الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة الاسرائيلية ال 34

عليان الهندي

2015 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



تقديم
جرت في السابع عشر من أذار (2015) انتخابات الكنيست الإسرائيلي التي تنافس على مقاعدها 120 مقعدا أكثر من 26 حزب فاز منها عشرة هي :الليكود (30 مقعد) والمعسكر الصهيوني (24 مقعد) والقائمة المشتركة (13 مقعد) ويش عتيد (11 مقعد) وكولانو (10 مقاعد) والبيت اليهودي (8 مقاعد) وشاس (7 مقاعد) واغودات يسرائيل (6 مقاعد) وإسرائيل بيتنا (6 مقاعد) وميرتس (5 مقاعد) .
بلغ عدد أصحاب حق الاقتراع في الانتخابات الحالية5,883,365 منهم 835 ألف صوت عربي مشكلين ما نسبته 15% من مجموع الناخبين في إسرائيل. ويعود عدم ملائمة نسبة الأصوات العربية مع نسبتهم بعدد السكان إلى أمرين هما :الأول، عدم ضم سكان القدس الشرقية الفلسطينيين إلى سجل الناخبين في إسرائيل. والثاني، طبيعة المجتمع العربي الشاب الذي تبلغ نسبة كبيرة منه تحت سن الثامنة عشرة، ما يقلل من نسبة مشاركة العرب في الانتخابات.
وشارك في الانتخابات الحالية 4.254.638 بما نسبته 72.34%، في حين بلغ عدد الأصوات الملغية 43854. وعليه ساوى كل مقعد كنيست 35.5 ألف صوت. في حين يساوي كل مقعد كنيست 49 ألف صوت، لو كانت نسبة المشاركة 100%، بحيث يحتاج كل حزب إلى 171 ألف صوت لدخول الكنيست في حال كانت نسبة التصويت 100%.
وبلغت نسبة الحسم في الانتخابات الحالية 3.25% بعد أن كانت 2% في الانتخابات السابقة. ومعنى ذلك، فإن كل حزب دخل الكنيست الحالية حصل على أكثر من 114 ألف صوت.
والكنيست الحالية هي الكنيست الـ 20 والحكومة التي ستشكل على إثرها هي الحكومة الـ 34.
وشهدت الانتخابات الحالية انتهاء حزب "كاديما" الذي أسسه أريئيل شارون، وعدم نجاح حزب المستوطنين "ياحد" بتجاوز نسبة الحسم.

من هم أعضاء الكنيست ؟•
قسم أعضاء الكنيست العشرين إلى أربعة كتل اساسية هي :أحزاب اليمين المتطرف (44 مقعد) واليمين الوسط (45 مقعد) واليسار (5 مقاعد) والمتدينين (13 مقعد)، والعرب (13 مقعد). والمعطيات المذكورة تشير بوضوح إلى تراجع قوة اليمين المتطرف مقعدين مقارنة مع الكنيست السابقة. وإضافة إلى المتدينين فقد اليمين المتطرف أربعة مقاعد إضافية نتيجة فقدان حركة شاس 3 مقاعد، واغودات يسرائيل مقعد واحد. لكن قدرة بنيامين نتنياهو على تشكيل الحكومة القادمة تعتمد في الساس على حصوله على ربع مقاعد الكنيست، وعدم قدرة اليمين الوسط خاصة حزب المعسكر الصهيوني والقائمة المشتركة وميرتس على تشكيل كتلة مانعة، تفقد نتنياهو القدرة على تشكيل الحكومة.
ويبلغ عمر أعضاء الكنيست الحالية 6377 عام، فيما يبلغ متوسط أعمارهم 53 عام، ما يعتبرها كنيست شابة نوعا ما. ويعتبر بيني بيغن (73 عام) من الليكود أكبر عضو كنيست، فيما تعتبر ستيف شبير (30 عام) من حزب المعسكر الصهيوني أصغر عضو كنيست. كما يعتبر عمير بيرتس من حزب المعسكر الصهيوني أقدم عضو كنيست (27 عام). كما تضم الكنيست الحالية أخوين هما جاك ليفي من الليكود وأورلي أبوقسيس ليفي من حزب إسرائيل بيتنا، وهما من أبناء وزير خارجية إسرائيل السابق دافيد ليفي.
وانضم إلى الكنيست الحالية 39 عضو جديد، مشكلين ثلث الكنيست. ولا يعبر انضمام الأعضاء الجدد عن تجدد الحياة السياسية في الإسرائيل، بل عن بروز سياسيين جدد، واستمرارا لحالة عدم الاستقرار الحزبي التي تعيش فيها إسرائيل منذ تأسيسها حتى هذا اليوم. لكن الميزة الأبرز في دخول اعضاء الكنيست الجدد هو بتصوير المجتمع الإسرائيلي وكانه مجتمع ديموقراطي وهذا يجافي الحقيقية، لأن من يؤيد استمرار الاحتلال والسيطرة على شعب آخر لا يمكن له أن يكون ديموقراطيا.
وأنهى معظم أعضاء الكنيست الحالية دراستهم الجامعية بشكل أو بأخر. حيث تضم 11 أكاديمي يحملون شهادة الدكتوراة و 2 يحملون درجة بروفيسور، و 15 محامي و 15 عسكري من رتبة رائد إلى رئيس أركان، ومن بين أعضاء الكنيست العسكريين ثلاثة جنرالات (موشيه يعلون ويؤاف غالنت وإييال بن روبين) ومفتش شرطة سابق (ميكي ليفي) ورئيسي جهاز مخابرات سابقين (آفي ديختر ويعقوب بيري)، كما تضم الكنيست الحالية 12 صحفي من بينهم الصحافية كسنيا سبتالوفا (من حزب المعسكر الصهيوني) التي تتقن اللغة العربية بطلاقة. ومن الواضح أن ابرز الغائبين عن الكنيست الحالية هم النخب الاقتصادية الذي يتلقون الدعم من كل الأحزاب، وبالتالي لا يرون ضرورة في البحث عن مكان في الكنيست لحماية مصالحهم، فيما يعتبر غياب النخب الاجتماعية، تعبيرا عن جدول الأعمال السياسي والأمني للحكومة الإسرائيلية القادمة.
وتضم الكنيست الحالية 25 عضو من مواليد الخارج مشكلين ما يقارب من 32% من الكنيست الحالية. وكان حزب الليكود أكثر الأحزاب استيعابا لليهود المولودين في الخارج حيث تبين أنه ضم 6 مرشحين منهم. وبالعادة يكون معظم هؤلاء مشبعين بالأفكار الصهيونية المتطرفة، ويحتاجون لفترات طويلة جدا كي تشهد مواقفهم تعديلا في مختلف القضايا. وعلاوة على ذلك، يؤشر وجود هذه النسبة العالية إلى اعتماد دولة إسرائيل على المهاجرين الجدد لتعديل ميزان الهجرة المعاكس في إسرائيل، حيث تشير المعطيات أنه هاجر من إسرائيل بعد إنشائها حتى هذا اليوم ما يقارب المليون، وجاء إليها أكثر من مليون بقليل.
وعلى صعيد آخر، ضمت الكنيست الحالية 29 إمرأة من بينها عربيتان. وتعود نسبة قلة النساء الممثلة بالكنيست لأمرين هما، الأول: المتدينين الذين يشكلون أقل من 20% من السكان الذين لا يعترفون بأي دور للمرأة سوى الانجاب. والثاني، طبيعة المجتمع والدولة الأمني العسكريتاري الذي يتطلب حضور ذكوري دائم.
وفيما يتعلق بالأعضاء العرب، تضم الكنيست الحالية 16 عضو من بينهم 3 دروز و2 مسيحيين و 3 إسلاميين من الفرع الجنوبي التابع للحركة الإسلامية المقربة من الأخوان المسلمين. كما ضمت القائمة المشتركة مرشح يهودي (دوف حنين). ومن بين الـ 16 عضو عربي 3 أضافتهم الأحزاب، ويتوقع أن تتراجع هذه النسب في المستقبل نظرا لميل العرب للتصويت للأحزاب العربية في الدورتين السابقتين. كما تعتبر القائمة المشتركة هي أكثر الأحزاب تنوعا حيث تضم كافة أطياف المجتمع العربي إضافة ليهودي.
وفيما يتعلق بتمثيل اليهود الشرقيين في الكنيست الحالية فقد شهدت تراجعا عن الكنيست السابقة، حيث ضمت الكنيست الحالية 17 عضو كنيست من أصول شرقية. ويشير هذا التمثيل المنخفض إلى عدم قدرة المجتمع الإسرائيلي على استيعاب المرشحين من ذوي أصول شرقية، خاصة أن الشرقيين تبوؤا كل المراكز بنسب أقل من الغربيين، باستثناء منصب رئيس الوزراء الذي لم يتولاه أي شرقي حتى الأن. وربما ساهمت عملية الاغتصاب التي أدين بها رئيس الدولة السابق موشيه قصاب بذلك، أو عدم قدرة النخب اليهودية الشرقية على تقديم نفسها، خاصة أن إرثها الثقافي التاريخي هو في الحضارة العربية الذي تتنكر له دولة إسرائيل الغربية بشدة وتعاديها.
واخيرا لا بد من الإشارة إلى وجود المستوطنين والمتدينين في الكنيست الحالية. والربط بين الفئتين جاء للطبيعة المشتركة بين الطرفين في المجال الديني والأيدويولوجي وحتى في المواقف السياسية والإجتماعية التي شهدت تقاربا كبيرا في السنوات الأخيرة، عبر عنها بنشوء ظاهرة "المتدينين المتزمتين الوطنيين" المنتشرين في المستوطنات الجديدة المنتشرة في الضفة الغربية أو ما يعرف إسرائيليا "بالبؤر الاستيطانية" غير القانونية. وتضم الكنيست الحالية حزبان للمتدينين هما :حزب شاس واغودات يسرائيل (13 مقعد)، لكن عدد المتدينين في الكنيست الحالية هو 27 متدين، وهي نسبة أعلى بقليل من نسبتهم (20% منهم 8% متزمتين دينيا و12% متدينين مثل جزء كبير من المستوطنين) بعدد السكان اليهود في دولة إسرائيل. ووجود النسبة العالية من أعضاء الكنيست المتدينين تعود إلى المنافسة الشديدة بين الأحزاب المختلفة على أصوات المتدينين، الذين يذهبون بكثافة إلى صناديق الاقتراع، أكثر من أي نسب أخرى من اليهود.
وفيما يتعلق بالمستوطنين، فقد شهد حضورهم تراجعا في الكنيست الحالية، لكن وجودهم (13 مقعد) في الكنيست الحالية ظل أكبر من نسبتهم مقارنة مع عدد السكان.
ومع أعضاء الكنيست المتيدينين، يشكل المستوطنين والمتدينين على مختلف مشاربهم، أكثر الفئات قربا وانسجاما وعددا في الكنيست الحالية.
ووجود هذه النسبة الكبيرة، كما كان عليه الحال في الكنيست السابقة، مؤشر واضح حول توجهات ليس فقط النخب اليهودية، بل توجه كل اليهود في السنوات القادمة في كل ما يتلعق بالصراع العربي-الإسرائيلي بشكل عام، وبالصراع مع الشعب الفلسطيني بشكل خاص.
ولم يقف التطرف على المتدينين والمستوطنين في الكنيست الحالية فقط، فالتطرف سمة بارز في مجتمع يمثل اليسار به 4% (ميرتس)، ما انعكس على الكنيست الحالية التي تضم أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء ممن يصنفون مواقفهم على أنها يمينية ويمينية متطرفة.
ولا بد من الإشارة أن الكنيست الحالية ،كما سابقاتها، لم تشهد تنوعا ثقافيا ومدنيا وسياسيا واجتماعيا، لأن المجتمع الإسرائيلي نفسه غير متنوع، ويجد صعوبات بالغة جدا في تقبل الآخر حتى لو كان يهوديا من أصول شرقية، فكيف سيكون الوضع مع العرب ؟.

الحكومة الإسرائيلية الرابعة والثلاثون
بعد مفاوضات مريحة من قبل المرشح لرئاسة الحكومة بنيامين نتنياهو، شكلت الحكومة الجديدة معتمدة بتشكيلتها على خمسة أحزاب من اليمين المتطرف وتضم :الليكود (30 مقعد) وكولانو (10 مقاعد) والبيت اليهودي (8 مقاعد) والمتدينين المتزمتين سياسيا ودينيا الذين مثلهم حزبي شاس (7 مقاعد) وأغودات يسرائيل (6).
ومن أجل تشكيل الحكومة الحالية وقع الأحزب الأكبر (الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو)، أربعة اتفاقيات لتشكيل الحكومة مع الأحزاب المذكورة أعلاه بلغ عدد صفحاتها 67 ولم تذكر فيها بالمطلق مسيرة السلام مع العرب ومع الفلسطينيين. حيث تضمنت الاتفاقيات المذكورة مئات البنود المتعلقة بالشأن الداخلي، لم تترك فيها شاردة أو واردة إلا ووضعت في الاتفاقيات، لدرجة أن علاج الأسنان من سن عام إلى ثلاثة عشر عاما سيكون بالمجان (من ضمن الاتفاق مع يهدوت هتوراه)، كان أهم بكثير جدا من مسيرة السلام والمفاوضات مع الفلسطينيين.
ولم يتوقف الأمر على عدم ذكر مسيرة السلام مع الفلسطينيين فقط، بل ركزت الاتفاقيات الإئتلافية خاصة الموقعة مع البيت اليهودي على، تعيين وزير الزراعة المستوطن أوري أريئيل وزيرا للزراعة ومسئولا عن قسم الاستيطان في الضفة الغربية، وتوكيل نفتالي بينت بتنفيذ مخطط "برافر" القاضي بتجميع الفلسطينيين البدو في النقب ومصادرة أراضيهم، وتعيين الحاخام إيلي بن دهان من البيت اليهودي نائبا لوزير الدفاع ليكون مسئولا عن الإدارة المدنية في الضفة الغربية وعن شئون الاستيطان، وعلى تشكيل لجنة خاصة لبحث شرعنة ما يسمى ببؤر استيطانية في الضفة الغربية، على أن تقدم تقريرها وتوصياتها خلال ثلاثة أشهر، كما ستهتم اللجنة بإيجاد حلول مناسبة للمباني والأحياء الاستيطانية اليهودية التي بنيت على أراضي الفلسطينيين الخاصة على أن تقدم توصياتها خلال 60 يوما من انعقادها.
ومن الواضح أن نتائج التقريرين ستكون مؤكدة لصالح المستوطنين واليهود المنتشرين في الضفة الغربية لأن اللجنة ستضم مندوبا عن وزير الدفاع المستوطن موشية يعلون الذي يسكن في إحدى مستوطنات الضفة الغربية (مكابيم-ريعوت) الطامح لتحويل الضفة الغربية لمدرسة تعلم الفلسطينيين التعايش وعدم الكراهية والتعرف على الرواية الصهيونية للصراع مع اليهود، ووزير الزراعة المستوطن أوري أريئيل الذي يسكن مستوطنة كفار أدوميم ويرغب بالانتقال إلى سلوان، ووزيرة العدل أييليت شاكيد المعارضة لأية حلول مع الفلسطينيين وصاحبة مشروع الوطنية والدولة اليهودية، وغيرها من القوانين العنصرية.
لكن الخطوط الأساسية للحكومة البالغ عدد كلماتها 414 كلمة لم تذكر مسيرة السلام مع العرب والفلسطينيين سوى بـ 14 كلمة فقط منها سبعة متعلقة بالفلسطينيين ذكر فيها أن إسرائيل تتطلع إلى توقيع اتفاقيات سلام مع الفلسطينيين مع المحافظة على المصالح الأمنية والتاريخية والوطنية لإسرائيل جيراننا.
أما خطابه في الكنيست الذي قطع عدة مرات من قبل أعضاء الكنيست العرب فقد ذكر فيه السلام في كلمتين فقط، حين قال أنه "يتطلع للسلام".
وفي كلمته بأول اجتماع لحكومته صرح نتنياهو أنه سيعمل بكل قوته لمنع وضع تحديات أمام حدودنا وأمننا في المناطق القريبة منا والبعيدة. وسوف نواصل بذل الجهود لتطوير تسوية سياسية مع المحافظة على مصالحنا الحيوية لأمن إسرائيل، وسنحاول ايجاد تعاون إقليمي مع الدول المعتدلة والمسئولة في المنطقة .
وتعبر الحكومة الحالية عن توجهات المستوطنين والمتدينين على مختلف مشاربهم في الضفة الغربية أكثر من أية حكومة سابقة، وذلك بفضل خمسة أمور هي:
الأول - سيطرة المستوطنين على حزب الليكود، الذي يمثلون فيه ثلث أعضاء الحزب البالغ عددهم 90 ألف عضو. وتبرز قوتهم بشكل واضح خلال الانتخابات التمهيدية (البرايمرز)، حيث ينجح المستوطنين في كل مرة بإخراج كثير من القوى الاجتماعية والسياسة والاقتصادية وممثليهم في الليكود مثل الشرقيين (المصوتين التقليديين لليكود) والقوى الليبرالية ذات التوجهات اليمينية الوسط وأصحاب المصالح، لصالح مرشحين من اليمين الإسرائيلي المتطرف. وعليه، لم يكن غريبا خروج القيادات التقليدية الممثلة للتيارات السياسية المختلفة في الليكود مثل دان مريدور من قيادة الليكود، وحل مكانهم مستوطنين متطرفين مثل داني دانون وغلعاد أردن من سكان المستوطنات في الضفة الغربية.
الثاني - انشقاق معظم المؤيدين لحلول ما مع الفلسطينيين عن الليكود وانضمامهم لحزب كاديما الذي نفذ الانفصال أحادي الجانب عن قطاع غزة.
الثالث - قدرة المتدينين على مختلف مشاربهم الدينية والسياسية على فرض الأجندة الخاصة بهم، وإلغاء القوانين التي تحد من قوتهم في الكنيست الماضية.
الرابع - الميول الطبيعية لليهود في دولة إسرائيل نحو اليمين السياسي المتطرف ونحو التدين، حيث أشارت الاستطلاعات أن 58% من اليهود يعتبرون أنفسهم ما بين متدين ومتدين متزمت.
الخامس – عدم قدرة حزب العمل (غير المستقر الذي تناوب على قيادته 8 زعماء منذ الانتخابات الإسرائيلية عام 2001) وغيره من الأحزاب ذات التوجه اليمين الوسط على استيعاب أن المجتمع الإسرائيلي لم يتغير اجتماعيا وسياسيا، وأن التغييرات حدثت في بعض النخب مثل النخب التي قادت حزب العمل، بمعزل عما يجري من تطورات داخل إسرائيل نفسها .

الوزراء – معطيات
تضم الحكومة الحالية إضافة لرئيس الوزراء 20 وزير. ويبلغ متوسط عمر الحكومة الحالية 53.5 عام. ويسكن 4 من الوزراء في المستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية. وجميع الوزراء من أصول غربية باستثناء 5 وزراء من أصول شرقية (من دول عربية). كما تضم الحكومة الجديدة 3 نساء. ولم يولد في إسرائيل 5 من الوزراء.
وتضم الحكومة الجديدة 10 وزراء جدد، و 5 من الأحزاب الدينية، إثنان منهم وزراء وثلاثة نواب وزراء برتبة وزير، ما يعني أن الحكومة الحالية تضم 24 وزيرا من الناحية العملية، وليست الرسمية.
احتفظ بنيامين نتنياهو بأربعة حقائب وزارية (من بينها الخارجية) على أمل أن يضم إلى حكومته الضيقة المعسكر الصهيوني الذي أشار إليه في أكثر من مناسبة في خطاب منحه الثقة في الكنيست، أو التفاوض مع إسرائيل بيتنا الذي يترأسه أفيغدور ليبرمان. ووفق تصريحات نتنياهو لمقربيه، فإنه سيجري تعديلا وزاريا بعد عام من اليوم، بمعنى أنه إذا لم يتوصل لاتفاق مع المعسكر الصهيوني أو إسرائيل بيتنا، فسيذهب باتجاه تعزيز الحكومة الحالية وسد الثغرات التي تعاني منها نتيجة حرمان الكثير من قيادات الليكود تولي مناصب وزارية مهمة.
تضم الحكومة الحالية 4 عسكريين (موشيه يعلون ويؤاف غالنت وميري ريغف وياريف لفين الذي يتحدث اللغة العربية بطلاقة).
ومن الناحية السياسية، فإن القاسم المشترك لكل الوزراء هو معارضتهم لاتفاقيات أوسلو، بما فيهم آرييه درعي الذي عبر عن ندمه العميق لتأييده هذه الاتفاقيات. ولا تضم الحكومة الحالية أي وزير يؤمن بحل دولتين لشعبين، وجميع الوزراء محسوبين على اليمين المتطرف. لكن الحكومة الحالية تضم أغلبية (14 وزير) من المؤيدين لضم فوري لكل مناطق C في الضفة الغربية. بينما تبحث البقية عن ما يسمى بالصراع وإدارة الصراع إلى حين اتضاح صورة الصراع المستقبلية.

الوزراء المختصين بالشأن الفلسطيني
رئيس وزراء (بنيامين نتنياهو) الذي يرى بالحكم الذاتي أقصى ما يمكن تقديمه للفلسطينيين، وهو مرتاح لأسلوب السيطرة الحالي على الفلسطينيين، ويحتاج للمفاوضات من أجل الخروج من العزلة الدولية، وعدم توسيعها مستقبلا، في حال وجهت أصابع الاتهام لإسرائيل بتعطيل للمسيرة السلمية.
ويدير بنيامين نتنياهو سياسة اتجاه الشعب الفلسطيني هي الأقرب إلى السياسة التي ابتدعها الوزير بلا حقيبة في حكومة غولدا مئير في بداية سبعينيات القرن الماضي يسرائيل غاليلي التي تنص على "القرار، عدم اتخاذ قرار" في المجال الحل مع الفلسطينيين، أو سياسة "إجلس ولا تعمل شيئا" المخترعة من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي التي تشبه كثيرا سياسة غاليلي، وإلى سياسة حكومة إسحاق شامير في نهاية ثمانينيا القرن الماضي الداعية لتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية.
وفي السياق المذكور، بنت حكومة نتنياهو منذ عام 2009-2015 أكثر من 13 ألف وحدة سكنية، وسمح بوضع مخططات هيكلية بلغ عددها 106 مخطط للبناء في المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية.
ووفق السياسة المذكورة نجح بنيامين نتنياهو بالبقاء في رئاسة الحكومة أربعة مرات (ثلاثة منها تقارب 9 سنوات حكم)، وهو أكثر رئيس وزراء يحكم في إسرائيل بعد مؤسسها الأول دافيد بن غوريون، وإذا قدر له أن ينهي فترة حكمه الحالية كاملة سيتعادل مع دافيد بن غوريون في سنوات الحكم. ويعود الفضل في بقائه على قمة القيادة في دولة إسرائيل، إلى برغماتية مذهلة وإلى تحالف مع المستوطنين والمتدينين على مختلف مشاربهم، وإلى تفضيله عدم حسم الأمور في معظم المجالات تقريبا، خاصة في كل ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين.
وفيما يتعلق بوزير الدفاع موشيه يعلون، صاحب النظرية المشهورة في الانتفاضة الثانية "بنظرية الكي" الداعية لضرب الفلسطينيين بقوة ولفترات طويلة تحت شعار "من لا يأتي بالقوة يأتي بمزيد من القوة" "لكي وعيهم"، ولا يرى بتجميد البناء في المستوطنات الطريق الوحيد للعودة إلى طاولة المفاوضات، ويتهم القيادة الفلسطينية وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس "أبو مازن" بأنهم لا يريدون السلام وهدفهم عزل إسرائيل في العالم، وهم مع بقية الفلسطينيين مجموعة مخادعون .
أما رئيس حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينت (المعين وزيرا للتربية والتعليم وعضو المجلس الوزاري المصغر) الذي شغل في السابق رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية ومديرا لمكتب نتنياهو، فيؤمن بضروة الحل مع الفلسطينيين على أساس منحهم دولة على 39% من أراضي الضفة الغربية، أي على مناطق A و B، وضم ما تبقى من هذه الأراضي لإسرائيل. ونتيجة لتوقيع الاتفاق الائتلافي لتشكيل الحكومة الرابعة والثلاثون، أصبح نفتالي بينت مسئولا عن تنفيذ مخطط "برافر" سيء الصيت الداعي لتوطين البدو الفلسطينيين في النقب ومصادرة أراضيهم.
ولا بد من الإشارة إلى وزير االزراعة أوري أوريئيل (أحد سكان مستوطنة كفار أدوميم، داخل الضفة الغربية، ويخطط للسكن في سلوان) والمسئول عن "ملف الاستيطان في الضفة الغربية" الذي يعتبر من أوائل مؤسسي مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويتوقع منه أن يعمل على شرعنة البؤر الاستيطانية غير الشرعية وفق المفهوم الإسرائيلي والتي يزيد عددها عن أكثر من 110 بؤرة استيطانية جديدة من خلال تطبيق توصيات القاضي أدموند ليفي الذي رأى بالبؤر الاستيطانية حق شرعي وقانوني .
كذلك لا بد من التنويه إلى تعيين الحاخام إيلي بن دهان من البيت اليهودي نائبا لوزير الدفاع، الذي سيمنح مسئولية صلاحيات وزير الدفاع في كل ما يتعلق بالإدارة المدنية في الضفة الغربية. ويقطن دهان مستوطنة "هار حوما" المقامة على جبل أبو غنيم شمال مدينة بيت لحم.
وبهذا التعيين يصبح حزب "البيت اليهودي" (حزب المستوطنين) مسئولا بشكل منفرد عن الاستيطان في الضفة الغربية والقدس ومناطق فلسطين ما قبل عام 1948، وهو مؤشر جلي وواضح حول جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية الـ 34 التي فضلت الاستيطان والضم الواقعي، على السلام والمفاوضات مع الفلسطينيين.
ومن المهم الإشارة إلى الوزيرة الجديدة بالحكومة الإسرائيلية التي تمثل جيل الشباب والسياسيين المستقبليين في إسرائيل أيِيليٍت شاكيد التي عينت وزيرة للعدل، التي سبق لها وأن طرحت مخطط تفصيلي عرف "بخطة شاكيد للأمن الداخلي" المكونة من ستة بنود أساسية و 27 بند فرعي تطالب فيها بقطع الهواء عن المساجين الفلسطينيين من خلال عدم السماح لهم بالتجول في ساحات السجون مرتين في اليوم. كما تعارض شاكيد معارضة شديدة لأية حلول مع الفلسطينيين، وهي صاحبة مشروع الوطنية والدولة اليهودية، وغيرها من القوانين العنصرية.
وأخيرا لا بد من الإشارة، إلى وزير الداخلية سيلفان شالوم، الذي سيواصل سياسات أسلافة في سحب هويات المقدسيين والتضييق على حريات ومشاريع الفلسطينيين في مناطق ما قبل عام 1948. والذي عين ليكون مسئولا عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، التي فضل عليها البناء في المستوطنات، والبحث عن تحالفات إقليمية بدلا من البحث عن حلول للقضية الفلسطينية. كذلك ليس معروفا عنه تاييده لإقامة دولة فلسطينية. وبهذا التعيين، لم يعد أمام الفلسطينيين شيء يبحثون عنه في المفاوضات مع إسرائيل.
واخيرا لا بد من الإشارة إلى المستوطن ياريف لفين القادم من جهاز الاستخبارات الذي يتقن العربية بطلاقة الذي عين وزيرا للأمن الداخلي وتاثير ذلك على الفلسطينيين في القدس وداخل مناطق فلسطينيين ما قبل عام 1948.

الخطوط الأساسية للحكومة الحالية
1. للشعب اليهودي الحق غير المشكوك فيه بدولة ذات سيادة في أرض إسرائيل، التي تعتبر وطنه القومي والتاريخي.
2. تتطلع إسرائيل إلى التقدم في مسيرة السلام وتتطلع للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين ومع جميع جيراننا، مع المحافظة على المصالح الأمنية والتاريخية والوطنية لإسرائيل. وإذا تم التوصل لمثل هذا الاتفاق، سيقدم للحكومة والكنيست، وإذا كانت هناك حاجة سيعرض على الاستفتاء العام.
3. تعمل إسرائيل بشكل فعال على تعزيز الأمن القومي الإسرائيلي وتوفير الأمن الشخصي لمواطني الدولة، وتعلن أنها ستخوض صراع شديد لا هوادة فيه ضد العنف والارهاب.
4. ستعمل الحكومة بإصرار من اجل تخفيض الغلاء والمعيشة في إسرائيل في كل المجالات، خاصة مجال الإسكان والغذاء والطاقة.
5. ستعمل إسرائيل بشكل فعال على وإضعاف المركزية الاقتصادية وزيادة التنافس في الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يشمل البنوك وشركات التامين والمحافظ الاستثمارية بهدف تخفيض سعر الخدمات التي يتلقاها المواطن، وتسهيل إمكانية إعطاء ضمانات رخيصة وسهلة الحصول عليها للأشغال الصغيرة والمتوسطة في إسرائيل
6. ستبذل الحكومة الجهود من اجل تقديم التأهيل المهني والتعليم العالي في المهن ذات الطابع التكنولوجي من أجل توفير الاحتياجات المناسبة للصناعة الإسرائيلية كمصدر أساسي للنمو في إسرائيل.
7. ستعمل الحكومة على تقليص الفوارق الإجتماعية في المجتمع الإسرائيلي مع منح المساواة للجميع في التعليم وتعزيز الجهاز الصحي وتعزيز مكانة المراة وأبناء الأقليات ومعالجة العجزة، وشن حرب ضد الفقر وزيادة الدعم للفئات الفقيرة في المجتمع.
8. ستضع الحكومة تطوير الأرياف هدفا وطنيا من ناحية جيوغرافية وإجتماعية. وستعمل الحكومة على تفضيلها في تقديم الخدمات المختلفة، وكل ذلك بهدف خلق المساواة والفرص لكل مواطني دولة إسرائيل، وذلك من دون علاقة بمكان السكن أو المكانة الاقتصادية-الاجتماعية.
9. تؤكد الحكومة على تطوير الطلبة الجامعيين والجنود وأبناء الشبيبة وستساعد قدر استطاعتها الشباب لمواجهة المخاطر.
10. تعمل الحكومة على دمج ذوى الاحتياجات الخاصة من كل نوع، ومساعدتهم تعليميا وتشغيليا وتهتم باحتياجاتهم الأساسية التي لا يستطيعون تحقيقها بأنفسهم.
11. تضع الحكومة مسألة الهجرة إلى إسرائيل على سلم أولوياتها، وتعزز الهجرة إليها من كل أنحاء المعمورة
12. تعمل الحكومة على زيادة الدعم للعائلات كثير الأولاد.
13. تؤكد الحكومة على تطوير التعليم ووضعه على سلم الأولويات الوطنية، وستعمل على إحداث إصلاحات في الجهاز التعليمي.
14. تحافظ الحكومة على الطابع اليهودي لدولة وإرث إسرائيل. وتحترم الأديان الأخرى في الدولة وفق قيم وثيقة الاستقلال.
15. ستعمل الحكومة من أجل تغيير أسلوب الحكم من أجل دعم الحكم والاستقرار الحكومي وتقديم إصلاحات في مجال الحكم وتحسين الستقرار الحكومي.
16. ستعمل الحكومة على تعزيز سلطة القانون في إسرائيل
17. ستدافع الحكومة عن مستوى البيئة في إسرائيل، وتحسين مستوى الحياة لسكان الدولة، ومشاركة إسرائيل في الجهود الدولية في مواضيع المناخ والبيئة
18. ستعمل الحكومة على تطوير وتعزيز النقب والجليل
ومن الواضح أن الخطوط الأساسية للحكومة الـ 34 لم ترتق لمستوى خطاب جامعة بار إيلان الذي أعلن فيه بنيامين نتنياهو عن موافقته على حل "دولتين لشعبين"، وهي أكثر تطرفا من الخطوط الأساسية للحكومة الإسرائيلية الـ 33، حيث تراجع الحديث عن السلام مع الفلسطينيين والجيران، حيث بلغ عدد الكلمات التي تحدث السلام مع الطرفين 14 كلمة، أي أن نصيب الفلسطينيين منها سبعة كلمات فقط.

خلاصة
لم تحمل الانتخابات الإسرائيلية، ولا الحكومة التي شكلت على إثرها أي جديد بالنسبة للفلسطينيين. بل على العكس، مكنت الإجراءات الإسرائيلية على الأرض التي فصلت الفلسطينيين عن إسرائيل بواسطة جدران، وعن المستوطنين المنتشرين في الضفة الغربية بواسطة شوارع وأنفاق، والاجراءات التي قامت بها إثر الربيع العربي بهدف تقليل الاحتكاك مع سكان الضفة الغربية خشية اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، ما يعيد القضية الفلسطينية لواجهة الأحداث، إلى تجاهل الفلسطينيين ومطالبهم، والتعامل معهم وفق سياستان مختلفتان الأولى تتعلق بقطاع غزة وتنص على "هدوء مقابل هدوء"، وأخرى تتعلق بالضفة الغربية وتنص الانتظار أو سياسة "إجلس ولا تعمل شيئا" لحين ما تدعيه إسرائيل اتضاح الصورة الإقليمية الفارضة نفسها ليس فقط على إسرائيل، بل على كل المنطقة. معطية أولوية لما تسميه إسرائيل بالتهديد النووي الإيراني الذي يهددها بالخطر.
وما يجري على الأرض من استمرار بناء المستوطنات وتعزيزها في مختلف أنحاء الضفة، يلغي إلى الأبد حل دولتين لشعبين. ويخلق واقعا جديدا يفرض على القيادة الفلسطينية تبني سياسة ونهجا غير المتبعان حاليا.
وفي الوقت الحاضر، وحتى المستقبل القريب، فإن أقصى ما تستطيع إسرائيل تقديمه للفلسطينيين هو مجموعة من الحلول المرحلية والتدريجية التي لا ترتقي مع الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية المطالبة بالاستقلال الكامل عن إسرائيل وتطبيق حق عودة اللاجئين إلى ديارهم. مقابل التزام الفلسطينيين بعد التوجه نحو الخطوات أحادية الجانب مثل التوجه للأمم المتحدة للحصول على مكانة دولة كاملة العضوية.
كما أن العودة لطاولة المفاوضات، لن يجنى منها الفلسطينيين سوى المساعدة في رفع العزلة الدولية المتزايدة عن إسرائيل، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة. لأن الحكومة الحالية هي اكثر الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل، وهي تشبه إلى حد بعيد حكومتي غولدا مئير في بداية سبعينيات القرن الماضي، وحكومة إسحاق شامير في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
ونتيجة للسياسات الإسرائيلية على الأرض الرافضة لأي حلول سلمية، مطلوب من الفلسطينيين اليوم :تبني سياسة جديدة تأخذ بعين الاعتبار العامل الديموغرافي الذي يميل بكل تأكيد لصالح الفلسطينيين في كل فلسطين التاريخية. وفي السياق المذكور لن يكون طرح خيار الدولة الواحدة غريبا ولا جديدا على الساحة السياسية الفلسطينية، أو العودة إلى الصراع من نقطة الصفر والمطالبة بإعادة تقسيم فلسطين من جديد اعتمادا على المعطيات الديمغرافية التي تحاول إسرائيل تجاهلها بشدة من خلال التقسيمات التي فرضتها على الفلسطينيين خلال العقود الستة الماضية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية