الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط تدمر وتهافت -الجزأرة -في سوريا

سليم عبد الله الحاج
سوريا

(Rimas Pride)

2015 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يراهن الكثيرون على ان الأوضاع في سوريا ستتخذ بالنهاية مسارا مشابها لجزائر التسعينات بعد ظهور تنظيم "الدولة" واستقواء شوكته على حساب الاطراف المعنية بالمعركة السياسية و العسكرية الأصلية ذات الاربع سنوات من العمر ، بان تاتي مرحلة ينال فيها الآسد الرضا الداخلي والخارجي لإغلاق الملف مثلما اكتسبت السلطة في الجزائر القدرة على فعل ذلك بمجرد ان اصبحت لها سمعة بكونها افضل ضمان امام الهمجية منقطعة النظير لمجموعات مسلحة لم تستقوي سوى على العزل
غير ان تحليل عملية سقوط تدمر في هذا الوقت تحديدا يؤدي الى ما يفيد بمحو هذا السيناريو من التداول ويؤكد عدم ملاءمته للصراع الحالي ..
انهيار الجيش النظامي في تدمر علامة مرضية خطيرة بالنسبة له وليس مؤشرا على وجود ترف لنية مسبقة تستهدف توظيف السقوط لصالحه بعرض التتارية الداعشية امام العالم و تهديدها بتدمير مدينة اثرية عريقة مرتبطة بالتراث البشري في مسعى اخر من المساعي الاقناع ان الدكتاتور السيء افضل من التنظيم الاسوأ ،اذ بالنظر الى دينامكية العلاقة بين الاسد و تنظيم "الدولة "خلال السنتين الماضيتين ( مواجهات في الكوريدور الوسطي والبادية الشرقية وحول منشآت الطاقة لضبط مساحة الستاتيكو، وقصف جوي نظامي أحيانا لمقرات التنظيم في الرقة من اجل الغزل الدولي مع طائرات التحالف ) :: هذه المرة الاولى التي تكون فيها مواجهة بين الطرفين والأسد في حالة عجز عسكري عن ضبطها فيفقد مساحات عبثيا و دون جدوى لان محاولة استردادها ستقوض تماسكه في مناطق اخرى يحتاج فيها الى كل مقاتل (هناك احتمال حقيقي ان تسقط كل البادية الشرقية على الحدود السورية العراقية في الأيام المقبلة) ::و يبدو عجز الاسد متوقعا بالنظر الى استنزاف جيشه في اكثر من جبهة على امتداد القطر السوري والهزائم التي تلقاها على مدار الاسابيع الماضية و تباطئ الدعم الايراني منذ التراجع في معركة الجنوب السوري ونتيجة لذلك فالانهيار أمام "داعش" هو عرض طبيعي لحقيقة قائمة عن وضعية لا يحسد عليها نظام الأسد في الوقت الحالي.. بالمقارنة مع الوضع بالجزائر بنفس الحيثيات والمداخل هناك اختلاف كبير في مخرجات الامور، في نهاية 1996 وبداية 1997كان الجيش الجزائري قد امتص خطر الجماعة الاسلامية المسلحة (جيا) (=يشبهها البعض بداعش ) ولم تعد تهديدا رئيسيا يمكن استغلاله داخليا او خارجيا(القذافي -المغرب-السودان) لتغيير الوضع خارج السقف وجاءت أواخر 1997 و سنة 1998 تعبيرا رسميا عن بداية النهاية للجماعة عبر وقوع المجازر الجماعية الرهيبة في حق المدنيين وما تلاها من تأثيرات سياسية للدفع نحو غلق الملف (انخراط شعبي في اعتماد سردية الدولة و الإتيان برئيس لإجراء مصالحات)
يمكن القول بان أداء الجيش وغياب القوة السياسية و العسكرية لدى الطرف المعارض الحقيقي منح السلطة هامشا هاما لإدارة الأزمة .اما في سوريا فقد انهار الجيش بعد اربع سنوات فقط ولم يعد ممكنا ان يعود الى سابق قوته سوى بالخضوع للدعم الايراني (معركة إقليمية وليست داخلية ) وحتى ان قرر مواجهة تنظيم "الدولة" لاحتوائها فهناك طرف ثالث متربص هم الثوار سيتقدمون في المناطق التي يخفض فيها تجمع قواته ،اذن الصعوبات في جغرافية الصراع وموارده وتعقيداته عامل اساسي في تهافت الجزأرة . وضف اليها ان المصالحات المنجزة خلال عام فقد تبخرت بمجرد ان ظهر نموذج افضل للمسلحين (زهران علوش) من نموذج المصالحة مع نظام متهالك ترعاه ميليشيات طائفية ، وبذلك لا مكان في ظروف طبيعية لسيناريو الجزائر بسوريا وجيش الاسد طرف غير مؤهل للسيطرة على اكثر من عشرين بالمئة من اراضي دولة تقل مساحتها عن مساحة الجزائر باضعاف ومعه قيادة سياسية مترهلة لم تعد قراراتها مستقلة ولا باتت هوامش التحرك لديها مرهونة بالعجز
لقد ظلت سياسة الاسد مع تنظيم "الدولة" تقتضي من جهة توجيه خطر "الوحش المستقل "نحو المستوى المفيد في المعركة الأصلية مع الثوار فهو يدرك حتما صعوبة ان يواجهه بجدية كخصم ثابت، بمعنى اخر بدلا من استنزاف موارده امام طرف يمثل حركة جاذبة للانظار سيفكر في ان يرسم خطوط المعركة فيضرب خصومه الرئيسيين في الصراع حول السلطة بتنظيم لا يعترف باي حدود او اعتبارات ومن جهة اخرى يتجنب بأي حال المستوى الذي يفترض ان يقوم الآخرون باستغلال التنظيم في مرحلة معينة لاستنزافه وزيادة الضغط عليه .. تدمر بينت محدودية هذه السياسة كمؤشر لا يمكن تجاهله على فقدان الاسد للسيطرة على الوضع
لقد كانت مساحات التقدم لداعش حتى ما قبل تدمر محصورة تقريبا في مناطق تغيب بها المناعة عند المعارضة لكن المفارقة جاءت بان عرين الاسد نفسه اصبح بدون مناعة فتعرض لهجمة فيروسية سوداء وقد يصاب بمرض مناعة ذاتية ان استمر التدهور وبناءا على ذلك لا يبدو مستغربا ان بنيت السياسة الإقليمية والدولية في الشهور المقبلة على احتمال توجه تنظيم "الدولة " لدمشق في مواجهة تستنزف الطرفين (الاسد و الدولة ) دون تدخل من التحالف الدولي ، ينتظرون النتيجة لرسم مرحلة أخرى ,, فمن لا يريد للنموذج الثوري المسلح ان يستمر في تحقيق نجاحاته ضد النظام سيفضل حتما ان تقوم داعش العشوائية باضعاف هذا الاخير وليس الثوار الحاملين لمشروع معين متعلق بالمستقبل السياسي لسوريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوهابيون يطالبون بالديمقراطية
نور الحرية ( 2015 / 5 / 24 - 18:45 )
مبروك عليكم سقوط تدمر وكل ما خلفه لكم اجدادكم من تراث ونفائس ومدن وحارات ومسارح وكل شيئ تقريبا كان يحسدكم عليها كل العالم بيد ثواركم الاشاوس( ثوار الحرية والديمقراطية والعلمانية والمساوات بين كل الاعراق والاديان والمذاهب) طوال الاربع سنوات الماضية تمنيت ان ارى معارضا مسلحا واحدا فقط يدعو الى القيم الديمقراطية او ان ارى منطقة على حد زعمكم محررة رغم امكانيات الخنزيرة والعبرية تنقل لنا ما اصبح عليه السوري من حرية وسلام في كنف داعش وجبهة النصرة وصويحباتهما


2 - للاخ صاحب الرد
سليم عبد الله الحاج ( 2015 / 5 / 25 - 17:06 )
اشكرك على المشاركة اخي الكريم لكن تعليقك مردود عليك للاسف يا عزيزي .. نبدا اولا بالعنوان .. الموضوع لا يتعلق بموقف الوهابية من الديموقراطية .. انت هنا لم تكتشف القمر على فكرة ولكنك مطالب بوضع الكلام في محله .. ثانيا لا احد يبارك سقوط تدمر ولا يتكلم على الموقف من ذلك ايجابا او سلبا ـ الموضوع يضع تحليلا منطقيا لوقائع سياسية وتاريخية ويربط بينها ويجب ان تقيمه من هذه الزاوية لا من زاوية الخلفيات ..ثالثا ما تتحدث عنه من قيم كونية سامية لم تكن موجودة من قبل وهي غائبة اصلا فكيف تتحدث عنها وكأن الظرف الحالي هو من نزعها وحتى وان تدهورت اكثر ما دون الصفر فانت دخلت في التعميم الفاسد الذي لا يصح في الجو الفوضوي ..الكم لا يداني النوع و النظام المتسلط هو الاصل النوعي في غياب الديموقراطية و رعاية الاصولية و التطرف ..واما الاطراف الايديولوجية فتتدخل لتفاقم حجم هذه الامراض و اعراضها

اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية