الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصويت بنعم لمشروع الدستور... أفضل أسوأ البدائل

رشاد الشلاه

2005 / 10 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حدد قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الصادر في آذار2004 تواريخ مهمة "لاستكمال" عملية بناء الدولة العراقية على أنقاض النظام الدكتاتوري السابق، منها إجراء انتخابات عامة في كانون الثاني الماضي ثم التصويت على مشروع الدستور الدائم في الخامس عشر من تشرين الأول، تعقبه انتخابات عامة للبرلمان في الخامس عشر من كانون الأول من هذا العام. لقد حددت تواريخ هذه الاستحقاقات وجرت انتخابات كانون الثاني الماضي في أجواء الاضطرابات العاصفة التي ما زالت تخيم على الحالة العراقية الموسومة بدم يومي مسفوح، ويترقب المواطن العراقي هذه الأيام موعد التصويت على مشروع الدستور الدائم في ظل انقسام حاد بين الداعين إلى التصويت بنعم لهذا المشروع وبين الرافضين له. وبين هذين الفريقين فريق ثالث لم يعد متحمسا للمساهمة في هذه العملية الدستورية بسبب حالة الإحباط واليأس التي تنتابه جراء فشل الأداء الحكومي في تأمين المستلزمات الحياتية الأساسية وأولها توفير الآمان له ولأسرته، معتبرا الاهتمام في مجمل تفاصيل العملية الدستورية في مثل هذه الظروف نوعا من الترف.

ومما عمق حالة اليأس والجزع هذه ظهور مشروع الدستور وقد غلبت بصمات أطراف الإسلام السياسي على مفاصله ألأساسية، كما انه لم يحظ بقبول تام لا من الأكثرية ولا من الأقلية رغم اعتماد مبدأ التوافق عند صياغته من قبل أعضاء لجنة الصياغة أنفسهم الممثلين لأغلب أطراف الطيف السياسي العراقي المتنوع، ومبدأ التوافق كما هو سائد يعني تقديم التنازلات المتبادلة بين الأطراف المتنفذة في صياغته. لذا أعلنت جميع الأطراف المساهمة بهذا القدر أو ذاك في صياغته عن عدم رضاها التام عن هذا المشروع لأنه لا يلبي طموحاتها، بل ذهب الحزب الشيوعي العراقي إلى التصريح مؤكدا انه إذ "يقيم أجابيا المشروع في إطاره العام إلا أنه تحفظ على العديد من فقراته ومواده خصوصا تلك التي تخل بالطابع المدني- الديمقراطي المنشود للدستور، وتلك التي تقيد حقوق المرآة". وهنا ضرورة الإشارة إلى أهمية هذا التحفظ، فممارسات قائمة الائتلاف العراقي ماضية في اضطهادها للمرأة و العودة بها إلى عصور خلفاء الغلمان والجواري، حيث أعلن مكتب السيد رئيس الوزراء وعدد من الوزراء المؤمنين البدء بحملة مكافحة السفور بعد نجاحهم الملفت في مكافحة الإرهاب والطائفية والميليشيات و الفساد الإداري والاقتصادي والبطالة ونجاحهم في مكافحة أزمة انقطاع التيار الكهربائي وتأمينهم انسحاب القوات الأجنبية!!.

مشروع الدستور هذا هو ناتج ظروف وتناسب القوى السياسية العراقية الممثلة في الجمعية الوطنية نتيجة انتخابات عامة تحكم بها الهاجس الطائفي والقومي، و لا خلاف في احتوائه فقرات، و نقائض لها في فقرات أخرى، تمهد أرضية لصراع في تفسير وتنفيذ بنوده بين القوى المحافظة والقوى العلمانية، وسيتجلى هذا الصراع عند صوغ القوانين المفصلة لنصوصه، خاصة منها ما هو متعلق بالحريات الشخصية و توصيف الأقاليم وصلاحياتها الإدارية والمالية، ولكن هذا لا يبعث على القنوط لأن ما لا يدرك كله لا يترك جله، ومشروع الدستور على علله يستدعي التصويت له بنعم الذي هو أفضل البدائل السيئة المتوفرة، ودونه يعني المزيد من التدهور في المجالات السياسية و الأمنية والاقتصادية، كما يعني منح أعداء استمرار العملية السلمية لإنقاذ البلاد فرصة التقاط الأنفاس والاستمرار في مشروعهم ألظلامي الشوفيني وغلبة حوار الدم بدل حوار العقول الذي ما أحوجنا إليه.

إن نجاح التصويت إلى جانب المشروع يمهد بالتأكيد إلى تحقيق خطوة الانتخابات الهامة القادمة، و يفترض على الذين قاطعوا مثيلتها السابقة أو الذين غيبوا عنها تهديدا أو ترغيبا، عدم ارتكاب الخطيئة ثانية، كما أن مشاركة اكبر قدر من الفعاليات السياسية والمدنية العراقية في هذه الانتخابات لابد مفض إلى واقع سياسي جديد ليس كما الواقع الآن الذي يشهد تفكك ائتلافات سياسية وتبلور أخرى، كما أن جبهة التحالفات هي الأخرى في حراك قلق لا يستقر إلا عشية الخامس من كانون الأول القادم.

استطلاعات الرأي وأنصار المتحمسين للمشروع يشيرون إلى إمكانية ايجابية التصويت بنعم من قبل غالبية أبناء الشعب، فهل ينتصر العقل والمنطق وتنحسر ولو قليلا الطروحات الهتافة و الأهداف الأنانية لتحقيق هدف تجاوز المرحلة الحرجة التي تعصف بالعراق وتدمي فجره وغروبه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل