الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البصرة والخليج الداعشي

علي المدن

2015 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


بعض الناس يرى أن حرب المتطرفين السنة على المدنيين العزّل من الشيعة في القطيف وعموم المنطقة الشرقية شأن خاص بأهل تلك المنطقة، بل البعض يظن أن هذه الحرب سوف تشغل متطرفي السعودية داخليا، وهو ما يعني - بنظر هؤلاء - تخفيفا من أعداد المقاتلين السعوديين المشاركين في حرب إبادة شيعة العراق.
هذا منطق سطحي في التفكير السياسي الاستراتيجي، وهو يشبه كلام البعض عن حرب النظام السعودي على اليمن ( = عاصفة الحزم) بأنها حرب لا تعنينا.
الحقيقة أن الحربين تعنياننا عراقيا وعربيا وإسلاميا، أخلاقيا وسياسيا وأمنيا.
وأغلب الظن أن الكثير من العراقيين يجهلون الحجم الحقيقي للفضاء الاجتماعي والديني والثقافي (بالمعنى العام للثقافة الذي يشمل حتى الملبس والماكل والفولكلور وغيرها) الذي تتقاسمه البصرة مع المنطقة الشرقية .. إن هذه الخاصرة الرخوة لجنوب العراق يمكن أن يتفاقم خطرها جديا لو تم تجاهلها. ومع أن آل الصباح يتمتعون بحس مدني وديمقراطي لا يمكن قياسه بأحد في منطقة الخليج، ومع أنهم جهدوا طيلة حكمهم على حفظ الحريات والسلم الأهلي والحقوق بنحو متوازن في الكويت، إلا أن شرور السلفية الجهادية وسعيها الحثيث لبث مفاهيمها حول عقيدة الولاء والبراء وقضايا التكفير والشرك والإيمان يضع الكويت فوق بركان من الكراهية يمكن أن ينفجر في أي لحظة. ويجب أن لا يتخيل أحد أن الحكم الرشيد لأسرة ما بإمكانه أن ينزع فتيل الأزمة بنحو نهائي في ظل أوضاع سياسية تتغير كما الرمال في يوم عاصف.
إن دلالة الأحداث في المنطقة الشرقية للأمن الاستراتيجي العراقي هي ما يجب أن تركز عليه الصحافة العراقية والمحللون الأمنيون.
ولكن هناك ناحية أخرى للأحداث يجب التفكير فيها أيضا، وهي تمثل الوجه الآخر لكل ما يجري في منطقتنا اليوم، إنها الناحية الدينية. إن أيديولوجيا الحروب الدينية التي أشعلها العقل (السني / الحنبلي) المتطرف - بعد تراجع الأيديولوجيا السنية الأشعرية - منذ أيام ابن حنبل، مرورا بأيام ابن تيمية، وحتى أيام ابن عبدالوهّاب، التي تستمر منذ ثلاثة قرون بقيادة آل سعود، والتي انتشرت اليوم كالطاعون في أوساط معتنقي العقيدة السنية، هي أعظم بلاء منيت به المجتمعات الإسلامية، وأكبر وأطول فصل مأساوي في تاريخ الإسلام. إن القادة والنخب التي تنحدر من هذه الأوساط السنية أمام تحدٍ أخلاقي وفكري هائل، فشلت فيه حتى الآن، بل وانحدرت إلى مستنقعه مشاركةً فيه في كثير من الأحيان.
إن أسرة آل سعود ومشايخ الوهابية أنجبوا وينجبون قطعان السفاحين الأغبياء، من مشوّهي الضمير وعديمي البصيرة، ثم توسعوا اليوم ليشتروا قادة الدول ومرتزقة الحروب من أجل خدمة مشروعهم. لقد كانت الدكتاتوريات العربية سداً أمام نفوذ أيديولوجيا آل سعود الوهابية، وذلك لأنها لم تنخرط بنحو علني ومباشر في نشوة آل سعود والوهابية في إرقة الدماء ونحر الأهالي الآمنين العزّل من مخالفيهم. لكن اليوم، وبعد الربيع العربي الذي سطت عليه العقيدة السنية السلفية، فإن جميع الدول والمجتمعات الإسلامية باتت تحت تهديد هذا الوباء القادم من أعماق القرون المظلمة.
إن آل سعود مسؤولون بنحو مباشر عن كل قطرة دم تراق، سواء داخل الأراضي التي يسيطرون عليها عنوة (المنطقة الشرقية مثلا) أو تلك التي تحت نفوذهم المالي والإعلامي والأمني. وإن كل سياسي أو مثقف عربي ينكر أو يتجاهل مسؤولية "العقيدة السنية الوهّابية" و"القيادة السياسية الآل-سعودية" عن هذا القتل والترويع والدمار والتهجير وإنهاك المجتمعات وتبديد الثروات وإهدات الطاقات، فهو سياسي ومثقف مشارك حقيقي في هذا المشروع التدميري الخبيث. أما حين يكون هذا السياسي والمثقف عراقيا، فإنه يجب أن لا نكتفي بوصفه مشاركا بنحو عام، بل ويجب أن يعتبر بنحو جدي طابورا سريا يمكن أن يذكي في أي وقت شرارة أمثال هذه الأحداث لصالح الفتنة وإراقة الدماء ... أو يتلاعب بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة