الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكبات جديدة في ذكرى النكبة

فهمي الكتوت

2015 / 5 / 23
القضية الفلسطينية


مُنذ سبعة وستين عاما ونَيْف؛ أقرَّ المجتمع الدولي إقامة دولة للفلسطينيين على 45% من أرض فلسطين التاريخية، بموجب قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الأمم المتحدة في 29/11/1947، ومع أنَّ القرار كان مُجحفا بحق الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون غالبية السكان، ويملكون 93.5% من الأراضي الفلسطينية، لم ينفذ القرار الأممي إلا من جانب واحد، أقيم الكيان الصهيوني في 15 أيار عام 1948 استنادا للقرار المذكور، واحتل نصف أراضي الدولة الفلسطينية التي أقرَّتها الأمم المتحدة، بدعم ومساندة الاستعمار الكولونيالي وتواطؤ الرجعية العربية. شرد الشعب الفلسطيني من ارض وطنه، وحرم من إقامة دولته حتى على الأراضي الفلسطينية المتبقية خارج الاحتلال الصهيوني -الضفة الغربية وقطاع غزة- واحتل الفاشيون الجدد باقي فلسطين في يونيو عام 1967، بدعم وتأييد ومساندة الإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. أمَّا السؤال المطروح: لماذا حرم الشعب الفلسطيني من إقامة دولته حتى الآن، كما حرم اللاجئون الفلسطينيون من حق العودة إلى وطنهم فلسطين بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، بينما تتحرك الأساطيل والجيوش الأطلسية في مختلف الاتجاهات تحت ذريعة تطبيق الشرعية الدولية؟
بكلِّ بساطة؛ دفاعا عن مصالح رأس المال؛ فالتحالف الوثيق بين رأس المال الصهيوني والاحتكارات الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وتبعية النظام العربي للاحتكارات الرأسمالية وراء ما يجري من حروب عالمية وإقليمية. "لاحظ هنا أنَّ النظام العربي ليس شريكا للإمبريالية بل تابعا"، وما إغراق المنطقة العربية بشلالات من الدماء وحروب أهلية وصراعات دموية طائفية ومذهبية إلا رد على الثورات الشعبية العربية الواسعة التي اجتاحت عددا من العواصم العربية بمشاركة عشرات الملايين من العمال والفلاحين والمثقفين وصغار الموظفين. وكأن لسان حالهم يقول للشعوب العربية أنتم أمام خيارين؛ إما القبول بنظم الفساد والاستبداد والتبعية للسياسات الليبرالية، وإما الحروب الأهلية والحركات الظلامية المتطرفة.
وذلك خشية من تمكين الشعوب العربية من انتزاع استقلالها السياسي الحقيقي وفرض سيادتها الوطنية، والنهوض بالوطن العربي نحو تحولات جذرية سياسية واجتماعية، وتصويب البوصلة السياسية باتجاه الصراع الرئيسي في المنطقة، ضد العدو الصهيوني والإمبريالية الأمريكية. وإحداث تغييرات جوهرية في السياسات الخارجية، بما يخدم المصالح الوطنية والقومية للوطن العربي، ويشكل خطرا على المصالح الاقتصادية لاحتكارات النفط والسلاح، ويمهد الطريق أمام دَحْر المحتلين الصهاينة، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الوطنية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين والتعويض عليهم.
فإذا كانت النكبة الأولى احتلال فلسطين، فإنَّ ما يعيشه الوطن العربي في هذه الأيام، من تدمير للبنى الأساسية للأقطار العربية في سوريا والعراق وليبيا واليمن، يُعتبر نكبة جديدة، من أول أهدافها تصفية القضية الفلسطينية. وهذا ما عبَّرت عنه شخصيات وطنية فلسطينية بارزة حضرت إلى عمَّان في مناسبتين وطنيتين خلال الأسبوع الماضي: المطران حنا عطالله، ومحمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وبسام الصالحي أمين عام حزب الشعب الفلسطيني، الذين أكدوا أنْ لا خيارات أمامنا سوى المقاومة بكافة أشكالها وصورها.. مُؤكِّدين تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه ووطنه، وصموده في وجه الاحتلال، على الرغم من أشكال الإرهاب والتنكيل التي يتعرَّض لها الشعب الفلسطيني، وأنَّ قضية القدس قضية سيادة وطنية فلسطينية بالدرجة الأولى، كما هي قضية مقدسات للمسلمين والمسيحيين، وأولى القبلتين وثالث الحرمين، وأنَّ الفلسطينيين من مختلف الأديان والطوائف توحدهم العروبة والنضال المشترك ضد الاحتلال البغيض الجاثم على أرض فلسطين.
لم أضف جديدا بالقول إنَّ المنطقة تمر بمنعطف خطير، وهنا لا بد من التحذير من الخداع والتضليل الذي يمارس من قبل الرجعية والقوى الظلامية والإمبريالية. هذا الثالوث المشترك، وبالتحالف مع الصهيونية يستهدف الوطن العربي بالدرجة الأولى؛ فالاحتكارات الرأسمالية التي ما زالت تعاني من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، نجحتْ في جرِّ البلدان العربية لمعركة داخلية تحقق من خلالها ثلاثة أهداف في آن واحد.. أولا: تفتيت النسيج الاجتماعي، وتحويل المنطقة إلى هُويات وانتماءات فرعية مذهبية وطائفية، وإجهاض المشروع العربي التحرري، وانتزاع فكرة وحدة الأمة العربية، وتدمير عدد من الدول العربية دون أن يفقد العدو الصهيوني جنديا واحدا.
ثانيا: استنزاف أموال وثروات الوطن العربي خشية من الاستفادة منها مستقبلا بمشروع تنموي اقتصادي، بإنفاق فوائض الدول العربية النفطية على التسلح بشكل يفوق كل التصورات والتقديرات، ووفقاً لإحصاءات معهد بحوث السلام الدولي في ستوكهولم لعام 2014؛ فقد أنفقت المملكة العربية السعودية حوالي 54 مليار يورو على السلاح. بينما أنفقت دولة الإمارات المتحدة حوالي 15 مليار يورو، كما أنفقت قطر حوالي 16 مليار يورو. وأن أغلب هذه الصفقات العسكرية كانت لشراء أسلحة رفيعة المستوى، وهي تستخدم حاليا لتدمير اليمن الشقيق. وتتجه السعودية حاليا نحو بناء درع صاروخي، وعقد صفقات جديدة لشراء أسلحة متطورة، وقد أعلنت "إسرائيل" صراحة أنها لا تعترض على تسليح دول الخليج، كما وافقت روسيا على إمداد إيران بشبكة دفاع جوي قادرة على مواجهة أحدث الطائرات. ثالثا -وهي بيت القصيد والحصيلة النهائية للبند الثاني- تشغيل مصانع الاحتكارات العسكرية...وغيرها، لنهب الثروات العربية وإخراج الاقتصاد الرأسمالي من أزمته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع