الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تصبح مفكرا؟

لحسن لحمادي

2015 / 5 / 27
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


وهو ليس إلا نظرا خاصا لمنظورات تكتسي من الخصوصية ما يدعوا للحديث عن ما اختصت به، لا أستطيع إلا الرأي الآن والتعلم واكتساب المهارات. تنطوي قضية لتوضع صوب ناظري قضية، فكيف تصبح مفكرا؟ هكذا قالت لي إنسانة عزيزة أن أكتب، ولا مشكل عندي في المحاولة، المحاولة فقط، فقط للتفاعل مع سؤالها والذي وضعته عنوان هذه الكلمات أجيب مبدئيا بالقول: تصبح مفكرا وتصبحين مفكرة عندما تعلنين تحمل مسؤولية الفكر الجليلة، وهي حمل لا يواكبه إلا المخلصون لاستخدام العقل ثم الروح ثم القلب ثم الفكر.. فكل الملكات تستحضر في حروب المفكر الطويلة وقد تكون حروبا خالدة كتلك التي أعلنها مفكرو اليونان القديم في شأن كل العلوم والميادين، هكذا هو المفكر صاحب الخلود متحديا رغبة الساعين للخلود مثل جلجامش ونيرون وغيره من المحاربين والجبابرة.
وكم من مفكر مات ولم يكمل إتمام كتابه، وكم من مفكر كتب عن موته، "لماذا أعدموني" سيد قطب، و"محاورة الدفاع" عن سقراط الذي كتب تلامذته عن دقائق وتفاصيل موته.
إن موت المفكر كان موتا مبدعا عبر التاريخ، فأكثر المفكرين ثقلا ماتوا ميتة تفنن أعداءهم في وضعها لهم، قال الجنيدي عالم الزمان في العباسيين: فليمت الحلاج صلبا. فما أن سمع الحلاج الصلب حتى بدأ يصيح من سجنه: أصلبوني... ، كان الحلاج مقدرا الصلب عقاب منصف بالنسبة له خصوصا وقد اضطلع بالفرق والأديان فأدرك أن الموت مصلوبا سيشابهه بالمسيح وهو ما أكده المستشرقون؛ فهو طالب الخلاص، وتحقق له الخلاص كما شاء.
تصبح مفكرا عندما يكون العالم مشكلا أولا وعندما يصبح الإنسان مشكلا ثانيا، ولطالما اختلف في ترتيب أهمية كلا الأمرين والإشكالين.
يقفز المفكر بروحه في سماء المعقولات واللامعقولات، يصبح المفكر خارج الزمان والمكان عندما يكتب، يصبح مجنونا بالحرية، يصبح محبا للوجود ولو كتب ضد الوجود.
يصبح المفكر مفكرا من تلقاء نفسه، من تلقاء طريقة عيشه لحياته، ومشاكله وقدرته على فك والتدخل و نقد أوضاع الآخرين، المفكر هو جزء من حياته، ففي حياته تتحدد أفكاره، ولا أقصد بهذا السيرة المبتذلة لكل واحد من المفكرين وإنما أقصد؛ كيف كان يتعامل وما أهم الأحداث التي صادفها في فترة عيشه في العالم؟ ولهذا يمكن نفي عبارة هيدغر ،تتخذ حياة "أرسطو، فيلسوف ولد ومات" عندما قال في شأن أرسطو:
المفكر من الأهمية ما دعا عبد السلام بنعبد العالي للقول: "إن المفكر ذاته لا يعمل في النهاية إلا على رفع وقائع حياته إلى مستوى المفهوم". لقد تبدى كثيرا وبعد النظر في تجارب رجال كبار أن المواضيع التي يبدع فيها المفكرون هي إنما ما ارتبط حاصل معيشتهم، ويتوزع ذلك خلال ما تأذى منه المفكر ولازم فكره ليتولد عنه مشروع فكرة، فالمفكر رفيق لحاجة الأمة والقوم الذي ينحدر منهم، هو ناصحهم ومحذرهم وحكيمهم، وأكثرهم بصيرة مهما كان للملاين من الأفراد البصر، يصح اعتبار دوره كدور رجل الإطفاء، تندلع النيران ليأتي ويخمد انتشارها، عندما ظهرت فكرة العولمة ؛ كونها أهم حدث وأهم نار تشتعل في البسيطة، قام المفكرون للتعبير عنها، قام كل من له القدرة على التحذير من خطرها وإطفائها، فهناك من اختار مقاومة مصادرها ومن أين ينشب لهيبها، وهناك من سعى لإطفائها من محيطه وتجنيب قومه خطرها ما استطاع.
دور المفكر اكتسى أهمية عبر التاريخ، فالمفكر أو المفكرة إنسان ناذر التواجد لقوة الطلب عليه وعلى كلامه الحاسم والقوي؛ بل والمزلزل للقوى التي تسعى لتهجين ما قد يهجن من عموم الناس.
يأتي المفكر أولا ثم يأتي خلفه قراءه النهمين وهم من يرقون لوضع المثقفين، وخلف هؤلاء يأتي من يستمع لتأويلات المثقفين ويحولها لأراء شخصية تجد صداها عند من يسأل صاحب الرأي المؤسس هذا.
تكون مفكرا وتكونين مفكرة عندما تكون العلاجات التي تقدمها ناجعة ولها مفعول، مثل الطبيب كذلك يتعامل المفكر مع الحالات الطارئة، ومن نماذج ما طرأ في السنوات القليلة الماضية وعشته لحظة بلحظة وهو الثورات العربية؛ وباعتبار المفكرين مسؤلون عن هذه الأمور الجديدة فقد تحمس المفكر العربي وأطلق على ما حصل ويحصل.
"الربيع العربي" وسرعان انتقل المفكر أو بعض المفكرين العرب ليقولوا أن ما حدث هو "خريف عربي" دون ال التعريف، هكذا حدث وهكذا مازال يحاول المفكر العربي اقتراح إجابات ونظريات عن ما حصل وما سيحصل. وللأسف حتى الساعة لم يخرج ولو كتاب ينظر بشكل دقيق وحاسم وثوري وجدري لما يحصل أو على الأقل يضعه في سياق التاريخ الإسلامي أو الكوني، لم نرى مثل هاته الكتب إلا منا تعلق بالشعر الحر فهو الذي يستمتع بسمر ثوري غير واع بنفسه.
بعض الشعراء صراحة أقصيهم من وضع المفكر، ليس لأنهم يتوسلون بعواطفهم في التعبير بل على العكس من ذلك، فأغلبهم اليوم يكتبون شعرا حرا لا أساس له ولا هدف منه لا ينبع غابا من صميم العاطفة وإنما هو سودوكو من الكلام المتقطع؛ تتنوع فيه التأويلات ولكن لا يتنوع فيه الهدف. كذلك الذي يكتب كبار شعرائنا محمود درويش وسميح القاسم ويلحق باتجاههم ملايين الشعراء الصغار، وهو شعر ترجم للغات العالم المعروفة، ولو كان يتضمن بعدا أصيلا من أبعاد حل المشكل أو افتعاله لحظي باهتمام غربي يؤهله لمستوى التكريم بجائزة نوبل مثلا، ليس الشعر ألدرويشي باعتباره قمة الإبداع الصارخ للعرب إلا ثرثرة فوق إسرائيل.
وختاما أقول بموضوع جديد وهو أين المفكر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف