الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام بين الحرية والمسؤولية الاجتماعية

عبد الحسين العطواني

2015 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


الاعلام بين الحرية والمسؤولية الاجتماعية

هناك اعتقاد سائد بين عامة المجتمع في العراق , ان الحرية هي مشروعية القول والتصرف بما يناسب ميولهم وتوجهاتهم بعيدا عن الضوابط الاجتماعية والتبعات القانونية .
فلو استعرضنا ابسط تعريف ( للحرية ) , فانه ينص على انها : ( حق الافراد بالتمنع : الامن بالحياة , والحرية في الملكية , وحرية الكلام , والانظمام الى الجمعيات , ومهمة الحكومة هي احترام هذه الحقوق وحمايتها, والسماح للافراد بالسعي لتحقيق اهدافهم المختارة مع احترام حقوق الاخرين )
اذن من خلال التعريف يتضح الترابط بين حرية الافراد فيما بينهم من جهة , وبينهم وبين الحكومة من جهة اخرى , فبالنسبة للافراد ان لايمارسون حرياتهم على حساب استغلال بعضهم للبعض الاخر , اما علاقة الافراد بالحكومة فمن واجبات الحكومة حماية هذه الحريات , اى هي الضابط والمسيطر لها , ولايقصد بالضابط هنا التسلط , وانما المسؤول والمنظم لهذه الحريات بعيدا عن الاساءة , او الاستهانة بحقوق المواطنين .
والاعلام احد اهم المؤسسات في المجتمع التي يجب ان تتمتع بالحرية اللازمة لضمان انسيابية المعلومات بشكلها الصحيح دون الاخلال بآى طرف سواء كان المنتج , او المتلقي للمعلومات , لكن نتيجة للتطور التكنولوجي في مجال الاعلام بشكل عام, والانفتاح الاعلامي الذى حصل في العراق بعد 2003 بشكل خاص , اصبح الاعلام اكثر تأثيرا في تحديد الاتجاه نحو المشاركة في مجريات الحياة , سواء كان ذلك في زعزعة الاستقرار وخلق التوتر , او في دوره الرقابي والهادف لخدمة المجتمع وتطلعاته .
ففي اغلب اعلام العالم المتطور بضمنها المجتمعات الديمقراطية الغربية , من الممكن ان تكتب وتصرح ماتشاء , ولكن ان لايكون ذلك يتعارض مع مصلحة الدولة العليا , على العكس من ذلك في العراق لم يكن الامر كذلك , بل ان معظم الوسائل الاعلامية اخذت تعمل كلا على شاكلتها , دون الالتزام بأقل مايمكن من المسؤولية الوطنية والاخلاقية تجاه المجتمع , وهذه مشكلة كبيرة لم يثم معالجتها او تداركها لانها تتعلق بالتمويل , لذلك انعكست مسألة التمويل على مصداقيثة الوسائل الاعلاميثة , وشكلت حالة من الارباك بين ملكية وسائل الاعلام , وهيئات التحرير , وكيف ان المالكين يتدخلون في سيساسة التحرير , وان لاتتعارض وسائل الاعلام مع معلومات وآراء واتجاهات مالكيها , او حراس ابوابها (gatekeepers وأجندتها , لذلك فان تسويق التلفيقات والافتراءات التي لادليل لها ضد البلد اصبح أمرا مألوفا على الرغم من خطورتها , فضلا عن ان من بين هذه الوسائل من يدعم عصابات متمردة على الدولة وخارجة عن القانون , فالتمويل الاعلامي لاسيما المال الخاص , واموال الاحزاب السياسية , عندما يحكم السيطرة على وسائل الاعلام , مع فقدان مركزية الدولة في الاشراف على سير العملية الاعلامية , والسكوت عن هذا التمويل , فهو بالحقيقة فتح بابا آخر للتمويل الخارجي للاعلام الذى كثيرا مايقرر المصير الوطني نحو افق الحاضر والمستقبل , وبات الامر خارج التوجهات التي يجب ان تسخر لخدمة القضايا المصيرية .
هذه المعطيات فرضت على الصحافيين بيع ذممهم واصبحوا مرتزقة اكثر مما هم صحافيين , مما نتج عن ذلك فقدان التوافق بين المصلحة العامة , ومصلحة القوى الممولة , وبالتالي تحولت وسائل الاعلام الى عامل أساس في ترسيخ فجوة الانقسام السياسي والاجتماعي في العراق تبعا للاجندات الخارجية , الاقليمية منها , والدولية , التي تسعى دائما الى ان يكون العراق ساحة لتصفية حساباتهم , بأستغلال ظروفه الحالية بتغذية النعرات الطائفية التي آلت الى اطماع زمر داعش الارهابية .
لذلك من المفترض معالجة هذه الظاهرة الاعلامية باجراءات اجتماعية وقانونية تحد من تفشي الفساد الاعلامي , الذى يعني فساد المجتمع لكون الاعلام من اولى مهامه محاربة الفساد بمختلف اشكاله , فكيف والمعالج غارقا في الفساد ,فالموقف الاخلاقي يتطلب ان يلتزم فيه الاعلامي بالمسؤولية الاجتماعية دون الميل , او الحياد , فالميل قد يفضي الى : الاتهام المباشر بظلم مؤسسة او جماعة ما , والتنكيل باخرى , والتقليل من قيمة مسؤول , ورفع شأن اخر دون وجه حق , وأما الحياد : فيعني السكوت, فكيف للاعلامي ان يكون محايدا , بين الانحراف والاخلاص, وبين المندس والوطني , وبين المتخاذل والمدافع , وبين الفاسد والنزيه , وبين الظالم والمظلوم... الخ, فالاستقصاء والتشخيص هنا يقع ضمن مسؤولية الاعلامي وماتفرضه عليه واجبات واخلاقيات شرف المهنة تجاه شعبه وتفعيل دور الاعلام في مسيرة الاصلاح والتطور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ