الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسويق السياسي من خيار التأسيس لهوس المدافعة!!

عادل مرزوق الجمري

2005 / 10 / 2
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


راسم الجمال وخيرت عياد في مؤلفهما الجديد
التسويق السياسي من خيار التأسيس لهوس المدافعة

لابد أنه المنتج الأول عربياً، والذي يتناول مفهوم التسويق السياسي والإعلام، ويعتبر هذا المرجع من القراءات الحديثة والهامة لكافة السياسيين والمثقفين والإعلاميين على حد سواء، خمسة فصول متتابعة سبر فيها المؤلفان هذا المفهوم تأسيساً وترجمة وتطبيقاً، الكتاب يعتبر أول مرجع عربي في هذا السياق، ويتميز فيما يتميز فيه أنه يركز على القراءة العلمية من زاوية الإعلام والتسويق كمفاهيم تأسيسية رئيسة للتسويق السياسي.
وينفرد الكتاب بتركيبته العلمية الأكاديمية وقدرته على الخروج من حدود النظرية لبيئة التطبيق بسلاسة وإنسيابية، وهذا ما دعمه المؤلفان بدراسة متخصصة في فصلهما الأخير حول الإصلاح السياسي في مصر، مما أتاح للقارئ فرصة مباشرة لمتابعة نجاعة الرصد والتحليل العلمي على البيئة السياسية مباشرة.
في أحضان المفهوم:
لابد أن تبدأ المفاهيم بمناطق متوترة قلقة، إلا أن الأفق المعرفي المضطرب لا يمنع من إستفحال هوس التعريف في الثقافة الشرقية، خاصة وأن التسويق السياسي موضوع هذا الكتاب هو بالدرجة الاولى "صناعة أمريكية"، وأنه على الصعيد التأسيسي معرفياً مصاب بتلك الفوضى الأمريكية البناءة، سواء على صعيد المفهوم أو على التطبيق الإجرائي للمفهوم.
يستعرض المؤلفان تعريفات التسويق السياسي على إختلاف زوايا المتابعة له معرفياً وتوظيفياً، ويعتقدان أنه مفهوم "مازال في مرحلة التطور، وهو فرع معرفي جديد تعود بداياته الأولى إلى عام 1990 عندما نشر نيكولاس اوشوفنتسي دراسته المعنونة "ظاهرة التسويق السياسي". إلا أنه لابد من الفصل بين التسويق السياسي من جهة، وبين التسويق التجاري والدعاية السياسية والإتصال السياسي من جهة أخرى.
ما يثير الإهتمام هو أن النموذج المعرفي والنظري في التجربة السياسية الأمريكية لا يمكن أن نسوغ تعميمه، خاصة إذا ما تابعنا واكتشفنا أن مجمل النظريات اليسياسية والإجتماعية الأمريكية بأنها مجموعة من الرموز الغير منظمة، وهكذا وصفهم القسيس الفرنسي دي توكفيل ذات مرة إذ قال "إنهم أفضل من يطبق الكانطية، دون دراية".
يطرح المؤلفان عديد الأسئلة الهامة في هذا السياق، هل يمكن تطبيق مفاهيم التسويق وإستراتيجاته في السياسية؟، هل أفرغ التسويق السياسي السياسة من مضمونها؟، هل أدى التسويق السياسي إلى تركيز السياسيين على الجمهور أكثر من تركيزهم على القيادة السياسية؟، وأخيراً، هل يخدم التسويق السياسي الأغنياء فقط؟.
مزيج التسويق السياسي:
للتسويق التجاري مزيجه الخاص، وكما أن التسويق الإجتماعي إمتلك في سياقه النظري حديثاً مزيجه الذي تفرد به، فإن التسويق السياسي يخضع لمزيج خاص POLITICAL MARKITING MIX ، وبالطبع ثمة علاقات متبادلة مركزية وجانبية بين هذه العناصر مجتمعة، حدد المؤلفان هذه المكونات للمزيج في السياق التالي:
أولاً/ السوق السياسي: يذهب الباحثان إلى إعتبار السوق السياسي سوقاً مكوناً من "الناخبين والمجموعات المختلفة من المجتمع، والتي يمكنها التأثير في القرار التصويتي للناخب". ويضع الكتاب له خصائصه الرئيسة من البعد الأيديولوجي والإجتماعي والثقافي والمستهلك المضاد والصورة الذهنية والسمعية.
ويتناول الكتاب تجزئة السوق وسلوك المستهلك السياسي، والتحول إلى إدارة العلاقات في السوق السياسي، ومكونات السوق السياسي وكيفية تعامل الحزب مع كل منها.
للباحث السياسي المعروف علي سالم مراجعة لنصوص الإجتماعي الفرنسي بيير بورديو في هذا السياق تستحق المراجعة والإهتمام. إذ يرى بورديو أن السوق السياسية تتشكل من عناصر قارة، ومن علاقات متجاذبة تربط بينها، ويعتبر أن جزئية "الأهلية السياسية" أو "الثقافة السياسية" هي العنصر المحدد لها والمتحكم بصورها، وتخضع هذه السوق لمبدأ العرض والطلب، وهي لا تقتصر على الناخبين، بل هي علاقة متكاملة وشاملة بين الطرفين.
يرى سالم "أن السوق السياسية تتكون من عنصرين هامين، العنصر الأول هم الفاقدون للأهلية السياسية، وهم بالتحديد العامة من الناس "الشعب"، والعنصر الثاني هم الفاعلون الإجتماعيون أو الزعماء والقادة السياسيون، لاسيما الذين هم في موقع السلطة". هناك بالطبع علاقة بين الطرفين لكنها في الغالب لمصلحة ذويي الأهلية السياسية على الطرف الآخر الفاقد لها.
ثانياً/ المنتج السياسي: يشير الكتاب إلى أن المنتج السياسي يعبر عن سلوك المؤسسات السياسية وأعضائها ومرشحيها ورموزها، ومؤتمراتها السياسية ودستورها وسياساتها، في رجوع إلى نظرية LESS-MARSHMENT 2001 ، إلا أنه منتج يختلف عن السلع والخدمات "لما يحتويه من رموز وقيم ومعان ذات أبعاد إجتماعية وثقافية"، كما يخضع لماهية الفهم UNDERSTANDING من قبل المجتمع السياسي في السوق السياسي، ويضع المؤلفان سمات خاصة بالمنتج السياسي، وهي تعدد مكوناته، ودرجة الولاء، والقابلية للتغيير.
ثالثاً/ المؤسسة السياسية: وهي أحد ملامح التطور السياسي لأي تجربة، وهذه المؤسسة السياسية لها خصائصها التي تلعب دور التبيئة السياسية الواقعية والمقبولة positioning لما يفضي للسلم المدني. مواقف الاحزاب السياسية وإستراتيجاتها تلعب دوراً هاماً في هذا السياق، ويستدل الكاتبان بتجربة الرئيس الأمريكي كلنتون 1992، وتجربة الرئيس البريطاني توني بلير 1997. إن هذه الإستراتيجيات تعتبر محرك رئيس في ضبط إيقاع التسويق السياسي وتحديد برامجه الإتصالية والتقنية والثقافية والفكرية.
رابعاً/ وسائل الإتصال: تبقى مفاهيم الإتصال ضابطة مؤثرة لإيقاع أي مفهوم تسويقي، فالمفهوم الإتصالي تطور تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الماضية وصولاً لإفراد الفصل الرابع من الكتاب لهذا السياق بشكل خاص.
إستراتيجيا التسويق السياسي:
يستثمر التسويق السياسي كافة إسترتيجيات التسويق وتكتيكاته، وهو بالطبع سياق له خصوصياته الأكثر تعقيداً، الفصل الثالث من الكتاب يتناول مداخل واتجاهات تخطيط حملات التسويق السياسي، ومراحل التخطيط، وأخيرا، تكتيكات حملات التسويق السياسي.
ما يتميز به هذا الفصل من الكتاب هو أنه يزود المهتمين بإستراتيجيات الخطط الخاصة بالتسويق السياسي عبر سلسلة متكاملة من البرامج والخطوات المتتابعة، كما أنه يقوم ببيان التكتيكات الخاصة المعتمدة في تنفيذ هذه الإستراتيجيات.
إن الإشارة الأكثر وضوحاً في الفصل الثالث تذهب إلى إمكانية التعامل مع مفهوم التسويق السياسي من زاويا علمية وخطوات عملية يمكن قياسها والتأكد من نجاعتها كخيارات سياسية علمية بالدرجة الأولى، وهذا ما يتيح للساسة أن لا يعتقدوا بعد الآن أن السياسية هي نوع من أنواع "التلفيق".
الإعلام والتسويق السياسي:
لابد أن لتأثير وسائل الإتصال على العملية السياسية، ولإستراتيجيات الإتصال في التسويق السياسي أهمية بالغة، لذلك خصص الكتاب فصله الرابع لمناقشة هذه الإشكاليات والعناصر الدقيقة. وتلعب وسائل الإتصال الجماهيرية دور المصدر المعلوماتي الأول للناخبين في الولايات المتحدة، لذلك تؤثر كافة النظريات والمفاهيم الخاصة في الإعلام والإتصال على التسويق السياسي،
يطرح الكتاب عدداً من الإستراتيجيات الإتصالية في التسويق السياسي، منها، إستراتيجية الإعلام، وإستراتيجية بناء الإجماع، وإستراتيجية الحوار. ويربط الكتاب بين تنفيذ هذه الإستراتيجيات وبين نوعية الجمهورالمستهدف "المستهلك السياسي المستهدف"، ويمكن تقسيم هذه الطبقة المستهلكة على ضوء متغيرين أساسيين "هما مستوى معرفته السياسية، ودرجة إنغماسه في العملية السياسية"، وبالتالي يمكن تصنيفه إلى جمهور نشط ،او جمهور مدرك واعي، أو جمهور مستثار، أو جمهور غير نشط.
ويخصص الكاتبان الفصل الأخير من الكتاب للقيام بممارسة تطبيقية لمفهوم التسويق السياسي في إسقاط مباشر على الإصلاح السياسي في مصر، بما يتوافق مع الأسس العلمية التي بادروا إلى تأسيسها في الفصول السابقة، إذ تتم محاولة تحليل الخطاب الإعلامي والإتصالي السياسي المصري وسبره بما يتوافر من أدوات تحليلية وتكتيكات تفكيكية للخطاب الإعلامي من الدرجة الثانية.
الكتاب في مجله يعتبر رافد معلوماتي مميز لكافة المهتمين بالشأن السياسي والإعلامي، خاصة ممن يرغبون الدخول إلى الحياة السياسية من أوسع أبوابها، كما أنه يتيح لرجال الإعلام القدرة على تحليل مفردات التسويق السياسي والقدرة على معالجتها إعلامياً، وهو كما ذكرنا أول ما كتب عربياً في هذا السياق، ويتميز بمراجعه الحديثة وصولاً إلى سنة الإنتاج نفسها.

بطاقة الكتاب:
التسويق السياسي والإعلام
الًلاح السياسي في مصر.
تأليف: الأستاذ الدكتور راسم الجمال، والدكتور خيرت عياد.
الدار المصرية اللبنانية 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي