الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كانت أمريكا غبية كما يتوهمون ؟

كامل السعدون

2005 / 10 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هل يصدق أن يدخل بلدا مثل أمريكا حربا في بلد متخلف حضاريا مثل العراق في مفتتح القرن الواحد والعشرون ، دون أن يكون مطلعا على نمط الثقافة السائدة ومستوى وعي الناس وحجم الخرافات والأوهام والزعامات الجاهلة الموجودة فيه ... ؟
أيعقل هذا ؟ أيعقل أن أمريكا لم تكن تعرف شيئا عن طبيعة أديان هذا البلد وطبيعة تحالفات أهل الأديان مع الخارج العروبي أو الإيراني ؟ أيعقل أن تحل جيشا يفوق المليون وتترك الحدود مشرعة مع عدويها الرئيسيين المتخلفين في المنطقة ، سوريا وإيران ، دون أن تبالي ، وهي التي أشعلت أطول حرب في المنطقة بين العراق وإيران ، ولم تبخل على صدام بأي مدد حتى أوصلت الخميني إلى تجرع سم وقف إطلاق النار ، ثم زجت بصدام في الكويت ، لتعود وتحجمه مجددا وتتركه يتعفن في مكانه حتى سقط بدفعة صغيرة .
أين هو كل ميراث التخطيط الإستراتيجي الأمريكي والغربي عامة منذ ماجلان وكولومبس وتاريخ الغزو البلجيكي والهولندي والفرنسي لأفريقيا ، وكيف كانوا يبيعون السلاح على القبائل الأفريقية لتتقاتل بينها ، مقابل كنوز الذهب والألماس والعبيد الذين كانوا يحملونهم بالسفن الجبارة لينقلوهم إلى الغرب ليفلحوا الأراضي الشاسعة الخصبة التي ورثها الرجل الأبيض عن الهنود الحمر بعد إبادتهم .
لا ... من غير المعقول أن تكون الذاكرة الأمريكية كذاكرة العرب أو المسلمين عامة في سطحيتها وتبلدها وإنغلاقها على الوهم والخرافة والأسطورة والقراءة الوحيدة العوراء لنسخة واحدة وحيدة من تاريخ غير مشرف .
الأمريكان الذين أسقطوا الروس بالحفر لقرابة نصف قرن تحت الكرملين ، لا يمكن أن يفعلوا هذا ، وغبي من يصدق ما تبديه الظواهر المرئية .
لقد قهقه رامسفيلد بخبث حين بلغه تحذير الأمير السعودي المتأخر جدا ، والمنافق جدا ، فأمريكا تعرف أنها الوحيدة التي تعرف ما لا يعرفون ، وأنها الوحيدة التي تملك كل أوراق المنطقة ، وأن خرابا إضافيا محسوبا في العراق ولفترة من الزمن هو أنفع بالنسبة لها من إعمار شامل منذ اليوم الأول يمكن أن يبقي الإرهابيين والإيرانيين في جحورهم لفترة أطول دون أن تفتضح نواياهم ودون أن تتم تصفيتهم على أرض عراقية بدلا من أن يفاجئوا الأمريكان في عقر دارهم وبدلا من أن يفاجئ العالم بقنبلة إيران النووية أو هجومها الإنتحاري الواسع على أمريكا بينما هي منشغلة بالإرهاب السلفي في الوسط .
لقد تركت الإيرانيين يلعبون لعبة الغزو الثقافي المحسوب للجنوب لتضرب عصفورين بحجر واحد ، الأول : أن لا تجيز للإيرانيين أن يختاروا وقت ومكان المعركة ، والثاني : أن تورط قيادات الشيعة والسنة أمام جماهيرهم فتسقطهم سياسيا وأخلاقيا ومن خلال الإرهاب الموجه ضد بعضهم البعض حتى تصل الناس إلى قناعة أن الطائفية لا تنتج إلا الإرهاب ولا يرد عليها إلا بالإرهاب الطائفي وبالنتيجة فإن البديل هو الديموقراطية الحقة والوطنية العراقية الحقة وأن حاكم علماني حازم هو وحده المنقذ من السفه الطائفي ، وبالنتيجة سيلعن ذات الشيعة إيران وزعاماتهم الدينية ذات الهوى الإيراني ، كما ويلعن السنة أشياخهم الذين وردوا لهم الزرقاوي وعصابته ، وهكذا ينتصر الخيار الأمريكي في النهاية ، ويعاد ضبط التوازنات على أساس الوطنية لا الطائفية .
والثالث : أمريكا تريد أن تضغط على السعوديين وغير السعوديين بالتلويح بالخطر الإيراني لتفرض الإصلاح عليهم ثم لتشركهم في الحرب القادمة ضد إيران والتي قد تنفجر في أي لحظة عقب إسقاط النظام السوري في القريب ، وبذات الآن تريد أن تشركهم في الهم العراقي بعد أن توهموا أنهم قد أفلتوا من العقاب بأن صدروا الإرهاب إلى العراق .
أمريكا لم تنسى مشروعها للشرق الأوسط الكبير ، لكنها تلاعبت بالأجندة منذ اليوم الأول لتحرير العراق ، فالتطبيق لم يكن كلاسيكيا ناعما سلسا يمنح الشيعة والكرد سلطة بلا خطيئة ، ولو إنها فعلت هذا ، لهرع الشيعة إلى إيران بكل حرية ولكان نصرا ناجزا لها بأقل كلفة ، ولصار لزاما عليها أن تخرج بعد أن يعم الأمن .
بدلا من هذا تركت الطوائف تتقاتل وتركت الفساد ينمو وشغلت الجميع بالسرقة والنهب والفوضى لتضرب في النهاية ضربتها الأخيرة .
ليس في العراق حسب بل وفي أكثر من جبهة عربية وأعجمية .
ومن ينتظر يرى .
_________________________________________________________
أوسلو في ال1 من ت1- 2005
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا تحظى سيارة بيك أب بشعبية كبيرة؟ | عالم السرعة


.. -بقنابل أمريكية تزن 2000 رطل-.. شاهد كيف علق حسام زملط على ت




.. عودة مرتقبة لمقتدى الصدر إلى المشهد السياسي| #الظهيرة


.. تقارير عن خطة لإدارة إسرائيلية مدنية لقطاع غزة لمدة قد تصل إ




.. قذائف تطلق من الطائرات المروحية الإسرائيلية على شمال غزة