الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك المشهد المصري .. دراسة موجزة ..

محمود الزهيري

2015 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تفكيك المشهد المصري .. دراسة موجزة ..


1
المشهد السياسي المصري بخلفياته الإجتماعية وقواه الضاغطة علي العقل السياسي المرتبك من آثار هذه الضغوطات المتتالية يمكن أن يتشابه مع جسد مريض منهك يشارف علي السقوط ليعيش إكلينيكياً عبر الأدوية والعلاجات التي تصل لجسد شارف علي مرحلة الموت .
ومن هم في ساحة الصراع السياسي / الإجتماعي في مصر الأن صاروا محددين ومعلومين للغالبية القارئة للمشهد , والذين يعودون لمرحلة ماقبل 25 يناير 2011 , حال كون الصراع المتفق عليه سياسياً واجتماعياً عبر قسمة مقبولة علي 2 فقط , وهما جماعات السلطة الحاكمة , وجماعات الضغط الإجتماعي خارج السلطة ممثلة في الإخوان والجماعات والتيارات الدينية الموالية للإخوان , وأري أن المشهد لم يتغير لحد الأن , إلا أن الصراع القائم مازال بين جماعات السلطة وجماعة الإخوان مع تغير طفيف في المشهد الذي خرج منه بعض التيارات السلفية مثل التيار الرسلاني نسبة إلي محمد سعيد رسلان , ليعلنوا توافقاتهم للسلطة عبر تصريحاتهم وفتاواهم ضد الإخوان , وعلي التوازي مع التيار الرسلاني , نجد تيار فردت له السلطة مساحة واسعة لتغطية تصريحاته وفتاواه ممثلاً في التيار البرهامي ممثلاً في ياسر برهامي , وكذا نادر بكار , وغيرهم كثير ممن توائموا مع إرادة السلطة في تحدي للإخوان كقوة مؤثرة في صناعة القرار الإجتماعي بتأثيراته علي القرار السياسي للسلطة المصرية .
2
الدولة المصرية تمر بمرحلة متهاترة ومتخاذلة في سياساتها تجاه الدولة وتجاه المجتمع في آن واحد , لدرجة أن النظام المصري صار يهمه كثيراً الإعتراف الدولي بكيان السلطة المصرية , والدفاع عن شرعية النظام , أكثر من الشرعية الإجتماعية المغيبة بتأثيرات ساعدت عليها جماعة الإخوان ليكون قطاع من الشعب والجمهور بمثابة رديف سياسي للنظام المصري , وهذا إختيار شعبوي لايتم التعويل عليه كثيراً سوي في التعامل مع المشهد الدعائي للنظام المصري ضد منظومة الإخوان , وهؤلاء يتشابهون مع إعلانات الشيبسي والبرسيل وبسكويت الشمعدان , علي حد وصف أحد اصدقائي .
3
ولما كانت الدولة المصرية تمر بمرحلة غاية في الحرج إقتصادياً وتؤثر بالسلب علي ميزان المدفوعات والقوة الشرائية للجنيه المصري لأسباب راجعها تدني علاقات العمل والإنتاج في منظومة الإقتصاد المصري الذي ينتظر أن يشارف علي الإنهيار لولا بعض من المساعدات الخارجية من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تحديداً , ليظل الإنتاج المصري في حالة مأزومة تؤثر علي السياسة المصرية وتجعلها في حالة من الإرتباك والحيرة , مما يساعد علي إزدياد التزمر والرفض الشعبي للسياسة المصرية كلما زادت مؤشرات الأزمات المعيشية وارتفاع الأسعار , ورفع اسعار الطاقة , بجانب الخروقات الأمنية التي تمارسها الشرطة والأجهزة الأمنية , والتي صارت وكأنها أسلوب حياة , مماينبيء بكوارث واضطرابات اجتماعية مشابهة لما حدث في 25 يناير 2011 , بمؤشرات دالة علي تشابه النظام الحالي مع نظام مبارك الأب , وحسبما يري البعض أن التغييرات طالت الأسماء فقط , ولم تتطرق للمنظومة الحاكمة منذ مبارك الأب وحتي الأن , وأن ذات السياسة الحاكمة هي من تستعين برجالات أعمال الحزب الوطني المنحل , لأن القوات المسلحة ليس بمكنتها أن تضطلع بإقتصاد الدولة المصرية ممثلة في مايزيد عن 90 مليون مواطن مصري بتكاليفاتهم المعيشية والإدارية , مما يجعل الأمر يزداد صعوبة وتأزم .
4
وعودة إلي المشهد السياسي المصري والتعرف علي اللاعبين المؤثرين في إحراز الأهداف في شباك الدولة أو المجتمع , نري أنه لايخرج عن منظومة الحكم والسلطة الحاكمة عبر آليات الدولة المركزية المتوارثة عبر تاريخ المصريين , بجناحيها العسكري / الأمني , وجناحيها الديني الرسمي / والغير رسمي , في توظيفات خادمة علي الدوام لإستمرار منظومة الدولة المركزية التي تقوم دعائمها بالمفهوم العربي / الإسلامي علي الإستبداد للحفاظ علي الدين أو الوطن في حالات تغيبية مستمرة للوعي بالمصالح الحياتية / المعيشية المتعلقة بالإنفاقات اليومية علي تكاليف السكن والطعام والشراب والعلاج والمواصلات والطاقة , إلي غيرها من الأمور الحياتية .
وكل ذلك يؤدي إلي إنتقاص من قدرات الشعب لمسايرة غلاء الأسعار الغير متوائم مع الدخول , مما يمثل معه زيادة في الوعي الضاغط علي مصالح الشعب المأزوم , يؤدي في نهاية المطاف لرفض سلطة الحكم , ويكون بمثابة رديف إجتماعي متحول بلا إرادة جمعية , ليصب في التخديم علي أهداف الإخوان التي هي بمثابة اللاعب الأساسي في مواجهة سلطة الحكم الأن , ويؤدي ذلك إلي التخوف من زيادة رقع التوترات الإجتماعية لتقترب من بعضها في أهداف معيشية وحياتية واحدة , وفي هذه الحالة سيكون الغضب الشعبي متزايد ويصب في التخديم علي أهداف الإخوان ضد الدولة , وفي هذه الحالة من الصعب السيطرة علي الوضع الإجتماعي المتفجر لتزداد الحدة الأمنية المواجهة , ويتم تفعيل فقه الدم من جانب الإخوان علي نطاق واسع في الثأر من السلطة والمجتمع , وتحدث تفجيرات واسعة النطاق في المنشآت الحيوية والحساسة , وتفقد الدولة المركزية سيطرتها علي الوضع الأمني , وترتفع مؤشرات الخراب العام , ليظل تنظيم الإخوان هو التنظيم المركزي المنظم في مواجهة فلول الدولة والنظام المنحاز للدولة المركزية وأتباعها من المنتفعين بالفساد العاد الناتج عن استبداد وطغيان الدولة المركزية .
5
المشهد العام سيكون مأساوياً في المستقبل الذي يصعب تحديد قراءته بدقة وانسياب لغياب الملامح لوجه المجتمع والدولة .
يظل عداء اللاعب الآخر في ملعب السياسة المصرية والمجتمع المصري يكن العداء الكامل لشخصية عبد الفتاح السيسي الذي طرد الإخوان من الملعب السياسي شر طردة في انتصار_ حسب زعم العديد من المشاهدين للمباراة_ للدولة والمجتمع المصري , مما غير بوصلة الغالبية المنحازة للدولة في التوجه إلي الميادين خروجاً علي إرادة الإخوان ممثلة في شخص محمد مرسي عيسي العياط , الرئيس المخطوف من مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين , وتنظيمهم القٌطري والدولي , والذي تم إعادة إختطافه مرة أخري من جانب سلطات الدولة المصرية ذاتها والتي كان علي رأس الحكم والسلطة فيها الرئيس المخطوف محمد مرسي عيسي العياط , ليتم إعادة إنتاج ثورة 30 يونية , وحسب رؤية البعض في الإنتصار لمفاهيم الدولة والمجتمع , ولكن حسب رؤية آخرين ثورة30 يونية تمثل ردة لمفاهيم الدولة والمجتمع التي ارادتها ثورة 25 يناير 2011 , بخروجها علي مفاهيم العيش والحرية والكرامة الإنسانية , عبر الإحتكام لمنظومة مبارك الأب في الحكم والسلطة وبسياسات تكاد تكون متشابهة ومتكاملة في الرؤية والتصور , وهذا مايؤكده البعض في استمرار واستمراء العقيدة الأمنية المباركية والتي تتعامل بشدة وضراوة مع المجتمع , وكأن دروس 25 يناير صارت بمبعد عن الزكري وصارت في طي النسيان أو تم حذفها من ذاكرة الوعي الإجتماعي بشقيه الشعبوي والنخبوي .
6
مايحدث في سيناء بمثابة تضحيات مجانية ارتبطت بتغييب الإقتصاد المجاني القائم علي التهريب بين الأنفاق التي كانت تمثل حسب الأعداد المعلن عن تدميرها بمثابة حدود تحت الأرض موازية للحدود أعلي الأرض , وكانت هذه الحدود التحتية تمثل تجارات بينية بين حدود مصر وحدود غزة وأحياناً الدولة العبرية , لينتج عن هذه التبادلات إقتصاد رائج قائم علي معادلات التهريب وفروق الأسعار بين الحدود , ولما قدم محمد مرسي عيسي العياط بـتأييد من جماعة الإخوان عبر تنظيمها القُطري والدولي , صارت الحدود الفوقية متساوية مع الحدود التحتية , بين مصر وغزة والدولة العبرية , ليتم تعظيم دور تنظيم حماس في المسألة وتصير رديف عسكري لجماعة الإخوان , وتأتي الأزمة الليبية بتعاظم دور ثورتها وتعم الفوضي الدولة الليبية لتصير مخازن السلاح والزخيرة نهب مشاع للعصابات الدينية في ليببيا وتستفيد حماس من تلك الأسلحة والزخائر بالمجان عبر وسطائها في الدولة الليبية , مماصار معه الأمر يهدد الأمن القومي المصري , فكان لزاماً من ردم الحدود التحتية , وكانت هذه هي الكارثة للدولة ولأهل سيناء والتي نتجت عن الصراعات بين الدولة وبين أهل سيناء وغيرهم من المهربين الذين تم سد منافذ التهريب في وجوههم لتتحول حياتهم إلي مأساة , ولأن طبيعة سيناء لاتقبل بغير التحدي , فإما الموت أو الحياة حسب الطبيعة وندرة الموارد التي شاركت في صناعتها الدولة المصرية , ومن ثم تم إجلاء أهل سيناء من الشريط الحدودي الموازي لغزة , بزعم وقف عمليات التهريب ومطاردة الإرهابيين , وهذا ليس هو بيت القصيد , ولكن شركاء الأمس في التهريب صاروا يمثلون خطورة علي الدولة , وتم إنتاج مسلسل مكافحة الإرهاب !
7
ليس ببعيد عن الأذهان ملف الجزائر , فيما تم التعارف علية بالجزأرة , وأري أن هناك العديد من الملابسات التي تساعد في جزأرة الصراع الدموي بين الجماعات الدينية وبين الدولة والمجتمع , فقد استمر الصراع الدموي في الجزائر لما يزيد عن عقد ونصف بين كر وفر وقتلي ودماء وجراح وحرائق وتفجيرات , ولذلك فإن دراسة الملف الجزائري الخاص بمقاومة الإرهاب أمر هام للتعرف علي الأمور التي تعيش داخل ثنايا التفصيلات التي فككتها الدولة الجزائرية لتعود عودة حميدة إلي التنمية والعمل والإنتاج وتحقق فائض في ميزان المدفوعات تتحدي به أزمات الواقع و المستقبل القريب .
وما تصنعه الدولة المصرية عبرأجهزتها الأمنية يمثل فشل زريع في كيفية مجابهة الإرهاب أو الوصول لحلول أمنية أو سياسية أو حتي حلول إجتماعية , ولكن التعامل بقسوة عبر عقيدة أمنية صنعت من المواطنين أعداء , يمثل خلل أمني / إجتماعي في هذه العقيدة التي بنيت علي التلفيق والنظر إلي جميع المواطنين علي أنهم متهمين حتي يثبت العكس , في حالات ناكرة ومنكرة للدستور والقوانين التي تنظم العلاقة بين المواطنين , وبينهم وبين الدولة !
والصورة التي لانريد أن نراها أن تتفاقم الخلافات والإختلافات حول الدولة ومفهومها للحريات والكرامة والعدالة والمساواة وتكافوء الفرص عبر منظومة المواطنة والمساواة في المواطنة , حتي لايقع المجتمع / الشعب تحت طائلة الضغوط الإجتماعية / الإقتصادية التي تجعله يفقد معاني المواطنة والولاء أمام التكاليف المعيشية الباهظة والتي تجعله يكفر بالوطن والنشيد والعلم .
8
المشهد المصري مازال واقعاً تحت تأثيرات داخلية من جماعات الضغط الدينية بصفة خاصة , ومن بعض النخب والمثقفين الموالين للدولة منذ 30 يونية وحتي الأن , ولكن صار دورهم يكاد يكون منعدماً أمام سقطات الدولة المصرية في مواجهة المشاكل الإجتماعية المتراكمة والتي بنيت حلولها علي الإستجداء الخارجي , وكأن الشعب المصري عالة علي بعض الدولة العربية , مما يؤثر ذلك بالسلب علي الكرامة الوطنية , وكان يلزم علي الدولة المصرية أن تحشد الملايين عبر مشروعات قومية جبارة كإستصلاح 5 مليون فدان وزراعتها , والإنتقال لسكني هذه المساحات وتوفير كافة سبل الحياة الإنسانية الملائمة في هذه المجتمعات الجديدة , والإبتعاد مؤقتاُ عن ثقافة الأسمنت والغابات الخرسانية التي تشيدها الدولة وتقوم بإعادة توزيعها علي غير المستحقين في عملية إتجار وسمسرة بين مسؤلي الدولة وبين بعض المواطنين .
9
ومازال البعض يؤسس لرؤاه المتهاترة والمتخاذلة في آن واحد علي زعم أن الضغوط الإجتماعية من الممكن أن تؤسس لثورة ناجزة بأهداف ومطالب الحرية والعدالة والمواطنة والمساوة في المواطنة وتكافوء الفرص , وهذا حسب رؤية آخرين بمثابة حلم وردي متوهم , وغير متوائم مع طبيعة الدولة المركزية الإستبدادية التي تعتاش علي الطغيان ودوائر الفساد عبر منظومات الموالاة في الدوائر الحكومية وعبر دوائر صناع القرار , إذ يؤسس آخرين رؤاهم علي أسوء الفرضيات في حالة بلوغ الأزمة ذروتها سيتم التضحية بشخص عبد الفتاح السيسي وبعض دوائر الموالاة المقربة منه والتي صنعها في فترة وجوده في مؤسسة الرئاسة , ويتم الإطاحة به , والإتيان بشخص آخر من داخل مؤسسة الدولة المركزية , منعاً للنزيف الإجتماعي أو التخفيف من حدته , ليستمر مسلسل حكم الدولة المركزية المعطلة للتنمية والحريات والديمقراطية وحتي مفاهيم السلم والأمن الإجتماعي .
ويظل المشهد المصري مرتبكاً ومستمر في عرضه للتضحيات المجانية عبر أدوات الصراع بين الدولة وبين جماعة الإخوان والجماعات والتيارات الموالية لها , في حالات تغيبية للمواطنة والمساواة في المواطنة وتكافوء الفرص , عبر إعادة إنتاج مفاهيم الدفاع عن الدين أو الوطن , والمتخاصمة مع العقل والأخلاق , وبصفة عامة الكارهة واللاعنة للإنسان في إحيان كثيرة , والقاتلة له في بعض الأحيان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج