الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحريض على العنف عبر وسائل الاعلام .

ناصرعمران الموسوي

2015 / 5 / 23
دراسات وابحاث قانونية


التحريض على العنف عبر وسائل الاعلام ..!

يتناغم رقي المجتمعات وانغماسها في المدنية مع المساحة التي تمنحها لحرية التعبير عن الرأي والضمان الدستوري والقانوني للوسائل التي تكون محلا ً لظهور هذه الحرية ،وقد دفعت الشعوب اثمان غالية للوصول الى مرحلة ممارسة هذه الحرية ضد قوى الاستبداد والدكتاتورية ، بالمقابل فان هذه الحرية وبقدر ماهي حق فانها بذات المنحى والممارسة واجب ،وتحتاج الى ثقافة ممارسة ووعي بكنه ومسؤولية هذه الحرية ،وفي الوقت الذي لعبت وسائل الاعلام دورا مهما وكبيرا في تجنيد القطاعات الاجتماعية والجماهيرية والثقافية في التوعية باهمية الحرية والتعبير عنها فان هناك وسائل اعلام كان لها الدور السلبي في الترويج للعنف والفتنة والكراهية والتحريض على ارتكاب وممارسة العنف متخذة من التضليل الاعلامي والمعلومة الخاطئة سبيلا لذلك ، فلكل وسيلة اعلام هدف يستدل عليه من خطابها وهذه الاهداف من الخطورة ، كما ورد في منطوق حكم محكمة استنئناف القاهرة في الدعوى المدنية 7933 والصادر بتاريخ 15 /4 /1992 والذي ينص (اذا كان من المعلوم ان وسائل الاعلام تؤدي دورا ً اجتماعيا ً على درجة كبيرة من الاهمية ولها السبيل الى اقامة وحدة معنوية بين افراد المجتمع لانها تعلم المجتمع عن الامور الهامة بالنسبة لهم وبالتالي يستطيعون عن طريقها ان يعلموا بالقيم الاجتماعية للاعمال التي تصدر عمن يتصدون لخدمة المجتمع ويضيف قرار المحكمة المذكور الا انه يجب ان يكون من المعلوم ايضا ً للوسائل حدود وقيود في نشر الانباء التي تمس خصوصيات الافراد او تؤثر عليهم بالسلب وخاصة الاطفال والشباب منهم ،وهذه القيود منبعها حق الهيئة الاجتماعية في الدفاع عن مصالحها ومصالح مواطنيها ضد اي خبر يؤثر عليهم بالسلب .) بل ان هذه الخطورة جعلت عالما ً مثل (سيزار لومبروزو ) وهو احد المؤسسين لعلم الاجرام وصاحب كتاب (الانسان المجرم ) يتحامل على الصحف والمجلات وهي وسائل الاعلام الاكثر تا ثيرا في ذلك الوقت ويربط بينها وبين ارتفاع نسبة الاجرام ،ولنا ان نتصور مقدار تحامله على الدور السيء لوسائل الاعلام ونحن نراه يشبه وسائل الاعلام بمواطن العفن التي تنتج الحشرات الضارة التي تنتشر في جميع انحاء المجتمع فيقول (انها تنبش في الجرائم التي هي اشد قروح المجتمع عفنا ً، وانها تسعى من اجل كسب حقير الى بعث الشهوات البدائية من مرقدها والى اثارة اخبث انواع الفضول لدى الطبقات الاجتماعية الدنيا ) .
التعريف بوسائل الاعلام هي : كل الوسائل التي يمكن ان تنتقل من خلالها المعلومات والاخبار الى الافراد كما يراها الدكتور عبد اللطيف حمزة في كتابه (الاعلام والدعاية ) وهي متعددة منها وسائل الاعلام المرئية والمسموعة كما في التلفزيون والراديو والسينما والمسرح والفيديو والاقراص الصلبة والممغنطة (دي في دي ) وغيرها ووسائل الاعلام المقروءة كما هو حال الصحافة والكتب المطبوعه وقد تطورات التقنيات الاعلامية لتبلغ الذروة بصفة اساسية في الشبكة العنكبوتية (الانترنت ) التي تتالف من حاسبات اللكترونية متعددة ترتبط ببعضها من خلال خطوط تليفونية او من خلال الاقمار الاصطناعية والتي تتيح لمستخدميها الاتصال فيما بينهما في اي موقع من الكرة الارضية وبشكل مباشر ،كما انها توفر لمستخدمها معلومات هائلة مما جعلها الوسيلة ىالاكثر ظهورا وانتشارا ً.بل هي المعبر والموجه للرأي العام وقد لعبت هذه الوسائل دورا كبيرا في التغيير الذي حدث في مرحلة مايسمى بالربيع العربي ، وقد تباينت ادوار وسائل الاعلام الذي يتخذ الكثير منها دورا تحريضيا يؤثر على السلم والامن المجتمعي العراقي وبخاصة مرحلة التغيير التي انبرت الكثير من الوسائل الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي ولم تزل الى محاولات زرع الانقسام الطائفي والقومي والاثني بين ابناء الوطن الواحد .
التحريض الاعلامي والموقف القانوني :
التحريض بشكل عام هو السيطرة المعنوية للمحرِض على المحرَض ورسم المشروع الاجرامي الذي يتفاعل نفسيا بداخله ليتجسد ممارسة سلوكية تسمى الفعل او السلوك الاجرامي.ورغم الخطورة في فعل المحرض /الشخص فان الامر يبلغ ذروته حين تكون اداة التحريض هي الوسيلة الاعلامية التي يقع عليها عبء المحافظة على القيم والاخلاق وحماية المجتمع .
والتحريض هو احد العناصرالمطلوب توفرها في اعمال المساهم او الشريك في المساهمة الجنائية التي تتكون من ثالوث يشاركه فيه (الاتفاق والمساعدة )وتحقق ايا ً من هذه العناصر يجعل من الشريك مساهما تبعيا في الجريمة حيث (ان قيام الشخص بالتحريض على ارتكاب الجريمة ووقعت بناء على هذا التحريض او من اتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة ووقعت بناء ً على هذا الاتفاق او من اعطى الفاعل سلاحا ً او آلات او اشياء اخرى مما يستعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها او ساعده باي طريقة في الاعمال الممهدة او المسهلة او المتممة لارتكابها )
وهو ما تشير له المواد (47 ،48، 50 ،51 ) من قانون العقوبات العراقي
وكما للتحريض موضوع ينصب على القيام او اتيان الجريمة فان له طبيعة مباشرة كفعل مجرم يقع تحت طائلة القانون تتمثل بالتحديد في التوجيه على فعل واضح ومحدد بمعنى ان التحريض الذي لايكون مباشراً لايؤخذ بنظر الاعتبار بل ان الفقه الفرنسي يتطلب ان يكون التحريض موجها ً الى شخص محدد وليس الى الجمهور ،وهو امر يثير الكثير من الصعوبة في تجريم المادة الاعلامية التي غالبا ما تكون موجهة الى عدد غير محدد ،وعلى ذلك وللخروج واعتبار التحريض متوفر في حق وسيلة الاعلام يرى الدكتور( بكري يوسف) الى اعتبار المادة الموجهة الى فئة معينة بمثابة شخص محدد فالمادة الاعلامية الموجهة الى فئة او صفة كالاحداث مثلا او مهنة معينة فيستدل القاضي وله صلاحيته كقاضي موضوع اعتبار طبيعة المادة الاعلامية محددة وموجهة من حيث طبيعتها وصياغتها ونشرها موجهة وتقع تحت طائلة القانون . والحقيقة ان جرائم النشر ومنها التحريض ترتبط ارتباطا اساسيا بفكرة العلانية التي تمثل الركن الرئيسي فالفكرة نية موجودة ضمن الخلجات النفسية لاتشكل جريمة الا اذادخلت ضمن اطار التجريم بعد نشرها واطلاع الراي العام عليها وتحققها للضرر فلاعقاب على مجرد التفكير وتكوين الرأي ،وتظهر لدينا في جرائم النشر او التحريض الاعلامي ثنائية متصارعه بين حرية التعبير عن الرأي من جانب كحق مضمون ودخول هذا السلوك في التعبير وطرح الفكرة الذي يشكل مخالفة للنظام العام والاداب والامن المجتمعي من جانب آخر ،ولكون اداة الجريمة هي الكلمة ومسرحها هي الوسيلة الاعلامية فان الامر يحتاج في الاغلب الى خبير يبدي رأيه للمحكمة التي تضيف الرأي الى اجراءاتها التحقيقية للوصول الى حقيقة السلوك الذي تجسد في النشر عبر وسائل الاعلام وفيما اذا كان مجرما ام مباحا وفي كل الاحوال فان الرأي يدخل ضمن قناعات المحكمة باعتباره اساسا للحكم من عدمه . .
وفي الوقت الذي يكون فيه التحريض عنصراً في تحقيق المساهمه الجنائية للشريك يشترط فيه ان يكون (مباشرا ً صريحا او ضمنيا بالايحاء والاصل فيه (اي علاقة سببية بين التحريض والفعل الذي تم )كما يمكن ان يكون شخصيا او فرديا موجها الى شخص معين بوصفه من وسائل الاشتراك ) فان المشرع العراقي اعتبره فاعلا اصليا في حالة حضوره مكان ارتكاب الجريمة والى جانب اعتبار التحريض جريمة عامه قائمة بذاتها الا ان المشرع حدد جرائم التحريض الخاصة بشروط خاصة وفي ميدان خاص وحصرها بنوع معين من الجرائم مثاله ما جاء بقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل قي الجرائم الما سة بامن الدولة الخارجي والداخلي مثاله تحريض افراد القوى المسلحه على الخروج عن ا لطاعة وجريمة التحريض باحدى طرق العلانية وقوانين اثارة الحرب الطائفية وبعد صدور
(قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005) الذي جرم التحريض على ارتكاب الجرائم الارهابية ومنها العنف الذي يهدف الى القاء الرعب بين الناس او تعريض حياتهم وحرياتهم وامنهم للخطر وتعريض اموالهم للتلف ايا كانت بواعثه من الافعال الارهابية بما فيها العنف على تخريب او اتلاف المباني والاملاك الخاصة والعامة او محاولة امتلاكها او الاستيلاء عليها او تعريضها للخطر او الحيلولة دون استعمالها للغرض المعد له بباعث زعزعة الامن والاستقرارودخل الميدان التطبيقي في مكافحة جرائم الارهاب الا ان التحريض الاعلامي الذي اتسع مداه بعد الاتساع الاثيري لوسائل التقنيات ونتاجاتها الاعلامية والتي تشكل الفضائيات الاعلامية وشبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي يحتاج العراق الى تقنين يرتقي بالعمل الاعلامي ويخرجه من الفوضى التي خرجت من الاقتران الخلاق لتقترن باسقاطات الرؤى السياسية بعيدا عن الموضوعية والالتزام المهني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج