الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المصرية - دراما ثورة لم تنتصر

احمد حسن

2015 / 5 / 26
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الثورة المصرية
الجانب الدرامي فى ثورة لم تنتصر
جدلية ألإحباط والتفاؤل
كما أن الإحباط والتشاؤم هو احد آثار ثورة لم تنتصر ، وثورة مضادة عنيفة ، وحالة جماهيرية مشوهة ، كذلك أيضا التفاؤل المبنى على رغبات ، وعلى إيهامات وتضخيمات ، وإنكار أو تفادى الواقع والمشكلات التي تسببت فى عدم انتصار الجماهير ، بل وحتى ارتدادها على الثورة نفسها التي قاموا بها ، كلا المنظورين هما انعكاس لأوضاع هزيمة ظرفية ، احدهما غرق فيها تماما ، واعتبرها هزيمة نهائية ، وادان الجماهير التي لم ترقى إلى مستوى أهدافه الرفيعة ، ومن ثم قرر اﻻ-;-نكفاء والإحباط بعيدا عن تلك الجماهير " المتخلفة والخائنة " , هذا النوع غالبا جاء من أوساط المثقفين والبرجوازية الصغيرة التي ﻻ-;- تترتبط حياتها بالصراع الطبقي بصورة مباشرة ، لقد كانت الثورة بالنسبة لهم مغامرة رائعة ، لكنهم ﻻ-;- يعرفون فعلا أي شيئ عن الثورات ، كان مشهد اﻻ-;-حتشاد الجماهيري مثيرا ، ولكنه لم يكن شرطا جوهريا ، لم تكن الجماهير بالنسبة لهم سوى حشود مساعدة فى مواجهة السلطة فى لحظات معينة فلم يعبئوا ولو للحظة واحدة بتنظيمها ، لم يكن فعلا لديهم خطابا مناسبا يقدمونه للجماهير ، ولم يربطوا للحظة واحدة أهدافهم بأهداف تلك الجماهير ، أحيانا كانت الجماهير بالنسبة لهم همج ومقززون ، لذلك لم يعوا حجم الكارثة حين انفضت الجماهير ، استمروا فى عملهم بقوة القصور الذاتي وحده غير مدركين أن ظهورهم صارت مكشوفة للنظام ، فلما توالت الهجمات المهينة دون أن تهرع الجماهير للدفاع عنهم كفروا وبالثورة وعادوا إلى عالمهم الصغير بكل تفاهته يتداولون القصص عن أيام المجد ، وتخلف الجماهير ، وﻻ-;- جدوى فكرة الثورة .
النوع الثاني غالبا يأتي من وسط مثقفين يساريين وتقدميين ، هؤﻻ-;-ء الذين ظلوا يحلمون بالثورة ويقرئون حولها لسنوات طويلة دون أن يمروا بها فعلا ، كانت الثورة بالنسبة لهم اقرب إلى مجموعة معادﻻ-;-ت بسيطة ، كانت تلك المعادﻻ-;-ت ذهنية صرف ، ومن ثم لم يكن مشكلة بالنسبة لهم إسقاط بعض العناصر الجوهرية من تلك المعادلة ، فالثورة هي وقبل أي شيئ تعنى الجماهير ، اعفوا انفسهم ، نتيجة لعزلة طويلة ونشاط إما نخبو ى أو دعائي ، من مهمة التفكير فى قضية التنظيم ، وحين داهمتهم الجماهير باعدا دها الضخمة وجدوا انفسهم كليا عاجزين عن توجيهها أو التأثير فيها ، ومن ثم لم يكن أمامهم سوى السير فى ركب العفوية ، مطهرين انفسهم ببعض البيانات التي يوزعونها فى المناسبات ، لم يكن هناك محرضين جماهيريين متوفرين لدى اليسار، وﻻ-;- حتى منظمين بالقدر الذي يتناسب بأي درجة مع الظرف الجماهيري الذي كان يدفع بمئات ألألاف ، واحيانا بالملايين ، إلى النضال المباشر .
حتى ضرورة التمييز بين الجماهير من الزاوية الطبقية أو اﻻ-;-جتماعية ، وتركيز الجهود على طلائعها اﻻ-;-جتماعية لم يكن ﻻ-;- متاحا ، بسبب الحالة التنظيمية شديدة التواضع ، وﻻ-;- مطروحا على جدول اﻷ-;-عمال ، أنها الثورة الشعبية الشاملة ، هكذا ردد البعض ، و راح آخرون يزيفون طبيعة الجماهير المحتشدة لتناسب رغباتهم ، انهم أبناء العمال هؤﻻ-;-ء الذين يزحمون الميادين ، وتحت سكرة الحشود الهائلة ، والمظاهرات التي ﻻ-;- تتوقف ، واحيانا المواجهات والمعارك اﻻ-;-ستنزافية التي ﻻ-;- طائل لها ، شارك الجميع بحماس وفرح حتى دون أن يلاحظوا الأهداف الخبيثة وراء تلك المعارك العبثية ، ودور الأجهزة اﻷ-;-منية فى اختلاقها فى كثير من الأحيان .
وبما أن القوى الطبقية التي يمكن أن تمثل تحديا حقيقيا للنظام لم يكن لها حضور ( ملحوظ على اﻷ-;-قل ) فى الكرنفال الشعبي المختلط ، كان الحل (لدى جزء كبير من هؤﻻ-;-ء ) هو إعطاء طابع جديد ، ﻻ-;- طبقى ، للثورة ، أنها " ثورة الشباب " فى مواجهة " دولة العواجيز " ، وتماهيا مع هذا التحديد ، اللا طبقي ، تخلوا حتى عن تصور اليسار الشعبوى ، سلطة الجماهير أو سلطة كل الشعب ، لينجروا وراء العبث الفكري لنخب البرجوازية الصغيرة ، سلطة الميدان ، أو الميادين . هكذا قلبوا تماما أي فهم علمي أو اجتماعي للثورة وللصراع الدائر ، ليحلوا محله أسؤ أنواع العبث الذهني . كان هذا الهراء بمثابة طوق إنقاذ لخيارات النظام المترنح ، فبثت الميد يا الرسمية دعايتها حول - ثورة الشباب - تاركة للأجهزة اﻷ-;-منية مهمة توجيه الضربات لكل القوى اﻷ-;-خرى ، العمال باعتبارهم فئويين ، الرموز والتيارات السياسية ﻷ-;-ن الثورة ، كما تباهوا بها ، ثورة شباب وليس لها قيادة أو مصالح خاصة فئوية أو سياسية ، وتغنت حكومات ما بعد يناير بالشباب وعقدت بعض اللقاءات مع ممثلو الشباب الذين فى اغلبهم ﻻ-;- يعرفهم احد وﻻ-;- يمثلون شيئا ، واستكماﻻ-;- للمهزلة العابثة ، مر رموز الثورة المضادة أيضا بالميدان ، تباركوا به وتم التصفيق لهم واعتبروا ، سلطات خرجت من الميدان ، أو على اﻷ-;-قل أخذت شرعية الميدان كما يأخذ الأفاق البركة من البابا أمام الحشود .
هكذا ساعد الهراء الفكري فى تمهيد الطريق للثورة المضادة ، وفى وضع حدود ، شبابية وميدانية ، للثورة . ولم يكن لدى احد من هؤﻻ-;-ء حساب حقيقي للجماهير .
بعد أن انفضت الميادين ظل البعض يردد فى غثاء مزعج شعار ، سلطة الميدان ، وانكروا تماما ما حدث من تراجع وارتداد جماهيري ، فى الواقع لم تكن الجماهير هامة فعلا فى حساباتهم ، فالثورة يكفى لتقدمها أن يحتشد الميدان الذي كيفوا انفسهم وا فكارهم عليه ، لن يحتاجوا إلى تلك الرحلة الشاقة التي تمر بالصراع الطبقي الفعلي وبتنظيمات طبقية ، معادلة الميدان الشبابية أسهل بكثير ، إحنا لسه ها نستنى العمال ، هكذا قال احدهم . ومن ثم حافظوا على تفاؤل مفرط فى انتظار احتشاد قريب للميدان مرة أخرى . أن ثورة تلك حدودها دفعتهم لتجاهل كل المعطيات اﻻ-;-جتماعية والسياسية التي تواجهها الثورة فعلا ، فثورتهم ابسط بكثير من تلك التعقيدات .
وان كان من باب التعسف أن نحمل هؤﻻ-;-ء اكثر مما يحتمله فعلا قدرتهم على التأثير فى سير اﻷ-;-حداث ، وهى قدرة اقل من متواضعة بكثير جدا ، إلا انهم بلا شك لعبوا دورا ما فى هذا العبث الذي مهد الطريق للثورة المضادة .
أن كلا من التشاؤم ، والتفاؤل الذين اعقبا تراجع الثورة ، يعكسا جانبا دراميا من الثورة ذاتها ، تلك الثورة التي اندلعت فى شروط سياسية وتنظيمية غير مواتية ، والتي سلمت قيادها لمغامرين وعابثين يقودون عفويتها ، والتي ناضلت إلى حد الإرهاق الاقتصادي والاجتماعي عدة سنوات متصلة بعد أن دفعت دماء كثيرة ، وتخبطت يمينا ويسارا بعنف ، لتسقط فى نهاية المطاف فى حجر أعدائها من قوى الثورة المضادة . ولتجد نفسها محتشدة خلف هذا أو ذاك من أعدائها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين كانوا يحتجون أمام السفارة الإسر


.. حفل تسلم المرحلة الاولى من بناء المقر الجديد




.. شاهد: توسع إضراب عاملين بجامعة كاليفورنيا تضامناً مع المتظاه


.. كيفية تعامل الحكومة مع الرسالة المفتوحة لحزب التقدم و الاشتر




.. كيفية تعامل الحكومة مع الرسالة المفتوحة لحزب التقدم و الاشتر