الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقليد بين الضرورة والاستهداف.

احمد محمد الدراجي

2015 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


التقليد من القضايا التي شغلت حيزا كبيرا في ساحات النقاش بين المسلمين (خصوصا)، دراسةً وتحليلا تأييدا أو نقدا أو طعنا، حتى وصفه البعض بالبدعة والتحجر والجمود والعبودية، ولسنا هنا بصدد إثبات مشروعية هذا المبدأ الذي لا يحتاج إلى إثبات، لأنه من القضايا التي يقر بها العقل والمنطق والفطرة والإنسانية، بل هو ضرورة أثبتها الواقع العملي الإنساني عبر مسيرته الطويلة، لأنه يدخل في كل مجالات الحياة ولا مناص منه، من حيث أن التقليد يعني ببساطة رجوع الجاهل إلى العالم، ورجوع الإنسان إلى أهل الاختصاص، ولمّا كان إلمام الفرد وتخصصه بكل العلوم أمرا مستحيلا، برزت ضرورة التقليد والرجوع إلى العالم وأهل الاختصاص، فالمكلف العامي يرجع في تحديد وظيفته العملية إلى المرجع المتخصص، وغير الطبيب يرجع إلى الطبيب لتشخيص مرضه وعلاجه...وهكذا، فالتقليد سلوك واقعي عملي ملموس يمارسه الجميع من حيث يعلم أو لا يعلم، يؤمن به أو لا يؤمن، وحتى من يدعي الثقافة والتحضر فهو يمارس التقليد في الأفكار التي يتبناها، والتي ترجع في أصلها إلى غيره، بل حتى من ينكر التقليد ويطعن به فهو لا يستطيع إقناع الآخرين برؤيته إلا من خلال التقليد لأن رجوعهم إليه وتبنيهم لفكرته هو التقليد بعينه...
تارة يكون الطعن موجه مباشرة إلى التقليد، وتارة يكون موجه إلى أمور ترتبط ارتباطا وثيقا بالتقليد، بل إن التقليد قائم على أساسها كالطعن بمبدأ الاجتهاد والطعن بعلم الأصول والطعن بعلم الرجال، فعندما ينتفي الاجتهاد والأصول والرجال فلا معنى للقول بالتقليد، والجبهات التي تنطلق منها حملات الطعن والتشكيك بهذا المبدأ الشرعي الفطري منها:
الجبهة الأولى: مَن يزعم الانتماء إلى التشيع وهؤلاء قسمان احدهما يتمثل بالحركات الضالة المنحرفة على طول الخط التي تستهدف التقليد والاجتهاد وعلم الأصول والرجال أمثال حركة ابن كاطع مدعي النيابة والسفارة والوزارة والإمامة والنبوة والإلوهية (الحلولوية) ومدعي اليماني، والقحطاني وقاضي السماء وغيرها، أما القسم الثاني فهم الأخباريون ومرجعيات السب الفاحش الذين يطعنون بعلم الأصول والرجال والذي بدوره يعد طعنا غير مباشر بالتقليد وتسويفا وتسطيحا له.
الجبهة الثانية: تمثل بعض ضعاف النفوس وبعض الجهال وبعض المدلسين وبعض أئمة الضلالة ممن يعيبون مسالة التقليد ويلصقون التهم الجزاف على المذهب ألإمامي ألاثني عشري.
الجبهة الثالثة: هم عموم المثقفين المتطفلين على الدين والمذهب حيث يعتبروه نوع من التحجر والعبودية في حين أنهم يقلدون من حيث لا يعلمون ويمارسون هذا المبدأ عمليا في كل مجالات حياتهم حتى فيما يطرحونه ويتبنونه من أفكار وثقافات والتي ترجع إلى غيرهم وهذا هو نوع من التقليد.
إن من ابرز الأسباب التي تدفع البعض باتجاه إنكار مبدأ التقليد وما يرتبط به هي:
أولا: إما لأنهم لا يمتلكون الجانب العلمي والقدرات الذهنية التي تؤهلهم لفهم وإدراك الأدلة الشرعية والعقلية والتاريخية والإنسانية والفطرية والاجتماعية والحسية والتجريبية، التي تشدد على هذا المبدأ الضروري، فضلا عن عجزهم عن امتلاك الجانب العلمي للحصول على درجة الاجتهاد والأعلمية الأمر الذي دعاهم إلى إنكار هذا المبدأ حتى لا يقعوا في حرج وضيق...
ثانيا: أو ارتباط هؤلاء باللوبي الصهيوني الماسوني الذي يستهدف الإسلام والشعوب الإسلامية بل حتى الإنسانية، بكل الوسائل، ومنها تحريكهم للطعن بهذا المبدأ، من اجل فك ارتباط المجتمع بالقيادات الرسالية الواعية المتفاعلة الحركية المعتدلة التي تؤمن بالحوار العلمي، وتدعوا إلى السلم والسلام والتعايش السلمي، واحترام حرية الرأي والفكر والمعتقد، وتنزل إلى المتجمع، وتعيش همومه ومشاكله وتتحسس آلامه ومعاناته، وتطرح الحلول الناجعة، يضاف إلى ذلك إن التقليد في الاصطلاح يعني رجوع المكلف إلى المرجع الجامع للشرائط ومن أهمها شرط الأعلمية، وهذا يعني رجوعه إلى المرجع الذي يميز الغثّ من السمين، والصالح من الفاسد، وبين الصحيح والسقيم والمدسوس والموضوع، الذي تضمنه إرثنا الإسلامي وهذا لا يخدم اللوبي الصهيوني وجنوده من قادة حركات الضلال ومرجعيات السب الفاحش وأئمة الطائفية والتكفير، لأن أهدافهم ومخططاتهم لا تتحقق إلا عندما يكون المكلف أمام تراث مبعثر عشوائي مملوء مفخخات وألغام من المدسوسات والموضوعات والمكذوبات، التي يعتاش عليها الطائفيون والتكفيريون والسبابون، ينتقي منها ما يشاء لكي يبرر انحرافه وشذوذه وطائفيته وتكفيره وتطرفه وقمعه ونهبه وسلبه، وقتله وقمعه وتهميشه من يخالفه الرأي والفكر والمعتقد، واستباحته للمقدسات والحرمات، والنيل والطعن بعرض النبي وزوجاته أمهات المؤمنين والخلفاء والصحابة "رضوان الله تعالى عليهم أجمعين"، ومن هنا يتضح السبب وراء استهداف المرجع الحقيقي الجامع للشرائط بما فيها شرط الأعلمية على طول الخط،، وكما نشاهد اليوم من حملات عدائية قمعية مستمرة استهدفت المرجع العراقي الصرخي الحسني، وعلى رأسها تلك التي تقودها إيران وأذنابها، وأيضا يتضح السبب في دفع المجتمع وربطه بمرجعيات إعلامية فارغة من الجانب والأثر والدليل العلمي والأخلاقي والمبدئي .
انتقد المحقق الصرخي الحسني بعض ممن يعيبون مسالة التقليد ويلصقون التهم الجزاف على المذهب ألإمامي الاثني عشري، حيث تناول سماحته رواية محمد بن الحسن وهو احد طلبة الإمام أبي حنيفة (رض)،عن أبي حنيفة أنه قال: « أقلد من كان من القضاة المفتين من الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والعبادلة الثلاثة ولا أستجيز خلافهم برأيي إلا ثلاثة نفر ..» وعلق سماحته على الرواية وعلى عبارة « أقلد من كان من القضاة المفتين من الصحابة »، بقوله: (( بعض ضعاف النفوس وبعض الجهال وبعض المدلسين وبعض أئمة الضلالة ، وحصة كلية من جهة تكفيرية، من طائفة تكفيرية، ممن تنتسب إلى طائفة تكفيرية، وعموم المثقفين الجهال الذين يتطفلون على الدين وأهل الدين، يتحدثون عن التقليد وينتقدون التقليد، وطبعا يتهمون الطائفة ويتهمون الشيعة عموما ويتهمون مذهب أهل البيت ويتهمون الشيعة الإمامية الاثني عشرية بتهمة التقليد)) وأضاف سماحته ((وكأن التقليد قد اختص وأُختص بالمذهب الأمامي ألاثني عشري))
معللا سماحته سكوت البعض عن ذلك بقوله: ((وطبعا المتصدون والعلماء والمشايخ بسبب الدفع الطائفي والحقن الطائفي والحقد الطائفي والخلفية الطائفية والنفس الطائفي يسكتون على هؤلاء!! ولا يقول نحن ايضا عندنا ونحن من أساسياتنا ومن ضرورات المنهج العملي والتطبيق العملي والسلوك العملي ومن ضروريات الفقه والتفقه ومن ضرورات الاجتهاد ومن ضرورات المذاهب الأربعة بل من أساسيات تسمية المذاهب وبقاء المذاهب ووجود المذاهب هو التقليد!! مذهب وإمام مذهب وأتباع مذهب أي مقلدو إمام المذهب!! وأبو حنيفة إمام المذهب يقول (أقلد من كان من القضاة))
جاء هذا خلال المحاضرة العقائدية الثامنة والثلاثين بتاريخ 23 آيار 2015 الموافق 4 شعبان 1436 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف كان أداء الرئيس الأمريكي ومنافسه ترمب في مناظرتهما الرئا


.. المجلس الوزاري الأمني بإسرائيل يقر إجراءات طرحها سموتريتش تس




.. حاملة طائرات أمريكية تستعرض عملياتها في البحر الأحمر


.. شاهد| المناظرة الأولى بين مرشحي الرئاسة الأمريكية جو بايدن و




.. مدير حملة ترمب يعلن النصر عقب انتهاء المناظرة