الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب الموجه نحو تقرير المصير

عماد صلاح الدين

2015 / 5 / 28
حقوق الانسان


غياب الموجه نحو تقرير المصير
عماد صلاح الدين
هل يكفي الإنسان أو المجتمع أن يعمل ثم يعمل كي تتحقق طموحاته وأماله وأشواقه.؟
للإجابة عن هذا السؤال أرى أن انطلق من السؤال التالي: كيف يحقق/ تحقق الإنسان / المجتمعات رفعتها وتقدمها؟
أرى من واقع التجربة التاريخية قديمها ومعاصرها، أن الأفراد والمجتمعات الإنسانية التي وصلت إلى ذروة القوة والمقدرة الشاملة، في مجالات الحياة المختلفة والمتنوعة، وكان لها حضورها الدولي والإنساني لم تكن تعمل وتجد وتجتهد وحسب بالمعنى الإجرائي والمجرد للكلمة فقط، بل هي فوق هذا كله كان لها رصيد محترم في التجربة القيمية والأخلاقية بمختلف مصادرها الدينية أو العرفية الإنسانية التي راكمتها عبر عقود وسنوات طوال. وهذه التجربة القيمية أو الإطارية الإنسانية كان يقودها في الممارسة والتنفيذ مشروع ثقافي وحضاري، يتم توزيعه وتعميمه في السياسة، والتربية، والتعليم، والصحة، والاقتصاد، وعموم الاجتماع الإنساني، لحالة مجتمعية إنسانية متعينة.
إن أي مشروع حضاري إنساني تكون منطلقاته الأساسية أخلاقية وثقافية، تعمل جاهدة وساعية بين النظرية والدعوية وما بين الممارسة إلى تعزيز حرية الإنسان وإطلاق قدراته الكامنة، في جو من القانون وتحقيق العدالة النسبية للجميع، وفق معايير مجتمعية، جرى التوافق عليها عرفيا أو كتابة من خلال وثيقة عليا أو دستور.
وان الأفراد والمجتمعات الإنسانية التي عانت من الذل والهوان والتراجع والتخلف والأمراض على عمومها مادية أو اجتماعية إنسانية، هي الأخرى كانت تعمل وتجد وتجتهد، وربما فاقت في بعض الحالات الإنسانية المتعينة حجم الجهد المبذول في مجتمعات القوة والنهوض، لكن هذه المجتمعات بأفرادها وجماعاتها وطبقاتها المختلفة كان ينقصها مشروع الإنسان في الحرية والكرامة وتحقيق المساواة الإنسانية والعدل، وسيادة الاستبداد والاستعباد بدل سيادة القانون وتطبيقه على الجميع، من خلال هيئات أو مرجعيات تقضي بينهم وفقا له.
وما أريد قوله أو الوصول إليه أن المجتمعات العربية ودول العالم الثالث أو الأخير، وكذلك الشعوب الواقعة تحت الاحتلال كما هي الحالة الفلسطينية، لا يكفي شعوبها أبدا مجهوداتها وتضحياتها وحتى الثروات الهائلة الموجودة عندها سواء في الخليج أو في عموم المشرق والمغرب العربي، ما لم يكن لها إطار مفعل من مرجعية قيمية حضارية، تطلق ثورة ثقافية عن قيم الحرية والديمقراطية والمساواة وإقامة المجتمع المدني عموما، مقترنا ذلك بالممارسة العملية الأخلاقية لمشروع حضاري، يتطلع إلى إطلاق حرية الإنسان في التفكير العلمي السليم نحو تشييد أبنية إنسانية حقيقية؛ قوامها التربية وصياغة الإنسان، وتقويمه بالصحة والتعليم، والانفتاح الداخلي والخارجي.
إنسان يستطيع أن يفهم حقيقة التنوع في الأديان والأعراق والمذاهب والأفكار والمعتقدات، ضمن مشروع إنساني يؤمن بالتعددية وبالتداول السلمي للسلطة، في مواجهة كل ظلم وطغيان واستبداد.
لا معنى لكل المراكمات والمجهودات إن لم يكن موجهها حرية الإنسان وعقله، في سياقية مشروع حضاري إنساني راق، منذ أكثر من سبعين عاما والشعوب العربية تخدع بأوهام الدولة المستقلة والقومية العربية وإقامة الخلافة أو الدولة الإسلامية، لكن شيئا من هذا القبيل لم يتحقق في الموضوع والمضامين، وظللنا ننتقل من هزيمة إلى هزيمة ومن تراجع إلى آخر، والسبب في ذلك كله أنها كانت مشاريع الاستبداد والشخص الحاكم بأمر الله، في ظل غياب شبه تام لمنظومة الإنسان الفاعل.
دخل العرب وتداخلوا في كثير من الانجازات الحضارية والتقنية العالمية منذ عقود طويلة، لكن هذا الدخول والتداخل لم يؤد إلى التقدم المنشود والاستقلال الحقيقي، لأنه بغياب حرية الإنسان يغيب أي عقل أو منطق قادر على الخوض في الأساس أو في التفصيل.
واليوم، تحاول نظم الاستبداد العربي، خصوصا تلك الأنظمة التي انقلبت من جديد على خيار شعوبها في الثورة والحرية، أن تمني تلك الشعوب بمشاريعها الضخمة والنوعية، إلا أن أي مدقق أو متابع لما يطرح من مشاريع، يجدها مشاريع تائهة عن أولويات الناس وحاجاتهم في النهوض والتطور والعمران. إنها مشاريع مخادعة تأخذنا بعيدا عن مشكلتنا الأساسية التي هي غياب الإنسان أو تغييبه، تماما كما هو خداع الاستبداد وايهامات أهله المضللة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هغاري: الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل من أجل خلق الظروف لاستع


.. الأمم المتحدة ترحب بالهدنة التكتيكية جنوبي غزة| #غرفة_الأخبا




.. الجيش الإسرائيلي يعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب قطاع غزة والأمم


.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من




.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز