الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضد البرلمانية-العلم الاحمر-

الديمقراطية الجديدة( النشرة الشهرية)

2015 / 5 / 29
الارشيف الماركسي


ان فكرة " الطريق البرلماني " التي روج لها محرفو الأممية الثانية قد دحضها لينين دحضا تاما وأصبحت عديمة الاعتبار منذ مدة طويلة . الا أن الطريق البرلماني في نظر خروشوف يبدو كأنما فجأة أصبح ساري المفعول بعد الحرب العالمية الثانية . فهل يتفق ذلك مع الواقع ؟ كلا بالطبع .
لقد أوضحت الأحداث منذ الحرب العالمية الثانية مرة بعد أخرى أن العنصر الأساسي في جهاز الدولة البرجوازي هو القوة المسلحة لا البرلمان . وما البرلمان سوى حلية وستار للحكم البرجوازي . والخيار بين النظام البرلماني أو عدمه ، واعطاء البرلمان سلطة أعظم أم أقل ، واستخدام قانون انتخابي أو آخر ، دائما ما تمليه حاجيات الحكم البرجوازي ومصالحه . وطالما كانت البرجوازية تسيطر على الجهاز العسكري البيرقراطي ، اما أن يكون احراز البروليتاريا " أغلبية لا تتزعزع في البرلمان " عن طريق الانتخابات أمرا مستحيلا واما أن تكون هذه " الأغلبية التي لا تتزعزع " أغلبية لا يعتمد عليها . أما تحقيق الاشتراكية بواسطة " الطريق البرلماني " فهو أمر مستحيل تماما ولا يعدو أن يكون قولا أكثر خداعا .
ان حوالي نصف الأحزاب الشيوعية في الأقطار الرأسمالية مازالت أحزابا غير شرعية في نظر القانون وطالما كانت هذه الأحزاب تفقد المركز الشرعي فان مسألة كسب أغلبية برلمانية تصبح بالطبع امرا خارجا عن الموضوع
ان الحزب الشيوعي الاسباني ، على سبيل المثال ، يعيش في ظل الارهاب الأبيض وما من فرصة يخوض فيها الانتخابات . ومن السخافة والأمور المفجعة أن يظلع قادة شيوعيون اسبانيون من أمثال إباروري وراء خروشوف داعين معه الى ممارسة "الانتقال السلمي" في اسبانيا .
ومع بقاء كل الحظر الجائر الذي تفرضه القوانين الانتخابية البرجوازية في تلك الاقطار الرأسمالية حيث الأحزاب الشيوعية أحزاب شرعية في نظر القانون ويمكنها أن تساهم في الانتخابات ، يصعب جدا عليها أن تكسب أغلبية الاصوات في ظل الحكم البرجوازي . وحتى اذا حصلت على أغلبية الأصوات ، يمكن للبرجوازية أن تحول بين الشيوعيين وبين الحصول على أغلبية المقاعد في البرلمان وذلك بتعديل القوانين الانتخابية أو بغير ذلك من الطرق .
لقد لجأ الرأسماليون الاحتكاريون الفرنسيون ، على سبيل المثال ، مرتين منذ الحرب العالمية الثانية الى تعديل القانون الانتخابي مما نتج عنه في كلا الحالتين انخفاض شديد في عدد المقاعد البرلمانية التي في يد الحزب الشيوعي الفرنسي . ففي الانتخابات البرلمانية في عام 1946 ، كسب الحزب الشيوعي الفرنسي 182 مقعدا ، ولكن كانت نتيجة تعديل الرأسماليين الاحتكاريين لقانون الانتخابات في الانتخابات البرلمانية عام 1951 هي انخفاض عدد مقاعد الحزب الشيوعي الفرنسي الى 103 مقاعد ، أي أن الخسارة كانت 79 مقعدا . وفي انتخابات عام 1956 ، كسب الحزب الشيوعي الفرنسي 150 مقعدا ، ولكن قبل اجراء الانتخابات البرلمانية في عام 1958 ، عدل الرأسماليون الاحتكاريون قانون الانتخابات مرة أخرى مما نتج عنه انحدار فظيع في عدد مقاعد الحزب الشيوعي الفرنسي الى عشرة مقاعد ، أي بخسارة 140 مقعدا .
وحتى اذا كسب حزب شيوعي ما في ظروف معينة اغلبية المقاعد البرلمانية او اشترك في الحكومة نتيجة انتصار انتخابي ، سوف لا يستطيع تغيير طبيعة البرلمان البرجوازية أو طبيعة الحكومة البرجوازية ، ناهيك عن تحطيم جهاز الدولة القديم وبناء جهاز جديد . من المستحيل تماما احداث تغيير اجتماعي اساسي بالاعتماد على البرلمانات أو الحكومات البرجوازية . وبمقدور البرجوازية الرجعية التي تسيطر على جهاز الدولة ان تعلن بطلان الانتخابات ، وتحل البرلمان ، وتبعد الشيوعيين من الحكومة ، وتعلن عدم شرعية الحزب الشيوعي ، وتلجأ الى القوة الغاشمة لكبت الجماهير والقوى التقدمية .
وفي عام 1946 ، على سبيل المثال ، أيد الحزب الشيوعي في شيلي الحزب الراديكالي البرجوازي فكسب الأخير انتصارا انتخابيا وتشكلت حكومة ائتلافية بمساهمة الشيوعيين . وفي ذلك الوقت ، تمادى قادة الحزب الشيوعي في شيلي الى حد وصف هذه الحكومة التي كانت تسيطر عليها البرجوازية بأنها "حكومة ديمقراطية شعبية " . ولكن البرجوازيين أجبروهم في أقل من عام واحد على ترك الحكومة ، واعتقلوا الشيوعيين بالجملة ، وجعلوا الحزب الشيوعي خارجا على القانون في عام 1948 .
عندما ينحط حزب عمالي فيصبح عميلا للبرجوازية ، قد تسمح له البرجوازية باحراز أغلبية في البرلمان وبتكوين الحكومة . وهذا هو الحال مع الأحزاب الاشتراكية – الديمقراطية البرجوازية في أقطار معينة . الا أن هذا لا يخدم الا في صيانة وتدعيم ديكتاتورية البرجوازية ، وليس بمقدوره أبدا ، ولو بأقل درجة كانت ، تبديل مركز البروليتاريا التي هي طبقة مضطَهدة ومستغَلة . ان حقائق مثل هذه تقدم مزيدا من الشواهد على افلاس الطريق البرلماني .
كما اوضحت الحقائق التاريخية أيضا منذ الحرب العالمية الثانية أن القادة الشيوعيين ، اذا آمنوا بالطريق البرلماني ووقعوا فريسة المرض العضال ل " هوس البرلمانية " ، سوف لا يصبحون خلاة الوفاض وحسب ، بل سيغرقون حتما في مستنقع التحريفية ويخربون بذلك القضية الثورية للبروليتاريا .
ودائما ما كان راي الماركسيين اللينينيين من جانب والانتهازيين والمحرفين من الجانب الآخر حول الموقف الملائم الذي يجب اتخاذه تجاه البرلمانات البرجوازية .
ودائما ما كان رأي الماركسيين اللينينيين أنه ينبغي للحزب البروليتاري في ظروف معينة أن يساهم في النضال البرلماني وأن يستخدم منبر البرلمان لكشف الطبيعة الرجعية للبرجوازية ولتعليم الجماهير مما يساعده على حشد القوى الثورية . ومن الخطأ رفض الافادة من هذا النوع القانوني من النضال عندما تدعو الحاجة الى ذلك . ولكن لا يجب أبدا على الحزب البروليتاري أن يجعل النضال البرلماني عوضا عن الثورة البروليتارية وبديلا لها ، أو تراوده الأحلام بأن الانتقال الى الاشتراكية يمكن تحقيقه بواسطة الطريق البرلماني . وعليه أن يركز الانتباه طوال الوقت على النضالات الجماهيرية .
قال لينين : "على حزب البروليتاريا الثورية أن يساهم في الشؤون البرلمانية البرجوازية بغرض توعية الجماهير هذه التوعية التي يمكن حدوثها أثناء الانتخابات وفي الصراع بين الأحزاب في البرلمان . الا أن قصر الصراع الطبقي على الصراع البرلماني أو اعتبار الصراع البرلماني أرقى أشكال النضال وأحسمها مما يجعل جميع أشكال النضال الأخرى وقفا على الصراع البرلماني ، معناه بالفعل الهروب الى جانب البرجوازية والسير ضد البروليتاريا." (انتخابات المجلس التأسيسي وديكتاتورية البروليتاريا) ، مجموعة المؤلفات الكاملة ، المجلد 30)
واستنكر لينين محرفي الأممية الثانية لمطاردتهم ظل البرلمانية وتخليهم عن المهمة الثورية مهمة الاستيلاء على سلطة الدولة ، لأنهم حولوا الحزب البروليتاري الى حزب انتخابي ، الى حزب برلماني ، حزب ملحق بالبرجوازية وأداة للحفاظ على ديكتاتورية البرجوازية . ان خروشوف وأتباعه الذين يدعون الآن الى الطريق البرلماني لا ينتظرهم سوى نفس المصير الذي واجهه محرفو الأممية الثانية


(20 مارس 1964 – العلم الاحمر)
النسخ : الديمقراطية الجديدة(النشرة الشهرية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر


.. عبد الحميد أمين ناشط سياسي و نقابي بنقابة الاتحاد المغربي لل




.. ما حقيقة فيديو صراخ روبرت دي نيرو في وجه متظاهرين داعمين للف


.. فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر




.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي