الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل العراق السياسي

عبد الحسين العطواني

2015 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


مستقبل العراقي السياسي
لاشك ان ماعاناه الشعب العراقي من وضع مآساوى بسبب الاستبداد والديكتاتورية التي اوصلت البلاد الى موارد التهلكة نتيجة السياسة التي مارسها الذين تولوا آمر العراق ودورهم في تمزيق وحدة بلدهم وفي تخلفه في سنوات قبل الاحتلال , مع تهيئة الأجواء المناسبة للدول الطامعة بمختلف الحجج والذرائع لتمكنهم من احتلال العراق واللعب بمقدراته ليدفع الشعب ثمن أخطاء ورعونة وهمجية هذه الأنظمة ,
فالعراق كآي دولة من دول العالم , بلد متعدد الديانات , والمذاهب , والطوائف , وهذه حقائق ديموغرافية من صنع التاريخ مضى على وجودها مئات السنين , كما انه تعرض على مر العصور للاجتياح , والاحتلال لاهمية موقعه الجغرافي وبما يمتلك من ثروات طبيعية وممرات مائية , وانهار دولية .
ولايخفي على الجميع أن تاريخ العراق بكل مراحل حكمه الاستعمارية منها , والوطنية , لم يشهد حالة من الاستقرار السياسي , او الأمني , او العسكري , بل دائما في صراع , وخوف , وقلق , بحيث شاع الفساد الأخلاقي , كالكذب , والرياء , مع الاحتيال على القانون ومحاولة الإفلات منه , نتج عنها ازدواجية في شخصية المواطن من خلال التباين الواضح في آرائه بنوعيها : الظاهرة , والكامنة , بحيث يقول مالا يؤمن , ويؤيد مالا يرغب, مع تطرف ديني خالي من الإيمان يعتمد المظاهر والرياء, ومستويات متدنية من المراوغة , وكل ذلك أسهمت في تكوينه الضغوط السلطوية في سياسة الفرض , والاكراه, والقسر وفي ظروف قاسية تحت إدارة غلبت عليها مظاهر الفساد بأنواعه , فضلا عن التمييز العنصرى , حتى ان عملية الحكم في العراق أصبحت دائرة صراعات غير معلنة بين الجهات المتنفذة والمتسلطة على الشعب ,
هذا الوضع الكارثي الذي انتهى بالاحتلال الأمريكي للعراق بإطار الديمقراطية , والذى يتحتم بل من الواجب على الولايات المتحدة أن تتحرك بسياسة انقاذ شعب حاصرته , وفرضت عليه الديكتاتورية لفترة طويلة من الزمن , فكان الفشل واضحا الذي لم يكن نتيجة الإرهابيين الذين لم يفعلوا في خستهم أكثر من قتل المدنيين العزل في الأسواق وأماكن العبادة , وانما كانت لها أجندة ابعد من دلك , ان تبسط هيمنتها على المنطقة وتعيد بناء نفوذها على أساس الفوضى البناءة .
فالولايات المتحدة تدرك جيدا إعادة تأهيل الوضع العراقي قد يحمل مخاطر جسيمة على مصالحها في المنطقة , اذ ان هناك عداء متزايد للولايات المتحدة داخل المجتمع العراقي يمكن ان يقلب المعادلة السياسية في آية لحظة , وهذا مايعزز قوى المواجهة والعنف ضد المصالح الأمريكية في المنطقة العربية , لذلك عمدت على اعتماد سياسة الفوضى العشوائية , وتشجيع الطائفية المقيتة , مع تأجيج الصراع الدائم بشأن الفيدرالية , وسلطات الأقاليم وما يترتب عليها من سلطات سياسية تمهد الانفصال .
هذه السلوكيات المتقلبة والمتناحرة لسياسة الولايات المتحدة في خلط الأوراق , والتفريق والتمييز بين الطوائف العراقية , لم يكن اتجاهها نحو المصلحة العراقية من حسابات منطق الاحتلال , وأصبحت الصراعات على الساحة العراقية ليست بصبغة داخلية فحسب , وانما تداخلت فيها صبغات , ومستويات اخرى , اقليمية , ودولية ,فرضتها معطيات تشابك المصالح في ظل ساحة عراقية تقودها حكومة فاشلة في الأداء , وناجحة في التصريحات الطائفية , ومقيدة دوليا , مع كبت وحرمان ولا آمل في اقتحام العصر الحديث الا بتحطيم تلك القيود , وفي وضع يكون المجتمع الدولي متصارعا بين الرغبة في تصحيح الوضع الانساني العراقي , والقضاء على زمر داعش الإرهابية في دولة لازال مستقبلها السياسي غير واضح , وبين السياسات الأمريكية الضاغطة نحو تحديد العلاقة معه على مستوى يمكن قبوله في وضع دور العراق المستقبلي في إطار يخدم مصالحها .-
لذلك يلاحظ اثر القلق على مصير البلاد ومستقبلها, الأمر الذي كان ولم تزل هواجس العراقيين تستولي عليها المخاوف نتيجة لتشابك الوضع السياسي _.
ومع كل هذا فأن العراق لايزال يعاني من خطرين هما : زمر داعش الإرهابية , ونفوذ الأمريكان , وقد بات واضحا من خلال التجارب الميدانية ان العلاقة بينهما وثيقة , فمن مصلحة الأمريكان ان تديم عصابات داعش , ومن شأن داعش ان يعطي مسوغا لنفوذ الأمريكان , ومع ذلك فان السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الجميع ماهو مستقبل العراق ؟ , فقد تصعب الإجابة عليه , لكن كيف الخروج من هذين الوبائين اللذين ينخران بالجسد العراقي , ارى انه يستلزم الكثير من الشروط , تأتي بمقدمتها شرطين أساسيين أولهما : عدم تدخل لولايات المتحدة في الشأن العراقي , والأخر : وجود حكومة قوية مخلصة لإدارة البلاد , اما الشروط الأخرى الواجب توافرها فهي كثيرة وقد يمكن تلخيص أهمها : ضرورة إبعاد الأدوار الإقليمية ذات الصبغة الطائفية , ونبذ الخلافات والصراعات الدائرة بمختلف مستوياتها , وأن تسود ثقافة لدى العراقيين كافة من ان مشكلتهم هم أول المسؤولون عن حلها , وتراجع ونبذ الهويات الفرعية إمام الهوية الوطنية , وأن تنشط الأدوار الشعبية للمساهمة مع القوات الأمنية في إعادة امن العراق . اذا ماتحقق ذلك فان مستقبل العراق سيتجاوز جميع المحن والقيود ويجعلها تركة الماضي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |