الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منزلنا الريفي (84)

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2015 / 5 / 30
الادب والفن


ضاية البرواكة

تحت الأشجار الوارفة لغابة (الدافع)، وعلى إيقاع نقيق الضفادع الذي اقتحم صمت المكان، لاحت ضاية البرواكة التي عمها لون أحمر، إنه لون نبتة (الحميضة) الذي استوطن الضاية، وكلما اقترب المرء نحو الضاية مغادرا الغابة إلا وتراءت حوافر الأبقار، وغير بعيد عنها تبدى بط يتراقص ويتماوج ويتزاوج هناك، بينما في السماء حلقت قبرات إيذانا بزوال الربيع، أما طائر النغاف الذي امتطى مؤخرة الأبقار، فغادر الضاية مع أفول الشمس في السماء، لست أدري ما الذي قادني إلى هناك ؟ كنت أحمل في يدي كتابا، ولكن المنظر أذهلني حتى وجدت نفسي على مشارف الضاية، وبعد برهة التحقت بثلة من الشباب يخوضون مباراة في كرة القدم.
****
ما هو البرواك ؟
هو نبتة خضراء اللون تنتج عصا طويلة يسميها الكرزازيون (بالعاصي) أو (الزلاط)، وتستعمل هذه العصا في إنتاج حواجز تدعى (الخصاص) أثناء بناء الخيام خلال فصل (العزيب) النجوع (الصيف)، أما جذور هذه النبتة فتدعى (بلالوز) وهي شبيهة بالبطاطس، تحكي الرواية الشفهية المحلية أنه تم أكلها خلال الجفاف الذي ضرب المنطقة عقب الحرب العالمية الثانية.
****
ما هي الضاية ؟
بركة مائية تضم نباتات وحيوانات من كل الأصناف، فهي تحوي (الحميضة، والبرواك والبط والبقر، والضفادع...)، وخلال الصيف تتبخر المياه وتبقى حوافر الأبقار، فيشيد الشباب ملعبا لكرة القدم .
****
يقول مصطفى :
(نحن من اشترينا الكرة، وهذه المرمى التي تطفو أمامك، أعمدتها أخذناها من الغابة، أما أرضية الملعب فهي لا تصلح بتاتا لإجراء مباراة في كرة القدم، نحن بأمس الحاجة إلى أرضية معشوشبة نفرغ فيها مواهبنا وطاقاتنا، لدينا فريق متمرس، وتواقون إلى تشكيل فريق محلي كرزازي ينافس لم لا في البطولة الوطنية، لكن السلطة المحلية لا تفكر في الشباب، بل ترى فيهم أصواتا انتخابية، ينبغي أن تعلم يا صديقي أن أجيالا مرت عبر هذه الضاية، واحترقت طاقاتها وتلاشت، إن الأمر يتعلق بموت الإنسان القروي، فكل الموتى الذين يرقدون في المقبرة كانوا طاقات ومواهب، غير أنهم ماتوا، وها نحن نموت مثلما ماتوا، لكن ما أخطر أن تموت وأنت حي، إنني أحسد ذلك البط الذي يعانق الحياة، وأتوق إلى حياة النغاف الذي يهيم محلقا في غياهب السماء، إن الحياة هناك أفضل حالا من أن تعيش مهملا، حتى كرة محشوة بالهواء لا تعثر عليها، فحينما لا أجد ما يداعب رجلاي أشعر بالفراغ والضياع حد الموت، لأنني وحيد والكرة هي أنيسي. ألا بئس السلطة والمخزن والضياع.)
****
قالت الضاية :
(تزورني الضفادع وترحل، ينشدني البط ويرحل، تدوسني الأبقار وترحل، وعلى بطني يداعب الشباب الكرة، هؤلاء من أراهن عليهم، وسيرسمون وجهي إلى الأبد.)
قلت أنا : (قلمي هو ثورتي، هو ناري المشتعلة في اليباب البائر، هو الأفق المجترح على نافذة الأحلام.)
قال النغاف : (عاشرت كل الحيوانات وبقي الإنسان هو لغزي.)
قال الشباب : ( يوما ما سنولد، وضاية البرواكة هي رحمنا.)

عبد الله عنتار/ 29 ماي - آيار2015 / بنسليمان - المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غادة عبد الرازق: الساحة الفنية المصرية لم تعد بنفس قوة الماض


.. الفنان درويش صيرفي.. ضيف صباح العربية




.. -بحب الاستعراض من صغري-.. غادة عبد الرازق تتحدث عن تجربتها ف


.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف




.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال