الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة في خطر

عماد صلاح الدين

2015 / 5 / 27
القضية الفلسطينية



نحن الشعب الفلسطيني ليس لدينا فقط مشاكل داخلية ظهرت وتفاقمت بسبب الاحتلال، ومن ثم الاختلاف حول المشروع السياسي وطريقة الحل وتقرير المصير، التي برزت بشكل واضح بعد دخول منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات مع إسرائيل، مع بداية عقد التسعينيات القرن العشرين المنصرم.
بل لنا قضية من اعقد القضايا التاريخية المعاصرة؛ لدينا شعب وارض بأكملها تعرضت للتطهير والتنظيف العرقي على يد ميليشيات وعصابات الصهيونية، منذ أكثر من سبعة وستين عاما، ولا زال مشروع التطهير والتهويد وسرقة ارض الفلسطينيين وقتلهم وحصارهم وتجويعهم مستمرة لم تتوقف، حتى في ظل زخم وهم السلام والمفاوضات مع إسرائيل خلال سنوات مضت وانقضت.
المشروع الصهيوني ليس استيطانا أو احتلالا عاديا وحسب، بل هو أيضا مشروع ترانسفيري ترحيلي وإحلالي خطير، كان ولا يزال يعمل وبشتى الوسائل على تصفية وجود الفلسطينيين وحيواتهم المختلفة أينما وجدوا على ارض فلسطين بكافة مسمياتها المستحدثة، في جدل العلاقة غير الطبيعية بين الفلسطينيين والعرب من جهة والكيان الإسرائيلي من جهة أخرى.
قضية الفلسطينيين ومعاناتهم من جرائم إسرائيل المتنوعة والخطيرة جدا على الجنس الإنساني، هي اعقد وأصعب حتى من حالات الترانسفير الابادي النهائي الذي جرى في بلدان ومناطق عدة من عالمنا القديم أو الجديد، سواء في الاستراليتين أو في كندا أو أمريكا الشمالية أو بعض المناطق في أفريقيا وغيرها، حيث أن سكان تلك المناطق والبلدان تم الانتهاء منهم وصاروا تاريخيا أثرا بعد عين لأسباب مختلفة تتعلق بوحشية المستعمر أو المهاجر المفرطة بحسب الوثائق التاريخية الموثوق بها، ولأسباب ذاتية وموضوعية تتعلق بالمقدرة الكلية لمقاومة هؤلاء السكان الأصليين في سياق جامع من الظروف الحضارية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الإعدادية العسكرية على كل حال، وبالارتباط بحقيقة العمق والمجال الحيوي والاستراتيجي لتلك المجتمعات.
الفلسطينيون لم تتم إبادتهم نهائيا ولم يتم القضاء عليهم حتى النهاية بالتهجير القسري والمجازر، بل إن الهوية الوطنية الفلسطينية استعادت جزءا مهما من عافيتها ضمن مشترك التراث والثقافة العربية والإسلامية، خصوصا بعد قيام الثورة الفلسطينية في الحالة المعاصرة، وفي المقدم منها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في أواسط ستينيات القرن الماضي.
لكن الفلسطينيين رغم ذلك كله لم تنفك مشاريع تصفية قضيتهم الوطنية والإنسانية عبر أكثر من سبعة عقود سواء ذلك بجهود دولية أو إقليمية. وهم، على كل حال، معاناتهم مستمرة لم تتوقف للحظة منذ أن وضع المشروع الصهيوني أول قدم له على ارض فلسطين، وهي معاناة شملت وتشمل كافة قطاعات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وفي مخيمات اللجوء، هي بذلك معاناة مركبة جدا؛ معاناة من تعرض للتطهير العرقي كما في الحالات التاريخية المعروفة، ومن كتبت له ظروفه التاريخية البقاء والاستمرار تحت وطأة الجحيم الإسرائيلي والإقليمي والدولي في آن معا، وعبر فترات زمنية زادت في حدودها عن المقدرة الإنسانية المتوقعة في الاستيعاب والاحتمال.
تصرفت بعض النظم العربية، وفي المقدم منها النظام المصري الحالي، بطريقة سافرة جدا في العداء وفي تضليل شعوبها فيما يخص الفلسطينيين وقضيتهم، إلى درجة تخرج عن منطوق الفهم العقلي والمحاولة حتى في الاعتذارية والتبرير، لدرجة الحكم بالإعدام على فلسطينيين استشهدوا قبل ثورات الربيع العربي بسنوات أو تم أسرهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي عبر عقود طويلة.
وأيا كانت التفسيرات في فهم مثل هذه المواقف والسلوكيات تحديدا الصادرة عن النظام المصري؛ بارتباطه عضويا أو وظيفيا مع الكيان الإسرائيلي، أو ضمن التفسير العام للحفاظ على بقاء تلك الأنظمة بعد مشروع الثورات المضادة، أو من باب المعاداة التاريخية لجماعة أو حزب أو ضمن دعوى مكافحة الإرهاب وغيرها، فان استهداف الفلسطينيين عمليا بالعدوان المحتمل على قطاع غزة، ضمن معطيات يلمسها المتابع في الحديث عن القوة العربية المشتركة والتحالفات هنا وهناك، والتصريحات المتكررة بتكرار المثال اليمني، إنما سيعجل في استعادة الوعي العربي والفلسطيني سريعا جدا في مواجهة تلك الأنظمة، وسيكون بمثابة التعجيل بالانتحار الذاتي، المختلف تاريخيا عن دورات الثورات والثورات المضادة، خصوصا أن في عموم الموضوع العربي الإسلامي هناك قضية شعب واقع تحت احتلال إحلالي عنصري، تتواضع أمامه تجربة التمييز العرقي والعنصري في عهد النظام البائد في جنوب أفريقيا في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
أخيرا، على فصائل المقاومة الفلسطينية وقادتها السياسيين وعلى النخب الفلسطينية قادة ومؤسسات عموما، تفهم الدائرة الأوسع للتخلف والجهل والمرض والفقر والانحطاط الفكري والثقافي الذي تحياه المنطقة العربية الإسلامية، لسحب الذريعة والتبرير أمام أي تهور غير محسوب لاستهداف الفلسطينيين تحديدا في قطاع غزة من قبل نظام الحكم المصري الحالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. قطط مجمدة في حاوية للقمامة! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. موريتانيا: مع تزايد حضور روسيا بالساحل.. أوكرانيا تفتتح سفار




.. إسرائيل تحذر من تصعيد خطير له -عواقب مدمرة- بسبب -تزايد اعتد


.. هدوء نسبي مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن -هدنة تكتيكية- انتقده




.. البيان الختامي لقمة سويسرا يحث على -إشراك جميع الأطراف- لإنه