الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال الحداثة : مستوياته .. والتفكير التقليدي

فيصل قرقطي

2005 / 10 / 3
الادب والفن


غالبا ما يهرب الفكر العربي من الإجابة عن أسئلة تتعلق بالقضايا الحاسمة والمصيرية والدقيقة، مثل الحداثة وما بعد الحداثة، والعولمة.. الخ وكذلك ينطوي فكرنا العربي، في معظم الأحيان، على موقف مسبق حيال هذه القضايا.
لذلك يتمترس وعينا، دائما، خلف إجابات جاهزة تستفحل في الوقوف وراء موقف ضدي حيال هذه القضايا، وهي قضايا دخلت الساعة التي تعيش، خصوصا هذه الأيام.
فسؤال الحداثة الذي يشي على البحث عن المخزون المعرفي والثقافي عموما.. ذاك المخزون الذي يضم الإرث الديني والأخلاقي في منظومات ثقافية عربية أصيلة.
فلو تأملنا في سؤال الحداثة لوجدنا أننا نهرب منه.. ونقاربه، رغم أننا نتمترس في قلب تفاصيله المعاشة. ونتحاشى الخوض في نقاشها.. رغم أن هناك قناعة باتت واضحة للجميع تتلخص في أنه لا مفر من مواجهة الحداثة وسؤالها الواسع المنفتح على كل الاحتمالات.
وحتى يتسنى لنا معرفة سؤال الحداثة.. لا بد لنا، بداية، من تحديد مشروع الحداثة مستندين هنا إلى "هابرماس" الذي حدده على النحو التالي: "إن مشروع الحداثة، الذي صاغه فلاسفة الأنوار في القرن الثامن عشر يقوم على تطوير العلوم المضفية للموضوع، والأسس الكونية للأخلاق والقانون. وأخيرا الفن المستقل، لكن أيضا على تحرير مواز للقدرات المعرفية من أشكالها النبيلة والغربية لتجلعلها قابلة للإستعمال من طرف الممارسة. وذلك من أجل تحويل عقلاني لظروف الوجود.
ويذهب لوي ديمون إلى تحديد السمات المميزة للحداثة حاصرا إياها في النقاط التالية:
• التشكيلية الفردانية (مقابل حلولية الفرد في الجماعة)
• أولوية العلاقات مع الأشياء (مقابل أولوية العلاقات بين البشر
• التمييز المطلق بين الذات والموضوع (مقابل نوع التمييز النسبي فقط، بل العائم سابقا).
• فصل القيم عن الوقائع والأفكار (مقابل عدم التمييز بينها أو الخلط الواسع بينها)
• تقسيم المعرفة إلى مستويات (فروع معرفية) مستقلة. متناظرة ومتجانسة.
• وكي يتضح مفهوم الحداثة أكثر، وسؤالها الإبداعي، لا بد أن نمر على مستوياتها الثلاثة كما حددها "دانيال هيرفيو ليجي" على اعتبار أن مفهوم الحداثة المتكون تدريجيا من خلال سيرورة تاريخية طويلة يحمل في نفسه تعقيد التقلبات، وهي تقنية واقتصادية وقانونية وسياسية وحالة نفسية.
• على المستوى التقني الاقتصادي، وهو الذي تحدد الحداثة من خلاله البحث المنتظم للإنتاجية، أي بمعنى آخر "تنظيم الإنتاج عقلانيا"
• على المستوى القانوي السياسي، وهو الذي يمثل حيز الفصل بين دائرة الحياة الخاصة ودائرة الحياة العامة، حيث ممارسة التفكير العقلاني بشكل حر، وهذا الأمر يحدده كانط. على أنه "تأمين شروط الممارسة لمفهوم السياسة الحديثة
• المستوى الثالث ظهور "حداثة فلسفية" يحددها كانط "بفصل الذات عن الموضوع" في حين يرى جان بودريار أن "العصر الحديث إذا ما قيس مع التوافق السحري والديني والرمزي للمجتمع التقليدي يتميز بظهور الفرد بوعيه المستقل، ونفسيته ونزاعاته الشخصية، ومصلحته الخاصة".
إذاً في حيز الحداثة، وسؤالها الإبداعي يتشابك الشخصي والحرية الفردية مع الديني والسياسي، من جهة أخرى، وبالتالي تجد الأفكار والمنظومات المعرفية والثقافية مناخ التلاقح فيما بينها على أساس الصمود أمام الزمن.
وهذا التشابك الحاصل عندنا عربيا يتجذر ليصل إلى عنوان المعادلة التي تصل الآن إلى حدودها القصوى في التناقض الماثل بين التقليدية والحداثة _ أو التطور الحضاري – حيال كافة القضايا الثقافية والاجتماعية والسياسية والإبداعية المطروحة.
ورغم اشتغال حركة النقد العربي في طروحات الحداثة، إلا أن أصحاب النهج التقليدي والقائمين عليه ما زالوا يتمترسون وراء الحجب والسواتر افسمنتية أمام كل دعوى حداثية.. منطلقين من فهم خاطئ للحداثة على اعتبار أنها تشكل قضية مع التراث.. وهذا غير صحيح تماما إذ أن الحداثة صحيح أنها تشكل قطيعة مع التراث، أو أنها حركة انفصال عن التراث والماضي، ولكن لا لنبذه، وإنما لاحتوائه وتلوينه وغدماجه في مخاضها المتجدد.. وهي كذلك اتصال وانفصال، أستمرار وقطيعة، استمرار تحويلي لمعطيات الماضي وقطعية استدماجية له. هذا الانفصال والاتصال تمارسه الحاداثهة حتى على نفسها.
وما موجة تكفير المبدعين من شعراء وروائيين وفنانين، منذ طه حسين، مرورا بنصر حامد أبو زيد وحيدر حيدر، د. موسى حوامدة ومرسيل خليفة..الخ. ما هذه الموجة إلا التعبير الصادق والأمين للنهج التقليدي الذي يسعى إلى تحجيم الفكر والثقافة والحجر عليهما في بوتقة الشريعة الدينية ساحبا من تحتها بساط أي اجتهاد في كافة المجالات الإبداعية أو التفسيرية الأخرى.
الآن أعود لطرح السؤال.. سؤال الحداثة، إلى أي مدى يحق لنا التفاعل مع سؤال الحداثة عبر الخطاب اليومي المعاش في كافة القضايا والمجالات.. على اعتبار أنها (أي الحداثة) قراءة لفعل قائم والبناء عليها أو تطويره من الداخل أو إعادة قراءته (التراث التقليدي) على نحو جديد ومحاولة الاجتهاد في التأويل لصالح النص والحقيقة والمعرفة، على نحو يجاري الزمن الماثل، وكذلك الاستفادة من المعطيات التراثية الفكرية التقليدية للانطلاق إلى فضاءات اشمل .. وأوسع.. وأعم .. ومن ثم الاستفادة من كافة التطورات الحاصلة في كافة العلوم والمجالات، وكذلك الثورة العلمية والتكنولوجية العالمية، وتطور المناهج والدراسات النقدية والفلسفية والاجتماعية.. وكذلك الإفادة من علوم اللسانيات والاجتماع، التي إذا ما صهرنا خبراتنا فيها فإننا لا نستطيع فهم واقعنا ولا ماضينا ولا حتى مستقبلنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي