً !!!. ربما، فقد سمعت عبد السلام ياسين يقول أن سنة ألفين وستة ميلادية عام تحقق رؤاه الغيبية.
خرجنا من درس الجغرافية البشرية، أكْلمنا(جرح مشاعرنا) ونحن نطلع من خلاله على الفوارق العلمية والاجتماعية بين دول الشمال والجنوب، إلى درس ضخم، درس موضوعه التخلف، عنوانه طمس الوعي الشعبي بالتقليد الخرافي: كما جرت العائدة عندنا في فاس، وكما في جل مدن المغرب، تقام مواسم لـ"أولياء الله الصالحين"، تحمل فيها الهدايا إلى الولي الميت وتحاك له كسوة جديدة يغلف بها ضريحه المقدس ويتمسح بأهدابها ضحايا ذوي السلط النافذة. إنهم جهلة بدون منازع.
وقفت إلى جانب مجموعة من الأصدقاء، خلف نساءٍ جئن منذ ساعات مبكرة لحجز الصفوف الأمامية، تساءلت: ولماذا الصفوف الأمامية بالذات ما دامت الفرجة متحققة من الخلف أيضاً؟؟!!!. فحلت بنا الطوائف "العيساوية" و"الحمدوشية" لتفك رموز سؤالي الملح: كانت ترقص في طقوس شعوذة تعود إلى آلاف السنين, وتبين لي، حينها، أن رغبة النساء كانت التبرك من أعضائها والتوسل إليهم لكي يدعوا لهن الله باسم المولى إدريس, فهم أحفاد الرسول، شرفاء، لعابهم مبارك وبرازهم كذلك. سخطت حينها على كل شيء.
لم يشفي غليلي غير صديق احتج على المعادلة السابقة في الدعاء. فالتفتت إليه تلك المتخلفات، حدقن به في نظرات ملؤها الامتعاض من ما قاله، لكن "عدنان" لم يكن هينا عليهن، فقد أتى بحديثه صلى الله عليه وسلم:" إذا مات بن آدم انقطع عمله من الدنيا إلا من ثلاث: صدقة جارية أو ابن صالح يدعو له أو علم ينتفع به."
فلزمن الصمت وطأطأن الرأس في حركة دائرية إلى الأمام. حقيقة، النص الشرعي يدحض أباطيل وأكاذيب الدجالين، الذين يجعلون من هذا اليوم مناسبة للنصب والاحتيال أمام الملأ... والقشة التي كسرت ظهر الجمل هي تلك الهبة الملكية "الفخمة" لـ"الشرفاء الأدارسة". غريب والله، أهي الأخرى تنتمي إلى النداء العاجل الذي أطلقته عن ضرورة القيام بتنمية بشرية شاملة؟. ما هكذا تورد الإبل يا ملكنا العزيز، الأدارسة من أغنى أغنياء فاس!!.
فتحت مدارس لتلقن أطفالنا في مادة التربية الإسلامية أنْ لا وساطة بين الله وعبده، وفي مادة العلوم الطبيعية أن جسد الإنسان لا يتحمل الضرب والحرق، لكن هذا الفعل الشعبي الرجعي هدم ما قدمته المدرسة من معرفة تنويرية: فالدعوة بالوساطة حاضرة، والجسد الإنساني قابل للحرق والضرب دون أن تبدو عليه آلام... قد أتفهم الأمر وأوله سيكولوجياً، بيد أن ذاك الشبل سيضيع في مفترق طرق أنت (الملك) المسؤول عن ضياعه فيه.
لا أحد يعارض إحياء التراث الشعبي والذاكرة الثقافية لوطننا، لكن، ليس على حساب التقدم المعرفي ونشر الفكر الحديث القائم على مبدأ العقلانية الموافقة بين الفعل المادي والاعتقاد الميتافيزيقي.

موقع الكاتب على الشبكة العنكبوتية:
www.aelmouzaine.new.fr








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان السوري باسل خياط: فخور كوني سورياً.. وحتى الآن لا أصد


.. الفنان السوري باسل خياط لـ-العربية-: تعرضت لمحاولات كثيرة من




.. أفضل ما قطر في 2024: الفنون البصرية والعجائب المعمارية والري


.. أحمد رزق ووفاء عامر .. الفنانون يواسون بدرية طلبة فى وفاة زو




.. كيف تفاعل مشاهير وفنانو سوريا مع سقوط بشار الأسد؟ | هاشتاغات