الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين نوح النبي ونوح العراقي .. ما أشبه اليوم بالبارحة.

احمد محمد الدراجي

2015 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9)...
لوحةٌ خالدة خطها نبي الله نوح "عليه السلام"خلال مسيرته الطويلة "ألف سنة إلا خمسين عاما"، تعكس لنا حقيقة الصراع بين دعاة الخير وعُبّاد الشر، بين من يريد الإنقاذ دونما أجر يبتغيه إلا مرضاة الله، ومن يريد الهلاك،،، مواصلة النصيحة، يقابلها مواصلة الأعراض عنها،،، إصرار على النصيحة، يقابله إصرار على النفور والفرار والعناد والاستهزاء، تحيُّن كل فرصة من اجل الدعوة والنصيحة وكل الأساليب: دعوة جهارا، ودعوة إسرارا، ومزيج بين الإعلان والإسرار، يقابلها تفنن في العناد والاستكبار: وضع الأصابع في الأذان حتى لا يطرق مسامعهم صوت الإنقاذ والسلام والأمان، ستر الرؤوس والوجوه بالثياب....
في نهاية المطاف صنع سفينة النجاة، ولم يركب معه إلا قليل، فغرق من أبى وفر ونفر وعاند واستكبر، ليصل إلى المقر الذي بناها بيديه.
هذه اللوحة تجلت وتجسدت في العراق مع بعض الاختلافات التي فرضتها العوامل والظروف، فداعيةُ الخير اليوم والذي يمثل الامتداد الحقيقي لخط الأنبياء، يدعوا قومه ليلا ونهارا، جهارا وإسرار، فلم يزدهم دعائه إلا نفورا وفرارا وعنادا واستكبارا واستهزاءً، وطعنا وسبا وشتما واتهاما، واعتداءً وعدوانا وقمعا وتشريدا وتطريدا، وسجنا واعتقالا وتعذيبا، وحرقا وتهديما للديار والبيوت والمساجد، وقتلا وحرقا للجثث وسحلها بالشوارع، وغيرها من الممارسات الوحشية التي لم تسمع بها إذن، ولم ترَها عين، ولم يخطر على قلب احد من قوم نوح المعاندين، ولا غيرهم، وهذا من احد الاختلافات بين قوم نوح النبي وقوم نوح العراقي...
قبل الاحتلال وما بعده والى الآن، يواصل نوح العراق مسيرته ومنهجه المعتدل في الدعوة إلى الخير والعلم والوحدة والسلام والتعايش السلمي...، ورفض الطائفية والتكفير والتطرف والعنف والقمع والتهميش والفساد والتهجير...، وينصح ويرشد ويوجه وينبه ويحذر من المخاطر الآنية والمستقبلية، ويضع الحلول ويطرح المبادرات من اجل إنقاذ العراق وشعبه، بل والشعوب العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، ، صنع لهم سفينة النجاة والخلاص، سفينة الوطن والولاء له، سفينة العلم والسلام والتعايش السلمي، وحذرهم من الغرق في طوفان الطائفية والدماء والركوب في سفينة منتلحي التشيع ومنتحلي التسنن، وما كان جواب القوم الذين نصبوا أنفسهم قادة وزعماء ومسؤولين وملحقاتهم إلا النفور والعناد والاستكبار والعدوان...
لا نستطيع هنا سرد مواقف نوح العراق المرجع الصرخي الحسني وقراءته وتشخيصه وطروحاته وحلوله ومبادراته التي اثبت الواقع والتجربة بكل وضوح صحتها وتماميتها، لكن نشير إلى واحد منها يتعلق بموقفه الواضح والصريح بضرورة تسليح من يريد الدفاع عن نفسه وعياله وشرفه وأرضه وماله ووطنه، وحذر من خطورة رفض تسليحهم بذريعة التقسيم، لعدم وجود الملازمة بين الأمرين حيث قال :
((..ليكن كلامنا وتوجهاتنا كلها منصبّة على تسليح من يحتاج التسليح من أهلنا في الشمال او أهلنا في الرمادي او الموصل وصلاح الدين وغيرها من مناطق بلدنا الحبيب لدفع خطر وإجرام التكفير القاتل المنتحل للتسنن أو التشيّع))، معتبرا إن رفض التسليح يعني ارتكاب جريمة حرب جماعية بحقهم، بقوله: (( المعترض ممن بيده السلطة والمؤثر فيها يكون متهما بجريمة الإبادة الجماعية لشعب اعزل مظلوم فالسلطة لا تسلحهم ولا تقبل ان يسلحهم احد فلا يبقى أمامه إلّا الموت فان بقوا في بيوتهم ماتوا بعمليات الثار والتصفية والقصف والاشتباكات ، وان نزحوا من ديارهم ماتوا على أيدي الغدر والخيانة))..
فكانت مواقف القوم الرفض والفرار والعناد والاستكبار الفارغ، والنتيجة تصاعد سريع في الجرائم والانتكاسات والهزائم، فكان سقوط الرمادي هو من احد نتائج رفض التسليح، ومن تداعيات المخطط المشؤوم الذي تحيكه إيران للسيطرة على الأنبار لتجعل منها درعا واقيا لها، ومصدر تهديد لخصومها، ولم تتوقف التداعيات المهلكة التي افرزها رفض التسليح عند حدود الرمادي بل صرنا نسمع عن تقارير إخبارية وعسكرية عن تقدم "داعش" إلى مناطق أخري وخصوصا في حزام بغداد...
ويستمر مسلسل الانتكاسات والهزائم والجرائم، مادامت الأساليب والمناهج نفسها، والقيادات ذاتها، كما قال نوح العراقي السيد الصرخي : (( فالمعارك كانت ولا تزال خاسرة وستبقى خاسرة مادامت نفس الوسائل والمخططات والأفكار والقيادات موجودة ومادام المنهج هو نفس المنهج الطائفي العنصري التكفيري)).
ويبقى الخاسر الوحيد في هذه المعادلة هو العراق وشعبه...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد الحسني مشروع أصلاح
Sami Adam ( 2015 / 5 / 21 - 18:04 )
بعد كل المواقف الوطنية التي تبناها السيد الصرخي الحسني لا يزال مستمراً بتجديد مواقفه الوطنية الداعمة لوحدة العراق وصون شعبه المضطهد
نرفع القبعة لهذا الرجل الكبير قدرا والمليء علما ونقول له - انت فعلا عنوان الأنسان الحر الغيور -




2 - موضوع مميز
حيدر امين ( 2015 / 5 / 21 - 20:23 )
احسنت موضوع روعه


3 - الخلاص هو الاخلاص
مروان السالم ( 2015 / 5 / 21 - 21:32 )
ان الخلاص من هذه المسئلة برمتها هو اتباع كلاماتباع كلام المخلصين الوطنيينمن الشرفاء العراقيين وعلى رأسهم المرجع العراقي العربي الكبير السيد محمود الحسني الصرخي (حفظه الله) للعراق وشعبة الذين همهم جمع كلمة الشعب العراقي وتوحيد صفوفه ولم شمل كل مكوناته بدون تمييز احد على الاخر الا بالعمل المخلص للعراق وشعبة وهو حل وخلاص العراق الوحيد وبعكسة فهو مجرد كلام دون فعل

اخر الافلام

.. كيف كان أداء الرئيس الأمريكي ومنافسه ترمب في مناظرتهما الرئا


.. المجلس الوزاري الأمني بإسرائيل يقر إجراءات طرحها سموتريتش تس




.. حاملة طائرات أمريكية تستعرض عملياتها في البحر الأحمر


.. شاهد| المناظرة الأولى بين مرشحي الرئاسة الأمريكية جو بايدن و




.. مدير حملة ترمب يعلن النصر عقب انتهاء المناظرة