الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجانب الدرامى فى ثورة لم تنتصر - جدلية اﻻ-;-حباط والتفاؤل

احمد حسن

2015 / 5 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كما أن الإحباط والتشاؤم هو احد آثار ثورة لم تنتصر ، وثورة مضادة عنيفة ، وحالة جماهيرية مشوهة ، يمثل أيضا التفاؤل المبنى على رغبات ، وعلى إيهامات وتضخيمات ، وانكار أو تفادى الواقع والمشكﻻ-;---;-----;---ت التي تسببت فى عدم انتصار الجماهير ، بل وحتى ارتدادها على الثورة نفسها التي قاموا بها ، كلا المنظورين هما انعكاس لأوضاع هزيمة ظرفية ، احدهما غرق فيها تماما ، واعتبرها هزيمة نهائية ، وادان الجماهير التي لم ترقى إلى مستوى أهدافه الرفيعة ، ومن ثم قرر اﻻ-;---;-----;---نكفاء والإحباط بعيدا عن تلك الجماهير " المتخلفة والخائنة " هذا النوع غالبا جاء من أوساط المثقفين والبرجوازية الصغيرة التي ﻻ-;---;-----;--- ترتبط حياتها بالصراع الطبقي بصورة مباشرة ، لقد كانت الثورة بالنسبة لهم مغامرة رائعة ، لكنهم ﻻ-;---;-----;-------;---- يعرفون فعﻻ-;---;-----;--- أي شيئ عن الثورات ، كان مشهد اﻻ-;---;-----;---حتشاد الجماهيري مثيرا ، ولكنه لم يكن شرطا جوهريا ، لم تكن الجماهير بالنسبة لهم سوى حشود مساعدة فى مواجهة السلطة فى لحظات معينة فلم يعبئوا ولو للحظة واحدة بتنظيمها ، لم يكن فعﻻ-;---;-----;--- لديهم خطابا مناسبا يقدمونه للجماهير ، ولم يربطوا للحظة واحدة أهدافهم بأهداف تلك الجماهير ، أحيانا كانت الجماهير بالنسبة لهم همج ومقززون ، لذلك لم يعوا حجم الكارثة حين انفضت الجماهير ، استمروا فى عملهم بقوة القصور الذاتي وحده غير مدركين أن ظهورهم صارت مكشوفة للنظام ، فلما توالت الهجمات المهينة دون أن تهرع الجماهير للدفاع عنهم كفروا وبالثورة وعادوا إلى عالمهم الصغير بكل تفاهته ، يتداولون القصص عن أيام المجد ، وتخلف الجماهير ، وﻻ-;---;-----;--- جدوى فكرة الثورة .
النوع الثاني غالبا يأتي من وسط مثقفين يساريين وتقدميين ، هؤﻻ-;---;-----;---ء الذين ظلوا يحلمون بالثورة ويقرئون حولها لسنوات طويلة دون أن يمروا بها فعﻻ-;---;-----;--- ، كانت الثورة بالنسبة لهم اقرب إلى مجموعة معادﻻ-;---;-----;---ت بسيطة ، وكانت تلك المعادﻻ-;---;-----;---ت ذهنية صرف ، ومن ثم لم يكن مشكلة بالنسبة لهم إسقاط بعض العناصر الجوهرية من تلك المعادلة ، فالثورة هي وقبل أي شيئ تعنى الجماهير ، اعفوا انفسهم ، نتيجة لعزلة طويلة ونشاط إما نخبو ى أو دعائي ، من مهمة التفكير في قضية التنظيم ، وحين داهمتهم الجماهير باعدا دها الضخمة وجدوا انفسهم عاجزين كليا عن توجيهها أو التأثير فيها ، ومن ثم لم يكن أمامهم سوى السير فى ركب العفوية ، مطهرين انفسهم ببعض البيانات التي يوزعونها فى المناسبات ، لم يكن هناك محرضين جماهيريين متوفرين لدى اليسار، وﻻ-;---;-----;-------;---- حتى منظمين بالقدر الذي يتناسب بأي درجة مع الظرف الجماهيري الذي كان يدفع بمئات ألألاف ، واحيانا بالمﻻ-;---;-----;-------;----يين ، إلى النضال المباشر . حتى ضرورة التمييز بين الجماهير من الزاوية الطبقية أو اﻻ-;---;-----;---جتماعية ، وتركيز الجهود على طﻻ-;---;-----;---ئعها اﻻ-;---;-----;---جتماعية لم يكن ﻻ-;---;-----;--- متاحا ، بسبب الحالة التنظيمية شديدة التواضع ، وﻻ-;---;-----;--- مطروحا على جدول اﻷ-;---;-----;---عمال ، أنها الثورة الشعبية الشاملة ، هكذا ردد البعض ، و راح آخرون يزيفون طبيعة الجماهير المحتشدة لتناسب رغباتهم ، انهم أبناء العمال الذين يزحمون الميادين ، وتحت سكرة الحشود الهائلة ، والمظاهرات التي ﻻ-;---;-----;--- تتوقف ، واحيانا المواجهات والمعارك اﻻ-;---;-----;---ستنزافية التي ﻻ-;---;-----;--- طائل لها ، شارك الجميع بحماس وفرح حتى دون أن يﻻ-;---;-----;---حظوا الأهداف الخبيثة وراء تلك المعارك العبثية ، ودور الأجهزة اﻷ-;---;-----;---منية فى اختﻻ-;---;-----;---قها فى كثير من الأحيان ، وبما أن القوى الطبقية التي يمكن أن تمثل تحديا حقيقيا للنظام لم يكن لها حضور ( ملحوظ على اﻷ-;---;-----;---قل ) في الكرنفال الشعبي المختلط ، كان الحل (لدى جزء كبير من هؤﻻ-;---;-----;---ء ) هو إعطاء طابع جديد ، ﻻ-;---;-----;---- طبقى ، للثورة ، أنها " ثورة الشباب " فى مواجهة " دولة العواجيز " ، وتماهييا مع هذا التحديد ، الﻻ-;---;-----;---- طبقي ، تخلوا حتى عن تصور اليسار الشعبوى ، سلطة الجماهير أو سلطة كل الشعب ، لينجروا وراء العبث الفكري لنخب البرجوازية الصغيرة ، سلطة الميدان ، أو الميادين . هكذا قلبوا تماما أي فهم علمي أو اجتماعي للثورة وللصراع الدائر ، ليحلوا محله أسؤ أنواع العبث الذهني . كان هذا الهراء بمثابة طوق إنقاذ لخيارات النظام المترنح ، فبثت الميد يا الرسمية دعايتها حول - ثورة الشباب - تاركة للأجهزة اﻷ-;---;-----;---منية مهمة توجيه الضربات لكل القوى اﻷ-;---;-----;---خرى ، العمال باعتبارهم فئويين ، الرموز والتيارات السياسية ﻷ-;---;-----;---ن الثورة ، كما تباهوا بها ، ثورة شباب وليس لها قيادة أو مصالح خاصة فئوية أو سياسية ، وتغنت حكومات ما بعد يناير بالشباب وعقدت بعض اللقاءات مع ماسمى (ممثلو الشباب ) الذين فى اغلبهم ﻻ-;---;-----;--- يعرفهم احد وﻻ-;---;-----;--- يمثلون شيئا ، واستكماﻻ-;---;-----;--- للمهزلة العابثة ، مر رموز الثورة المضادة أيضا بالميدان ، تباركوا به وتم التصفيق لهم واعتبروا ، سلطات خرجت من الميدان ، أو على اﻷ-;---;-----;---قل أخذت شرعية الميدان كما يأخذ الأفاق البركة من البابا أمام الحشود .
هكذا ساعد الهراء الفكري فى تمهيد الطريق للثورة المضادة ، وفى وضع حدود ، شبابية وميدانية ، للثورة . ولم يكن لدى احد من هؤﻻ-;---;-----;---ء حساب حقيقي للجماهير .
بعد أن انفضت الميادين ظل البعض يردد فى غثاء مزعج شعار ، سلطة الميدان ، وانكروا تماما ما حدث من تراجع وارتداد جماهيري ، فى الواقع لم تكن الجماهير هامة فعﻻ-;---;-----;--- فى حساباتهم ، فالثورة يكفى لتقدمها أن يحتشد الميدان الذي كيفوا انفسهم وا فكارهم عليه ، لن يحتاجوا إلى تلك الرحلة الشاقة التي تمر بالصراع الطبقي الفعلي وبتنظيمات طبقية ، معادلة الميدان الشبابية أسهل بكثير ، إحنا لسه هانستنى العمال ، هكذا قال احدهم . ومن ثم حافظوا على تفاؤل مفرط فى انتظار احتشاد قريب للميدان مرة أخرى . أن ثورة تلك حدودها دفعتهم لتجاهل كل المعطيات اﻻ-;---;-----;---جتماعية والسياسية التي تواجهها الثورة فعﻻ-;---;-----;--- ، فثورتهم ابسط بكثير من تلك التعقيدات .
وان كان من باب التعسف أن نحمل هؤﻻ-;---;-----;---ء اكثر مما يحتمله فعﻻ-;---;-----;--- قدرتهم على التأثير فى سير اﻷ-;---;-----;---حداث ، وهى قدرة اقل من متواضعة بكثير جدا ، إلا انهم ، بﻻ-;---;-----;--- شك ، لعبوا دورا ما فى هذا العبث الذي مهد الطريق للثورة المضادة .
أن كﻻ-;---;-----;--- من التشاؤم ، والتفاؤل اللذين اعقبا تراجع الثورة ، يعكسا جانبا دراميا من الثورة ذاتها ، تلك الثورة التي اندلعت فى شروط سياسية وتنظيمية غير مواتية ، والتي سلمت قيادها لمغامرين وعابثين يقودون عفويتها ، والتي ناضلت إلى حد الإرهاق الاقتصادي والاجتماعي عدة سنوات متصلة بعد أن دفعت دماء كثيرة ، وتخبطت يمينا ويسارا بعنف ، لتسقط فى نهاية المطاف فى حجر أعدائها من قوى الثورة المضادة . ولتجد نفسها محتشدة خلف هذا أو ذاك من أعدائها .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة