الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة العبادي لموسكو .. هل هو إعلان ل-زواج المتعة- مع الدب الروسي.

بير روستم

2015 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



العراق خرج من حربين خليجيتين مثخنٌ بالكثير من الجراح والآلام، حيث كانت الأولى مع دولة جارة (إيران)؛ "من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988"، وقد خلفت تلك الحرب "نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي، دامت الحرب ثماني سنوات لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين وواحده من أكثر الصراعات العسكرية دموية" (بحسب ويكيبيديا). أما الثانية فكانت إثر إحتلال القوات العراقية لبلد عربي آخر بحجة إنها تسرق نفطها وهي سابقة في تاريخ المنطقة والدول العربية بأن تقوم تقوم دولة بإحتلال "دولة شقيقة" حيث قامت القوات العراقية _أيام طاغيتها صدام حسين_ بإحتلال دولة الكويت .. وهكذا جاء الرد الدولي عقب ما قامت بها القوات العراقية حيث قامت قوى التحالف الدولي بما تسمى أيضاً بـ"عملية عاصفة الصحراء أو حرب تحرير الكويت (17 يناير إلى 28 فبراير 1991)، .. هي حرب شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق .. بعد أخذ الإذن من الأمم المتحدة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي". (نفس المصدر السابق).

لكن لم يكن الحرب الخليجية الثانية آخر مآسي وكوارث العراق والمنطقة حيث بقي طاغية بغداد على عرشه يذيق الشعوب العراقية كل الويلات وخاصةً الشيعة في الجنوب والتي كانت هي الأخرى قد عاشت إنتفاضة مماثلة للإنتفاضة الكوردية في الشمال؛ إقليم كوردستان (العراق) _حالياً_ إلا أن الجنوبيين (أي الشيعة) تُرِكوا حينها من دون حماية دولية كما تم فرضها على المناطق الكوردية في الشمال، مما ترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لكي يُنكل بهم طاغية العراق وقد راح نتيجة القصف الطيراني والمدفعي وبحسب التقديرات العراقية المحلية ما يقارب المليون من الشيعة الجنوبيين ضحايا تلك المجازر الرهيبة بحقهم، مما دفع أخيراً المجتمع الدولي وبقيادة أمريكية والتحالف الدولي لشن حرب خليجية ثالثة في عام 2003 وإحتلال العراق _أو بالأحرى تحريرها من الطاغية صدام حسين وحاشيته_ وهكذا ومع دخول العراق أصبح للعراق وجهها السياسي التوافقي حيث التشارك بين المكونات العراقية الأساسية في إدارة البلاد وعلى الأخص الكتل الثلاث وهم: الكورد وكل من الشيعة والسنة مع إعطاء بعض الوزارات والإدارات للمكونات الأخرى كالتركمان والكلدوآشوريين؛ أي بمعنى أن العراق أصبح يطمح لملامح سياسية جديدة تكون نموذجاً للديمقراطيات التوافقية في شرق أوسط جديد وبعيداً عن دول الطاغوات والإستبداد والديكتاتوريات.

كان ذاك الحلم مع سقوط طاغية بغداد .. لكن ثقافتنا _من جهة_ والقائمة على الفكر البطرياركي ووحدانية ومركزية القرار الإداري بشقية؛ اللاهوتي (الديني الغيبي) والناسوتي (السياسي التغييبي) ومن الجهة الأخرى؛ التدخلات الخارجية من بعض دول الجوار وعلى الأخص إيران وذلك في ظل غياب أي دور عربي فاعل في بناء الدولة العراقية الجديدة، جعل المشروع العراقي في التوافق السياسي مشروعاً هشاً؛ إن لم نقل فاشلاً بإمتياز حيث الخضوع لقرارات قم بحيث باتت السياسة العراقية تأخذ من ملالي إيران وترسم في طهران وليس بغداد وذلك بحكم "الإنتماء الطائفي الشيعي" مما جعل المكونات الأخرى وخاصةً العرب السنة وكذلك الكورد يتحسسون من دور ونفوذ إيران على السياسة الرسمية للبلد مما شكلت بدايةً للكثير من الأزمات بين الإقليم والمركز ووصل الأمر بالقيادة العراقية أن تحجب حصة إقليم كوردستان من ميزانية الدولة وهي سياسة قريبة لسياسة الطاغية صدام حسين، بل ربما أسوأ منها كون الأخير لم يحجب رواتب الموظفين وفي أشد الأزمات والحروب بين الكورد ونظام الطاغية .. وكذلك فإن السنة العرب هم الآخرون نالوا الكثير من تلك السياسات الإقصائية بحقهم مما دفعهم للإعتصام والإحتجاج في عدد من المحافظات وذلك قبل أن تنفجر أزمة "داعش" الأخيرة في تلك المناطق السنية.

ولكل ما تقدم ونتيجة لتلك السياسات والتدخلات الإيرانية والكثير من الأخطاء التي أرتكبت سواء من القيادات السياسية العراقية أو قوى التحالف وأمريكا وذلك بترك العراق بين أيدي ملالي إيران وتهميش مطالب بعض المكونات والشركاء _السنة والكورد_ مع ضعف الدور العربي في رسم سياسات العراق مع الإرث والصراع التاريخي للمنطقة بين مختلف المكونات ومنها مسائل الطائفية والقومية .. كلها ساهمت في زيادة الإحتقان الداخلي والذي شكل الأرضية المناسبة لزيادة التطرف لدى الفرقاء السياسيين والعمل وفق برامجهم الحزبية وليس الوطنية وبالتالي الولاء للحزب والطائفة والإنغلاق على الذات بدل الإنتماء والولاء للدولة الوطنية وقد رأينا عدد الأزمات المتتالية لعدد من الحكومات وخاصةً في مرحلة حكومات المالكي والتي حقيقيةً ساهمت في تفتيت العراق بشكل أسوأ من النظام العراقي الأسبق، طبعاً ودون أن نتبنى نظرية المؤامرة ووقوف عدد من الدول الغربية والأوربية وراء بعض المخططات في تفتيت المنطقة رغم أن مصالحها ومصالح شركات الإنتاج الحربي والنفطي تتطلب المزيد من النزاعات والحروب في منطقة الشرق الأوسط حيث النفط وسوق للسلاح الحربي.

وهكذا .. وللأسف باتت العراق تعيش على حافة التفتت والإنهيار كمنظومة وطنية؛ حيث الإنقسام الطائفي وقد وصل الأمر بالقوى الدولية لأن ترسل برسائل تحذيرية للحكومة العراقية _حكومة السيد العبادي_ بأنها إن لم تلتزم بالشراكة الوطنية مع الفرقاء السياسيين من باقي مكونات العراق فإنها سوف تضطر إلى تقديم الدعم العسكري لكل من السنة والكورد بشكل مباشر ومن دون أن ترسل عن طريق بغداد، لكن يبدو أن إيران هي الأخرى أرادت أن ترسل رسالة لأمريكا وحلفائها الغربيين وذلك عندما طلبت من حكومة العبادي أن تقوم بزيارة لموسكو ولغاية عقد صفقات للأسلحة وذلك على الرغم من إحتجاج بعض الأطراف وقد ذكر الإعلام ونقلاً عن السيد حيدر العبادي؛ (إنه أراد أن يبرز أهمية علاقات بلاده مع روسيا مضيفا أنه تجاهل "قوى معينة" نصحته بإلغاء الزيارة). ويذكر أن رئيس الوزراء العراقي توجه الاربعاء الماضي إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية، وكان قد التقى يوم الخميس رؤساء ثلاث شركات روسية كبرى للنفط والغاز وذلك بمقر إقامته في العاصمة موسكو .. وأخيراً نتساءل؛ هل يمكن أن تكون هذه الزيارة هو الإعلان عن "زواج المتعة" بين الحمل العراقي والدب الروسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يهدد بإيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ما تبعات هذه الخ


.. أسو تتحدى فهد في معرفة كلمة -غايتو- ????




.. مقتل أكثر من 100 شخص.. برازيليون تحت صدمة قوة الفيضانات


.. -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال




.. تحديات بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية في تشاد.. هل تتجدد