الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق بين العمامتين

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في العراق حين قـضت أمريكا على نظام صدام حسين، اتجه حكام العراق الجـدد إلى الانـتـقام من البعثيـين و مطاردتهم و قـتـلهم، بـدل ان تـتركز جهودهم على بناء المستـقـبل. نظرة تجـسيدية مقيتة تهفو بالجموع إلى التواري إلى الماضي و الإيغال فيه، حتى أننا نكاد نرى انتـقام صحبة الحسين من زياد ابن أبيه و من يزيد.
لو توفرت النظرة العقلانية التي لا ترى في تجاوز الأمور إلا على مستوى النظام كـفكرة، لاشتغل الفكر و لاتجهت السياسة إلى بناء سياسي جديد يؤسس للتعايش و الحرية و الإبداع. ساعتها كان النظام القديم يتجدد و يخدم الفكرة الجديدة التي تلتـقي في عمقها مع بعـدها الوطني السابق. لكن هذا الأمر في فورة الدماء و الغـضب هو من باب المستحيلات. شعب يجره تاريخه إلى الخلف و تكاد أشخاص التاريخ فيه حاضرة اليوم لا يمكن أبدا ان يكون مستـقبليا متجاوزا. لكن الأمور تدور على نفـسها، و دائرة الانتـقام تـدور على نفسها، و بالتالي تضيع الفرصة التاريخية في التجاوز. و السبب الأصلي في الأمور ان الذي لا يعـيش حاضره في اتجاه المستـقبل لا يمكن له أبدا ان يعيش في المستـقبل. و ها هي ما يسمى بداعش على أبواب بغـداد تحت عنوان رئيسي هو التحرر من الاحتلال الإيراني تحت مسميات الصفـوية و الرافضة و الفرس..
من لا يصارع في الحاضر فكريا أي على مستوى الاشتغال الفكري و السياسي في إطار نظرة مستـقبلية، لا يمكنه أبدا ان يحـقـق الاستـقرار و النجاح على المستوى الحزبي و على مستوى البلاد ككل. أي لو ان المعارضة العراقية دخلت في حوار جدي مع نـظام البعث منذ السبعينات و الثمانينات و ركزت مبادئ حقوقية و اتجهت إلى هدف تأسيس دولة القانون و اطر حرية التعبير في إطار المصلحة الوطنية و أحقيتها في المشاركة السياسية و المدنية، لكان حال العراق أفضل بالنظر إلى ان صدام حسين رجل مثـقف و طموح جدا و قوي و إرادته واضحة في خلق عراق عـلماني متحضر و قوي. لكن مشكلة المعارضات أنها إيديولوجية منغـلـقة و ان اغلبها مرتبط بالمخابرات الأجنبية.
أما عن محاسبة الماضي فالأجدى هو محاسبة منـظومة الفساد و كشـفها و بالتالي الاتجاه نحو خلق منظومة العـدالة. و في حال العراق كان الأجدى الاتجاه إلى البحث و الكشف عن منظومة الدكتاتورية و كيفية قدرتها على التحكم في شعب شديد المراس. و من السهل إرجاع الأمور إلى العنف و الإرهاب السلطوي، فما من دكتاتورية سياسية إلا بخطاب يطغى على النفوس و بمشروعية في الانجاز يكتسبها بما أنجز من مشاريع يستـفيد منها الشعب. ثم ان من أراد محاسبة نظام صدام حسين فليحاسب الجميع و الوضع الإقـليمي و الدولي برمته.
و ملخص القول ان الذي فات قد مات، و لا فائدة ترتجى من استعادة الأموات، بل تلك الاستعادة تجر الجميع إلى الموت. و هكذا تحـول قـتل السنة طائفيا من الميليشيات الشيعية إلى تكون تـنظيم سني أكثر توحشا مما كانوا يتخيلون. و المالكي الذي قمع المظاهرات سنة 2011 بدعوى أنها بعثية و كأن توصيف البعث يرادف توصيف الشيطان، هو الذي خلق داعش و في الأخير ما سمي بداعش ما هو إلا خليط متـفـق على هـدف إزالة النفوذ الايراني و الظلم و الحيف الاقـتصادي و القـتل على الهوية و مشاريع إذلال العراق و قهره و اندحاره، فعمامة البغـدادي ليست أسوا من عمامة الخميني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني. هل اشترت سيارة بوغاتي


.. بعد -المرحلة الأخيرة في غزة.. هل تجتاح إسرائيل لبنان؟ | #غرف




.. غارات إسرائيلية على خان يونس.. وموجة نزوح جديدة | #مراسلو_سك


.. معاناة مستمرة للنازحين في مخيم جباليا وشمالي قطاع غزة




.. احتجاج طلاب جامعة كاليفورنيا لفسخ التعاقد مع شركات داعمة للإ