الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة سياسية في المشهد العسكري في سورية

منذر خدام

2015 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة سياسية في المشهد العسكري في سورية

لقد كان السؤال الذي يتردد على لسان كثير من المراقبين للشأن السوري، ماذا بعد سيطرة المعارضة المسلحة على وادي الضيف ومعسكر الحامدية، إلى الجنوب الشرقي من مدينة إدلب وهي معسكرات مهمة صمدت طيلة السنوات الأربع الماضية من عمر الصراع المسلح في سورية رغم أنها كانت شبه محاصرة؟ فقياسا إلى تجارب سابقة كانت الجبهة المشتعلة سواء حقق النظام فيها نجاحاً، أو حققته المعارضة تأخذ فترة راحة لتضميد الجراح وإجراء بعض الحسابات لتقويم نتائج المعركة. هذه المرة ما جرى في إدلب كان مختلفا عن كل المعارك السابقة. هنا لم يترك المسلحون فرصة للنظام لكي يلتقط أنفاسه فشنوا هجوماً واسعاً وكبيراً على قواته في مدينة ادلب، مركز المحافظة، ونجحوا بالسيطرة الكاملة عليها، ليتابعوا هجومهم المعد بصورة جيدة، عتاداً وقوى، نحو مدينة أريحا الإستراتيجية إلى الغرب من مدينة إدلب ويسيطرون عليها أيضا. تقول مصادر محلية أن القوات السورية انسحبت من المدينتين بدون قتال، علما أن الهجوم، خصوصاً على مدينة إدلب، لم يكن مفاجئا، إذ عمدت سلطات المدينة إلى نقل وثائق حكومية وأموال البنك المركزي إلى أماكن أمنة قبل حصول الهجوم على المدينة ببضعة أيام، بل أعلمت سكان المدينة بذلك طالبة ممن يريد المغادرة أن يغادر فوراً، وهذا ما حصل بالفعل.
لقد أسفر هجوم المعارضة المسلحة الواسع في محافظة ادلب إلى إحكام سيطرتها على كامل المحافظة تقريبا، باستثناء جيب محدود في معسكر المسطومة، وفي ومدينة أريحا إلى الجنوب من مدينة إدلب وهو الآخر قد صار جبهة مشتعلة.
ما حصل في شمال سورية، كان قد حصل شبيها له في جنوبها، في محافظة درعا، إذ سيطرت قوات المعارضة المسلحة على مدينة بصرى الحرير، وعلى المعبر الحدودي الوحيد المتبقي بيد النظام بين سورية والأردن.
لقد أعاد هجوم المعارضة المسلحة الناجح على قوات النظام في محافظة إدلب، ومحافظة درعا، نوعا من التوازن النسبي إلى المشهد العسكري على الأرض. غير أن مصادر من النظام تقول أنه لا يمكن القبول به، وهي تعد لمعركة استعادة جسر الشغور ذات الأهمية الإستراتيجية في الشمال، والتعويض في جبهة القلمون حيث تشير كل الدلائل إلى قرب اشتعالها. السؤال الذي يطرح اليوم هو: هل من أبعاد سياسية لكل ذلك؟!!
الإجابة عن هذا السؤال تكمن في تفحص ما يجري على الساحة الدولية من نشاط سياسي ودبلوماسي مصاحب لما يجري على الأرض السورية من معارك عسكرية. وبالفعل فقد شهدت الساحة الدبلوماسية الدولية نشاطا سياسيا ودبلوماسيا لافتا منذ مطلع عام 2015. فبعد أن نجحت موسكو في جمع عدد من المعارضين السوريين مع وفد النظام في " ساحة موسكو "بعلم وموافقة، بل تشجيع الإدارة الأمريكية، هاهو السيد ديمستورا المكلف الأممي بالملف السوري يوجه دعوات لجميع الأطراف السورية، والدولية المؤثرة في الداخل السوري للتشاور معه في جنيف خلال الفترة من 4 إلى 27 أيار الجاري للبحث عن تسوية سياسية محتملة للأزمة السورية تحضيرا لإطلاق مسار جنيف 3. وها هي الدبلوماسية الأمريكية والفرنسية والبريطانية تنشط من جديد للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية. فبعد أن التقى الرئيس الفرنسي هولاند برئيس الائتلاف السوري المعارض السيد خالد خوجا في باريس، وبحث معه في إمكانية تحريك مسار الحل السياسي للأزمة السورية، يلتقي به وزير الخارجية الأمريكية السيد جون كيري في واشنطن ويبحث معه في احتمال الحل السياسي في سورية. لقد كان لافتا ما قاله كيري في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع خوجا بأن " الأسد ليس له دور في مستقبل سورية السياسي على المدى البعيد"، الأمر الذي استدعى هجوما حادا عليه من المعارض السوري المعروف ميشيل كيلو. تصريح كيرى هذا يعني عمليا تخلي أمريكا عن شرط أن لا يكون للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية". وكان لافتا أكثر ما صرح به السيد حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية بعد لقائه السيد دانيال روبنستين السفير الأمريكي المكلف بالملف السوري، ومع السيد فرانك جيليه المسؤول في وزارة الخارجية الفرنسية عن الملف السوري من " وجود مساع دولية لحل الأزمة السورية هذا العام " أي خلال عام 2015. وكنت شخصيا قد اطلعت على رسالة الدعوة الرسمية التي وجهها السيد روبنستين للسيد حسن عبد العظيم التي جاء فيها " عندي رسالة شديدة الأهمية.." للسيد المنسق العام، مما يؤكد صحة ما صرح به السيد حسن عبد العظيم.
وبالتوازي مع ذلك، كانت المملكة العربية السعودية قد وجهت بدورها دعوات رسمية لعدد من الشخصيات المعارضة للقاء يعقد في الرياض للبحث في إمكانية توحيد جهود المعارضة استعداداً للتفاوض مع النظام، والبحث في إمكانية تشكيل وفد موحد منها. ومع أن السعودية عادت وطلبت تأجيل لقاء الرياض الذي كان مخططا له أن يحصل في الثالث من شهر أيار الجاري، تأميناً " لأسباب ناجحة " كما جاء في كتاب التأجيل، فإن تحرك المملكة السعودية السياسي هذا ينطوي على دلالة سياسية بالغة. وإذا أضيف إلى هذا الحراك السياسي النشط تجاه الأزمة السورية، ما تقوم به القاهرة من تحضير لمؤتمر يجمع طيف واسع نسبيا من المعارضين السوريين يعقد في أواخر الشهر الجاري ينطوي هو الأخر على دلالات سياسية كبيرة، خصوصا وأن القاهرة لا تخفي تنسيقها مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بخصوص ذلك، وتحديداً لجهة تشكيل وفد من المعارضة استعدادا للمفاوضات مع النظام في جنيف 3. وإذا ما وضعت في السياق ذاته تصريحات الرئيس الفرنسي من ضرورة التعاون مع روسيا لحل الأزمة في سورية، والنتائج غير المرضية لزيارة وزير الدفاع السوري إلى طهران، وما يشاع عن ضغوط تمارسها طهران على دمشق للقبول بتسوية سياسية، يصير الجواب واضحاً وهو أن الأزمة السورية قد وضعت، على ما يبدو، على طريق الحل. وان التصعيد العسكري في شمال سورية وفي جنوبها لا يعدو كونه رسالة سياسية لتحسين وضع المعارضة التفاوضي في جنيف 3. وإن اجتماع ثلاث قادة لفصائل عسكرية معارضة مهمة هي جيش الإسلام، وصقور الشام، وأحرار الشام في تركيا، وما يشاع عن احتمال مشاركتهم ضمن وفد المعارضة التفاوضي، يصب في هذا الاتجاه. لا شك بأن مشهد الواقع في سورية معقد جداً، لكن الثابت فيه هو أن تنامي مخاطر الإرهاب، والخوف من احتمال انهيار الدولة السورية بدأت تضغط على جميع الدول المؤثرة في الأزمة السورية للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجلة المراسل 01-06-2024 • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حزب الله يعلن قصف بلدتين في شمال إسرائيل وسط تصعيد متواصل




.. تصعيد بجنوب لبنان.. مسيّرات وصواريخ حزب الله تشعل حرائق في ا


.. الانقسام الداخلي في إسرائيل يتفاقم.. ماذا تعني تهديدات بن غف




.. تصاعد المعركة المالية بين الحكومة اليمنية والحوثيين يهدد بان