الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون ومخاطر هجرة الجمال

عباس ساجت الغزي

2015 / 5 / 21
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


العراقيون ومخاطر هجرة الجمال
شعب اختلف بكل المقاييس عن باقي شعوب العالم, فاق صبر الانبياء تطاولاً بكبرياء وشموخ, وصنع المعجزات في دوامة المؤامرات التي تحيكها عقول وصفت بانها شعب الله المختار, وكلم الله بعيون تتلألأ بدمع الرضا عند نزول البلاء والفواجع بفقد احبة, ينحرون كالأضاحي بتكبيرات الاحرام .. اللهم تقبل منا هذا القربان.
تجارة صناعة المشانق ووئد براعم الجمال الابداعي شهدت رواجاً منقطع النظير في اسواق عصر اختلف هو الاخر عن كل العصور بمقاييس قيمته الجمالية, ففي وقت مضى حلقت الانفس تبحث عن ارض خصبة صالحة لزرع المبادئ والقيم الابداعية الجمالية ورعايتها بعيداً عن مخالب المستذئبين التي مزقت جمال القمر وقطعت اوصال الاحلام الجميلة بعويلها النشاز الذي كان ينذر بشريعة الغاب.
ايوب فرش بساط الصبر للنفوس المطمئنة, لكن الديدان ابت الا ان تقتل الابداع, وتشوه صورة الجمال, فراحت تعيث بالجسد العراقي فتكاً وفساداً, بغضاً لقوة الصبر والتحمل, ويعقوب الذي ابيضت عيناه من الحزن لشدة كظم الغيظ, صار بصيراً لمشاهد قتل الاخوة الجماعي الذي فاق الالاف, بتحريض من اخوة يوسف الذين لم ترق لهم قصة الكواكب والشمس والقمر, فأوغلوا واسرفوا بالقتل دون رادع انساني او اخلاقي او ديني ولا حتى وطني.
الظروف الصعبة وتلك الاحداث المؤلمة اسهمت في ولادة فايروس خطير سرعان ما تفشى في الجسد العراقي السليم, فراح يبحث عن صور الجمال في مخيلة المبدعين ليصيبها بالعطب, ورسم نشوة كاذبة حركت الجسد الابداعي بطريقة التراقص, رغم ان الصور المعروضة مأساوية حد قشعرة الابدان لقسوتها, وبفضل ذاك الفايروس باتت الصورة المشوهة سمة العصر التي تقتل الجمال في النفوس العاشقة للحياة.
بات الحزن السمة الغالبة والبصمة المؤثرة في المنتج الابداعي, بمختلف المفاصل ( الادبية, والفنية, والثقافية), حتى انها اصبحت كلمة المرور لمحاكاة مشاعر الجمهور, فالدموع تحولت الى احرف حارقة, والكلمات آهات حرى لأم ثكلى تبحث عن عطر فقيدها وسط الركام ورائحة البارود المنتشرة في المكان, والاوراق اتشحت بالسواد الا من كلمة الثارات البارزة بلونها الابيض الهجين وسط كل ذاك الخراب والدمار.
الانفجارات ومسلسل القتل, الجوع والحرمان, الظلم والبطش, كانت العناوين البارزة في اصدارات دور الطباعة, والغريب في الامر ان كثرة الرواد من شريحة الشباب الذين ثبت إصابتهم بالفايروس القاتل للجمال اكثر من الفئات العمرية الاخرى, واعلنوا بانهم اول المهاجرين بعيداً عن الصورة الجمالية, بعد ان رغبوا باستقبال خريف العمر.
خريف الانفس الذي يأبى مغادرة البساتين الخضراء النضرة, قد استمد القوة من الرياح الصفراء العاصفة التي تقتل كل معاني الجمال في النفس البشرية, فيا صبر ايوب أما آن الاوان لصبح يشهد اشراقة شمس الانفس العاشقة للحياة.
عباس ساجت الغزي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية