الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبعاد القانونية للأضرار النفسية الناجمة عن عمليات هدم البيوت العربية في اسرائيل

نبيل دكور

2015 / 5 / 28
دراسات وابحاث قانونية


تتمحور الدراسة حول النقاط المركزية التالية:
1- المسؤولية القانونية المدنية عن الاضرار بشكل عام
2- القانون الوضعي الإسرائيلي:
- المسؤولية القانونية المدنية عن الاضرار النفسية الناجمة عن عمليات هدم البيوت
- آليات محاسبة وملاحقة المسؤولين قانونيا
مبدأ المسؤولية القانونية المدنية عن الاضرار:
كي تقوم المسؤولية القانونية المدنية عن الاضرار بشكل عام, يجب ان تتوفر الاركان (الشروط) التالية:
أ- واجب تشريعي/التزام قانوني
ب-ارتكاب فعل يخالف الواجب القانوني او اخلال في الالتزام (خطأ /انتهاك/مخالفة)
ج- إلحاق ضرر (مادي/معنوي)
د-علاقة سببية مباشرة بين الضرر والخطأ -الضرر ناجم بفعل الاخلال أو ما يسمى بالخطأ/الانتهاك/المخالفة.
القانون الوضعي الإسرائيلي:
عناصر المسؤولية القانونية المدنية عن الاضرار (المادية والنفسية) الناجمة عن هدم البيوت:
أ- واجب/ التزام قانوني:
الحق في السكن وفي المسكن اللائق هو حق اجتماعي اساسي, كونه جزءا من حق الانسان في الكرامة, وعليه فمن واجب الدولة ان تكفل هذا الحق الاساسي وان تلتزم بتطبيقه.
وفقا للمادة 25 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان(1948) يحق لكل شخص التمتع بمستوى معيشي لائق بما في ذلك الحقّ في المأكل، الملبس والمسكن.
في عام 1991 انضمت اسرائيل الى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية من عام 1966، الذي ينص في البند 11(1) على أن لكل إنسان الحق له ولعائلته بالسكن ، في المأكل والملبس, وأنّ هذا الحق في السكن ما هو إلا جزء من حق أوسع- الحق في مستوى معيشة لائق وملائم.
منظومة القوانين الاساسية/الدستورية الاسرائيلية الحالية لا تشمل حتى الان الحق في السكن. كانت هناك محاولات لمشاريع قانون اساس للاعتراف بهذا الحق وحقوق اجتماعية اخرى, كحقوق اجتماعية اساسية.
القضاء الاسرائيلي الأعلى (المحكمة العليا) أقر واعترف في اكثر من قضية, ان الحق في السكن وفي السكن الملائم هو جزء لا يتجزأ من الحق الأساسي لكرامة الإنسان المنصوص عليها في قانون أساس كرامة الإنسان وحرّيته، والمعمول به منذ عام 1992.
من أهم هذه القضايا هي القضية المعروفة بالفقه القضائي الاسرائيلي منذ عام 1998 باسم "قضية جمزو" اذ يقول القاضي اهرون براك, رئيس المحكمة انذاك, أن الانسان الذي يسكن في الشارع ويفتقد للمسكن هو شخص تُنْتَهَك كرامته كإنسان.
ب- إخلال/ انتهاك/مخالفة:
عندما تقوم الدولة بهدم بيت, فهي تحرم افراد العائلة من حقهم في السكن او من المأوى اللائق, وبالتالي فهذا يمس بحقهم الطبيعي في الكرامة. هدم بيت يعني انتهاك الدولة للحق في المسكن, وإخلال للواجب القانوني الملقى على عاتقها لحماية هذا الحق الاساسي في السكن والمأوى كجزء من الحق في الكرامة. هدم منزل يعتبر مخالفة لحق دستوري.
ج- اضرار نفسية وعلاقة سببية:
يشير الاخصائيون النفسيون وعلماء الاجتماع, وتؤكد الابحاث العلمية على ان عملية هدم منزل وحرمان اهل البيت وافراد الأسرة من سقف يأويهم, هو فعل يؤذي بصحة الإنسان النفسية, وينجم عنه مباشرة اضرار نفسية جسيمة متنوعة لأفراد الأسرة, وبالذات لصحة الأطفال النفسية.
تجدر الاشارة أن هناك أضرار نفسية قد تنجم عن سياسة القمع والأجراءات التعسفية وأساليب الترويع التي تنتهجها أجهزة الدولة أثناء تنفيذ عمليات الهدم. هذه الأضرار أيضا جزء لا يتجزأ من الأضرار النفسية الناجمة عن هدم البيوت وانتهاك فظ للحق في السكن, والتي على الدولة جبرها وإصلاحها.
آليات محاسبة وملاحقة المسؤولين قانونيا عن الاضرار النفسية الناجمة عن هدم البيوت:
قاعدة قانونية عامة في قانون الاضرار:
- على المسؤول عن تسبب الاضرار (من ارتكب خطأ قانوني وأخل بالتزام قانوني وتسبب بأضرار) ان يقوم بجبر الاضرار.
- جبر الاضرار يتم عن طريق التعويض المادي او الاصلاح احيانا.
- يحق للمتضرر محاسبة الفاعل واستنفاذ الاجراءات القانونية والقضائية بحق المسؤول عن الاضرار, لإلزامه بجبر الاضرار (التعويض ماليا او الاصلاح)
يبقى السؤال الأهم: هل انتهاك حق اساسي, كالحق في السكن, على يد الدولة يصل الى مستوى المخالفة الدستورية الذي يُحمِل الدولة المسؤولية القانونية لأرتكابها, مما يستوجب جبر الاضرار؟!
كما ذكرنا أعلاه القضاء الاسرائيلي الأعلى اعترف في اكثر من سابقة, أن الحق في السكن والسكن الملائم هو حق اساس وجزء من الحق في الكرامة, وبالتالي من يمس بهذا الحق فهو يمس بحق دستوري.
الحلبة القانونية والقضائية في اسرائيل تشهد في السنوات الاخيرة مطالبة جدية لإجراء تعديلات قانونية, هدفها حماية حقوق الانسان عن طريق شمل الافعال التي تنتهك حقوق الانسان (المخالفات الدستورية) في قائمة المخالفات الخاصة التي تستوجب التعويض حسب قانون الاضرار, وعن طريق تشريع قوانين اضرار لحماية هذه الحقوق بشكل خاص. ذلك أسوة ً بحقوق وحريات اخرى كالحق في الخصوصية, السمعة الحسنة, الحبس التعسفي, المساواة في تلقي الخدمات العامة, المساواة في القبول للعمل وغيرها من حقوق اساسية, مما قام المشرع الاسرائيلي بحمايتها, عن طريق شملها في قانون الأضرار العام او بقوانين اضرار خاصة, وفقها يجب تعويض المضرور في حال ارتكاب مخالفة هذه القوانين.
كما وان القانون الاسرائيلي الخاص بالأضرار المدنية (مسؤولية الدولة عن الاضرار)- 1952, يخول اي مواطن التوجه للقضاء بدعوى تعويض ضد الدولة والدوائر التابعة لها, بخصوص اضرار مادية او معنوية ناجمة عن افعال غير قانونية ارتكبتها الدولة او دوائرها بحق المواطن.
في الخلاصة نقول ان هناك ارضية في القانون الاسرائيلي تتيح مبدئيا للشخص المتضرر نفسيا نتيجة هدم منزله, التوجه للقضاء لمحاكمة الدولة واجهزتها والمطالبة بجبر اضراره النفسية.
-انتهى-

**مداخلة قانونية قدمها المحامي نبيل دكور –مدير مركز "وجود" لحماية حقوق العرب في النقب - في اليوم الدراسي حول "الابعاد النفسية الاجتماعية والقانونية لعمليات هدم البيوت" الذي نظمته "كلية مركز النقب" في 25.5.15








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق